خطة نتنياهو للضم تتحول إلى إخفاق كامل

إسرائيليون يحملون الأعلام واللافتات ويحتجون ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس – (أرشيفية)
إسرائيليون يحملون الأعلام واللافتات ويحتجون ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس – (أرشيفية)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة بن كاسبيت* - (المونيتور) 14/7/2020 مع فقدان الأميركيين الاهتمام وعلى خلفية أزمة فيروس كورونا، من المرجح أن تتحول خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لضم أجزاء من الضفة الغربية إلى أكبر إخفاق دبلوماسي له. * * * قال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "الآن، أضع فرص الضم الإسرائيلي لأي جزء من الضفة الغربية عند مستوى منخفض إلى معدوم. هناك الكثير من الظروف والشروط التي يجب أن تحدث وتنضج قبل إمكانية حدوث ذلك". الشرط الأول هو الحصول على الضوء الأخضر بشأن الضم من واشنطن، والذي لا يظهر في أي مكان من الأفق حاليًا. ويبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد الاهتمام بالقضية التي روج لها بحماس شديد في كانون الثاني (يناير)، على الرغم من أنه لم يقل الكلمة الأخيرة بعد. وقال المسؤول الإسرائيلي الكبير: "في غضون أسابيع قليلة، قد يتم إقناع ترامب بأن ما يحتاجه من أجل إعاقة تقدم الديمقراطيين هو كسب المزيد من دعم الناخبين الإنجيليين، وعندئذ قد يعيد استئناف الحدث بالكامل فجأة. "في الوقت الحالي، لا نعتقد أن (استئناف خطوة الضم) سيحدث". ومع ذلك، فإن مسألة الضم لا تعتمد على ترامب فقط. وحتى لو جدد الرئيس الأميركي إضاءة الضوء الأخضر للخطوة التي قدمها كجزء من خطته للسلام الإسرائيلي الفلسطيني، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه مجموعة من العقبات الأخرى التي تحول دون تحقيق حلمه وإرثه المأمول. وبعضها مصنوع في الوطن. قال مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع لـ"المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "لقد أعادت أزمة فيروس كورونا خلط الأوراق وترتيبها بالكامل. الاهتمام العام بالضم -الذي كان منخفضًا في البداية- تضاءل أكثر ولا يزعج أحد نفسه بشأنه الآن. الناس يركزون على محاولة كسب عيشهم وتجنب الانهيار الاقتصادي. نادراً ما كان الإسرائيليون غير مهتمين إلى هذا الحد بأي شيء آخر ومركزين بالكامل على الاقتصاد، ونتنياهو يعرف ذلك". كما أن الضم سيُرتب نفقات اقتصادية على البلد في وقت يتزايد فيه عجز الميزانية بشكل كبير ولا يظهر أي علامة على الاستقرار. ومع ذلك، فإن الاعتبار المهيمن -كما هو الحال عادة مع نتنياهو- يتعلق بوضعه السياسي. إذا قرر المضي قدماً بفكرة إجراء انتخابات جديدة في الأسابيع المقبلة، فإنه قد يقتنع بأن من شأن الضم أن ينشط قاعدة دعمه بين المستوطنين واليمين السياسي الإيديولوجي ويوقف نزفه المستمر للمؤيدين في استطلاعات الرأي الأخيرة. وإذا نجح هذا السيناريو، فسوف يأخذ إجازة من التعامل مع أزمة فيروس كورونا ويجدد اندفاعه نحو الضم. بالإضافة إلى الاعتبارات المهمة السابقة، يجب على نتنياهو أن يأخذ في الاعتبار التهديدات الأمنية الناشئة عن خطته للضم. وقد قدم له رئيسا جهازين أمنيين -قائد جيش الدفاع الإسرائيلي، الفريق أفيف كوخافي، ومدير الشين بيت، نداف أرغمان- تحذيرات استراتيجية. وفي حين لم يجادل أي منهما بأن الضم سيؤدي إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد إسرائيل، فقد قدم كلاهما تقييمات استخبارية تشير إلى احتمالية عالية لتصاعد العنف على جبهة غزة أو في الضفة الغربية، أو كليهما. وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "حتى اندلاعٌ محلي للعنف في الوضع الحالي يمكن أن يطلق سلسلة من ردود الفعل، والتي قد تسفر أيضاً عن جولة أخرى من القتال العنيف عالي الكثافة واندلاع انتفاضة جديدة. ويعرف نتنياهو هذا ويفهم أن آخر شيء يحتاجه الآن -مع وقوع إسرائيل في أزمة غير مسبوقة بشأن الميزانية، هو استدعاء احتياطيات الجيش