خجلان في البرلمان؟!

لأنها مجالس تشريع حقيقية، فهناك لا تجتمع العشيرة لتدحبر مناسف ومن ثم تُجمع على من منسفه أزكى طعما وأكثر لحما ولبنيته أكثر جميدا، بل الإجماع يتم على من برنامجه أكثر إقناعا وأسهل تطبيقا وخطته أقرب للتنفيذ. اضافة اعلان
لذلك إن سأل ابو الجميد أولم يسأل، وإن استجوب او لم يستجوب، وإن منح الثقة أو لم يمنح، فلا أحد يستطيع محاسبته، فعند الترشح مرة أخرى المنسف يجبّ ما قبله!
بينما عندهم من لم يَسأل سيُسأل، ومن لم يَستجوب سيُستجوب، ومن منح الثقة لغير أهلها ستحجب عنه الثقة، فعند الترشح مرة أخرى لا يوجد برجر يجبّ ماقبله!
كل شيء له دواء إلا الهبل، فقد استقال وزير بريطاني والسبب ليس تورطه بقضية فساد، أو شبهة تزوير، أو تقصير بعمله، استقال الوزيرلأنه تأخر عن جلسة السلطة التشريعية في بريطانيا لعدة دقائق فقط وكان هناك سؤال نيابي موجها له ولم يتمكن من الإجابة المباشرة عنه.
حين اكتشف أن المجلس قد ناقش السؤال بغيابه قال: خلال خمس سنوات  كان لي الشرف فيها أن أجيب عن أسئلة باسم الحكومة، لطالما اعتقدت أنه علينا تقديم أعلى معايير الاحترام عند الرد باسم الحكومة على أسئلة السلطة التشريعية .. أخجل من عدم وجودي في مكاني وقت طرح السؤال لأجيب عنه ولهذا أعلن استقالتي الفورية.
لا أدري إن كانت أم هذا الوزير أنجبت غيره، يستقيل لأنه تأخر عن حضور الجلسة لعدة دقائق، بينما في بلادنا برامج الإصلاح المالي والسياسي تأخرت لعقود والوزير المسؤول إما في الحكومة أو مكرم في الأعيان.
لأنها مجالس ليس فيها من يفشّ الغل، كان للوزير الشرف بأن يجيب عن الأسئلة الموجهة للحكومة، بينما وزيرنا مع فشة الغل يشعر بالقرف كلما تم سؤاله عن اتفاقية الغاز الموقعة مع الكيان الصهيوني.
له الشرف لأن الأسئلة عن صميم عمله، وعن إنجازاته، وعن خططه، ولنا نحن القرف لأن الأسئلة  متى ستفتح التعيين، ومتى يجهز الإعفاء ، ومتى تطرح عطاء التزفيت؟!
عليه تقديم أعلى معايير الاحترام عند الرد باسم الحكومة على أسئلة السلطة التشريعية، وعندنا عليه الانتظار حتى تنتهي البوكسات أو يكتمل النصاب  ليتمكن من الرد على أسئلة النواب!
الأخ خجلان لأنه لم يتواجد في مكانه لدقائق وقت طرح السؤال ليجيب عنه، بينما لدينا وزراء في مكانهم منذ سنوات ولم يخجلوا بعد من أرقام العجز والمديونية والبطالة المتفاقمة وليس عندهم إجابة إلا على السلع والمواد المنوي رفعها!
شعر بالخجل لأنه لم يعين لهم ابنا، ولم ينقل لهم مراسلا، ولم يأمر لهم بخط صرف صحي، شعر بالخجل لأنه لم يدحبر معهم فكانت العلاقة مبنية على المناكفة والمحاسبة لا على تقديم المناسف ونهم الخرفان المحشية، شعر بالخجل لأنه سمع بالمثل القائل: مَنْ تعرف رأس ماله طخه، وهؤلاء رأس مالهم الوطن ومستقبل أجياله لذلك لا قدرة له بتجاهلهم أو عدم الإجابة عن أسئلتهم.  
لا عطاءات معهم، ولا تنفيعات لذويهم، ولا مغلفات لجيوبهم، ولا إعفاءات لمصالحهم، ولا عزائم لتنتفخ كروشهم، لذلك يخجل الوزير من سلطتهم ويجلس مسرعا للأجابة عن أسئلتهم، بينما لا يزال البعض يشكو من لطعهم وجلوسهم لساعات في مكاتب السكرتيرات، فمن شدة خجل الوزير من سلطتهم فهو دائما في اجتماع مع غيرهم!