خطر البطالة من جديد!

ما تزال ظاهرة البطالة، وارتفاع معدلاتها إلى أرقام غير مسبوقة، تُشكل، ليس ناقوس خطر واحدا، بل نواقيس خطر، يترتب عليها مخاطر اجتماعية واقتصادية، وستبقى كذلك، إن لم تلتفت الحكومة إلى ذلك، وبعين الخوف والحرص على الوطن والمواطن.اضافة اعلان
يُبعد عن الحقيقة، أو يضع على عينيه غشاوة، كل من يعزو سبب ارتفاع معدل البطالة، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى 23.9 بالمائة، وبما مقداره 4.8 بالمائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، إلى انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد.
فمعضلة البطالة ليست وليدة الظرف الراهن، المتعلقة بوباء كورونا، بل هي تراكمية، سببها كما قلت الحكومات المتعاقبة، والتي هي السبب في الفشل الذي أصاب الاقتصاد الوطني.
إن السبب الرئيس لارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات عالية، هو استمرار انتهاج السياسات الاقتصادية الخاطئة نفسها، من قبل الحكومات المتعاقبة، وخصوصًا خلال الأعوام الأخيرة.
الطبقة الوسطى، التي تُعد الأساس في بناء أي دولة، باتت «منقرضة»، أو شبه ذلك، في الأردن، بعد أن كانت حتى تسعينيات القرن الماضي، تُشكل السواد الأعظم من أبناء هذا الوطن.
التدمير البطيء والمستمر، للطبقة الوسطى، أسهمت فيه الحكومات المتعاقبة، بطريقة أو بأخرى، وذلك من خلال اللجوء إلى سياسات بعيدة كل البعد عن الصواب، ناهيك طبعًا، عن غياب أو إغفال القوانين والتشريعات التي من شأنها تنشيط السوق، وتلك الجاذبة للاستثمارات.
إن إحياء الطبقة الوسطى من جديد، والتي من خلالها سيتم القضاء على الارتفاع الجنوني لمعدلات البطالة، المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالفقر، الذي يزداد يومًا بعد يوم، أو تخفيف حدة نسبها، يتطلب قرارات حكومية جريئة، تعود بالنفع على الجميع.
أول تلك القرارات، إعادة النظر بضريبة المبيعات، التي تُعد مرتفعة جدًا، مقارنة بالكثير من الدول، إذا ما تم حسبتها كنسبة وتناسب لدخل المواطن الأردني.. فارتفاع ضريبة المبيعات أسهم بشكل أو آخر بضرب الطبقة الوسطى، وبالتالي تفاقم معدلات البطالة.
ثاني تلك القرارات، تعديل ضريبة الدخل لجهة تخفيضها، على الأفراد والمؤسسات الصغيرة وحتى المتوسطة، وجعلها تصاعدية على الشركات والمؤسسات الكبيرة.. وفي الوقت نفسه تخفيض كلف الإنتاج والطاقة على القطاعات المحركة للاقتصاد كالصناعية المختلفة سواء الغذائية أو الدوائية، ولا ننسى دعم قطاع الزراعة بشكل جدي.
ثالث تلك القرارات، زيادة الأجور، التي تعمل على تنشيط حركة السوق.. فمعلوم كل دينار يدفعه المواطن في السوق، يعود بإيرادات على خزينة الدولة، فضلًا عن أن قيمة الأجور والرواتب تُعد منخفضة جراء التضخم الحاصل، وانخفاض قيمة الدينار داخليًا، وارتفاع أسعار السلع، خصوصًا الأساسية.
ورابع تلك القرارات، تخفيض رسوم اشتراك العامل بالمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، الأمر الذي يعمل على تحفيز المنشآت، بأنواعها شركات ومؤسسات ومصانع، على إشراك العاملين فيها بالضمان، وعدم التهرب من تسجليهم.
يتوجب عدم السكوت عن ظاهرة ارتفاع معدلات البطالة، وتركها بلا حلول أكثر من ذلك، فعدم معالجتها وإيجاد حل جذري لها، يضع الاستقرار الاجتماعي على المحك.