خطة ميركل وماكرون للإنعاش الاقتصادي الأوروبي

توصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى خطة إنعاش اقتصادي ضخمة لمساعدة التكتل على التعامل مع تداعيات فيروس كورونا المستجد بقيمة 1.8 ترليون يورو، وذلك بعد ماراثون من المناقشات المريرة امتد لحوالي 90 ساعة من المفاوضات، من السابع عشر وحتى العشرين من هذا الشهر، والاتفاق يشتمل على ميزانية بقيمة تجاوزت ترليون يورو للفترة 2021-2027 توزع على 150 مليار يورو في السنة، وخطة إنعاش قدرها 750 مليار يورو. وستكمل خطة الانعاش هذه حزمة التعافي غير المسبوقة التي وفرها البنك المركزي الأوروبي بقيمة 1.35 تريلون يورو خلال الأشهر الثلاثة الماضية. حيث سيقوم الاتحاد الاوروبي باقتراض مبلغ 750 مليار يورو ليتم توزيعه على الدول الاعضاء على شكل منح بقيمة 390 مليار يورو للدول الأعضاء الأكثر تضررا من الوباء مثل إيطاليا وإسبانيا، وقروض منخفضة الفائدة بقيمة 360 مليار يورو لأعضاء الكتلة الاوروبية لمواجهة تأثير الوباء على اقتصادات دول الكتلة. وقد شهدت المحادثات انشقاقا بين الدول الأكثر تضررا من الفيروس والأعضاء الذين كانوا قلقين بشأن التكاليف، ويعد هذا الاقتراض هو أكبر اقتراض مشترك وافق عليه الاتحاد الأوروبي على الإطلاق للنهوض الاقتصادي لدول الاتحاد الاوروبي في مرحلة ما بعد جائحة كورونا. وقد كان صندوق الانعاش في الأصل قد حدد مبلغ 500 مليار يورو ليتم تسليمها كمنح إلى الدول الأكثر تضررا من الناحية الاقتصادية من وباء كورونا و250 مليار يورو على شكل قروض، والتي تم دعمها ودفعها بتحالف فرنسي ألماني وثيق، الى أن تم تعديله بالشكل الذي ذكرناه سابقا. الرئيس الفرنسي الشاب ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية ميركل قادا المشهد طوال الساعات التسعين التي جمعت قادة دول الاتحاد، حيث استطاعا اقناع الدول الشمالية للاتحاد بضرورة المشاركة في آلية الاقتراض المشترك لإنقاذ الاتحاد الأوروبي وتفويت فرصة قوية كان ينتظرها مراقبون كادت تؤدي الى انهيار الاتحاد، وخاصة بعد ما تخلى الاتحاد عن بعض اعضائه مثل ايطاليا واسبانيا في بداية أزمة كورونا. ويأتي هذا الاتفاق بعد أن تسلمت ألمانيا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في بداية هذا الشهر لمدة ستة أشهر. الدول الشمالية وافقت على الخطة بعد تعديل مبلغ المنح من 500 مليار الى 390 مليار وربط الخطة بمعايير بيئية وإقرار آلية تربط الوصول لتلك الأموال بالامتثال إلى أسس «دولة القانون» وفق تشريعات الاتحاد الأوروبي. لا شك أن هذا الاتفاق تاريخي ومهم لدول الاتحاد وقد منع انهيارا كان متوقعا لهذا التكتل بعد انسحاب بريطانيا منه وبعد تفشي وباء كورونا في دوله كالنار في الهشيم. ان المؤمنين في أوروبا الموحدة سياسيا نجحوا في تطبيق مبدأ التكامل المالي لسد الثغرة المتبقية عندما تم تشكيل اتحاد العملة في أوروبا في العام 1999، ومغزاه أن على الاتحاد الاوروبي وأعضائه الاقوياء والمليئين ماليا أن يتحملوا أعباء الدول الاعضاء الاكثر ضعفا. ولكن السؤال الذي يمكن طرحه الان هو، «هل ستتمكن خطة الانعاش الاقتصادي هذه من خلق نظام دائم وكامل للديون المتبادلة؟»، نطرح هذا السؤال ونتركه لتجيب عليه الايام والسنوات المقبلة.اضافة اعلان