والتعامل مع انتفاضة". سوف تعتمد احتمالية اندلاع حريق كهذا بين إسرائيل والفلسطينيين أيضاً على الرئيس الفلسطيني محمود عباس. في محاولة لتجنب الضم، أعلن عباس في أيار (مايو) انفصالاً تاماً عن إسرائيل؛ وكتغيير، مضى قدُماً في ذلك. حتى الآن لا توجد اتصالات رسمية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتم تعليق التنسيق الأمني بين الجانبين باستثناء بعض الاتصالات على مستوى منخفض، ويرفض الفلسطينيون قبول عائدات الضرائب والجمارك التي تجمعها إسرائيل لهم. ونتيجة لذلك، تجد السلطة الفلسطينية صعوبة في دفع رواتب عشرات الآلاف من موظفيها. كما تم تجميد تعاون السلطة الفلسطينية في مكافحة فيروس كورونا مع إسرائيل، حتى مع تجدد تفشي المرض في الأراضي الفلسطينية. وقال مصدر عسكري كبير لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويّته: "في ظل هذا الوضع، قد يفقد عباس السيطرة على الجمهور، مما يقوّض قدرته على تنظيم الاحتجاجات المناهضة للضمّ في حال مضت إسرائيل قدُماً بالخطوة". وقد تم تخفيض رواتب قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية إلى النصف في ضوء النقص في الميزانية، بينما تستمر قوة "التنظيم"، الجناح المسلح لحركة فتح، في النمو. وقال المسؤول، في إشارة الى التهديدات المتكررة من عباس بالتنحي وجعل إسرائيل تدير شؤون أكثر من مليونين من السكان الفلسطينيين: "من حيث المبدأ، عباس غير مهتم بقيام انتفاضة ولا يريد حقاً تسليم إسرائيل مفاتيح السلطة الفلسطينية. ولكن، لأنه يصبح أضعف، فإن الاحتجاج العام يمكن أن ينقلب ضده، وقد يجد نفسه في مواجهة موجة من العنف، والتي لن يتمكن من السيطرة عليها أو تحويل وجهتها". بالنظر إلى هذه الحالة الراهنة للأمور؛ عدم وجود ضوء أخضر أميركي للضم، وذهاب الاقتصاد قفزاً في اتجاه ركود غير مسبوق، والبطالة التي ارتفعت بين عشية وضحاها إلى حوالي 20 في المائة، وموجة من الإفلاس وإغلاق الأعمال، وهبوط استثنائي في شعبية نتنياهو، من غير المرجح أن يقوم رئيس الوزراء نتنياهو بأي نوع من الضم. إن التحذيرات من اندلاع العنف، والمعارضة المستمرة من شريك الائتلاف في حكومة، حزب أزرق أبيض، والتكلفة التي قد تضطر إسرائيل إلى دفعها فيما يتعلق بعلاقاتها مع أوروبا ومع الحلفاء العرب الرسميين وغير الرسميين المعتدلين، هي أمور تعمل كلها ضد احتمال تنفيذ مثل هذا الإجراء المثير للجدل. كل هذه الاعتبارات تؤدي إلى استنتاج واحد هو أن: "صفقة القرن" التي أعدها ترامب، والتي تتضمن الموافقة على الضم الإسرائيلي لما يصل إلى 30 في المائة من الضفة الغربية، يمكن أن ينتهي بها المطاف إلى أن تكون "إخفاق القرن"، المولود في الخطيئة والذي يحتضر بعذاب بعد وقت قصير من دخوله هذا العالم. والخبر السار لنتنياهو هو أن عدم تحقق الحدث بأكمله، الذي صنع العناوين الصاخبة لأشهر عدة وشغل جدول الأعمال العام، دُفع إلى الأطراف الخارجية للهوامش نظرًا للمشكلات الأكثر إلحاحًا التي يواجهها، والأكثر أهمية من بينها الصحة والنتائج الاقتصادية لوباء فيروس كورونا. وعليه الآن أن يقرر ما إذا كان سيزيد من حدة التوترات بشأن الميزانية مع شريكه في الحكومة، حزب أزرق وأبيض، وأن يستخدم الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن القضية كذريعة لتفكيك الشراكة والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة، حتى بينما يتحلل الاقتصاد الذي كان مزدهراً ذات مرة ويغرق في الفوضى على شاشة التلفاز. وكما هو الحال دائمًا مع نتنياهو، تأتي جميع هذه التقييمات مع التحذير من أنه من السابق لأوانه كثيراً دفن أعظم ساحر شهدته السياسة الإسرائيلية على الإطلاق، ولن تكون محاولة وضع المرء نفسه في مكانه والتنبؤ بما قد يفعل فكرة جيدة. *كاتب عمود في "نبض إسرائيل" للمونيتور. وهو أيضاً كاتب عمود ومحلل سياسي للصحف الإسرائيلية ولديه برنامج إذاعي يومي وبرامج تلفزيونية منتظمة عن السياسة وإسرائيل. *نشر هذا التقرير تحت عنوان: Netanyahu's annexation plan turning into fiascoاضافة اعلان