خطوات الإصلاح المطلوبة بعد انتخابات اللامركزية

لا أتوقع مشاركة واسعة في الانتخابات اللامركزية، ومن قرر ربط الانتخابات البلدية مع الانتخابات اللامركزية أحسن صنعاً ليس لتوفير الأموال والجهود والوقت، وإنما لزيادة فرصة إقبال الناس على انتخابات مجالس المحافظات.اضافة اعلان
تجربة انتخابات اللامركزية جديدة في المطلق، والجمهور حتى الآن لا يعرف ماذا تعني نظرياً وممارسة، وكيف ستنعكس عليه، وما هي ضرورتها للمجتمع؟!
الهيئة المستقلة للانتخاب لم تدخر جهداً في التعريف بانتخابات اللامركزية ووضع جميع التفاصيل الخاصة بها، ووزارة الشؤون السياسية والبرلمانية تجهد للتوعية بهذه الانتخابات وآثارها الإيجابية، وتحث الناس على المشاركة.
وتُعرّف الحكومة الانتخابات اللامركزية في أدبياتها بأنها "إعادة توزيع المسؤوليات والمهام داخل الدولة بحيث لا تتركز داخل المركز (العاصمة) ويكون هناك مشاركة في المسؤوليات على المستوى الوطني المحلي (المحافظات)".
وتساهم مؤسسات المجتمع المدني في الترويج لهذه الانتخابات باعتبارها فرصة للمشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي، ودفع الشباب والشابات لخوض غمار هذه التجربة الريادية، فأي شاب أو شابة أتم الـ 25 عاماً من عمره يمكنه أن يترشح وأن يتصدر العمل العام التنموي في محافظته.
الجدل ما يزال مستمراً عن جدوى هذه الانتخابات، ويتهم البعض الحكومة بأن هذا التوجه عزز هدر الموارد المالية بمخصصات جديدة للفائزين بمجلس المحافظات، والتوجه والعمل بعد الانتخابات في البحث عن مقرات لهذه المجالس ما سيرتب كلفاً مالية أخرى.
لست قلقاً من هذا الكلام فالاختلاف في الموقف ظاهرة صحية، وما أخشاه أن لا تبذل الحكومات الجهد الكافي لإنجاحها ودعمها، وأن لا تملك خري طة طريق مثمرة ومنتجة لمشروع مجالس المحافظات يترك أثراً ملموساً مجتمعياً.
فالقضية يجب ان تتعدى المبادرات الحكومية التي تطرح فتجد قبولاً وتسويقاً عند المانحين وتوفر وترصد لها المبالغ المالية، ونكتشف بعد زمن قصير أنها لم تكن أكثر من مبادرة للفت الانتباه.
السؤال الذي يشغل بالي هل فعلاً تريد الحكومة أن تتنازل عن توجهاتها المركزية في الإدارة والتخطيط والتنمية، وتترك فضاء ومساحة للمحافظات لتبني خطتها وأولوياتها التنموية؟
قانون اللامركزية يعطي دوراً لمجالس المحافظات، ويحدد الاختلاف في المهام بين المجلس التنفيذي ومجلس المحافظة، ويقوي ويمكّن النساء من التواجد في مجالس المحافظات عبر 3 فرص للفوز، الأولى بالانتخاب المباشر، والثانية الفوز عن المقاعد المخصصة للنساء والتي تبلغ نسبتها 10 % من مجموع مقاعد المجلس، ويضاف لها أن ثلث مقاعد المعينين يجب أن يكونوا نساء.
يطمح المنظرون لمشروع اللامركزية أن يصرف وجود مجالس المحافظات التي تتبنى أولويات واحتياجات مناطقهم النواب عن الاهتمام بقضايا الخدمات، فبعد انتخاب ممثلين للمحافظات، ووجود مجالس منتخبة للبلديات، يبدو انشغال نائب بالتوسط عند وزير البلديات أو الأشغال لشق طريق غير مقبولة وليست لائقة، وعلى الحكومة مجتمعة والوزراء متفرقين صد النواب ورفض الآليات القديمة لتقديم الخدمات.
هذه القضية التي تثار بالغة الأهمية وتقتضي أن نطرح سؤالاً آخر.. بعد الانتخابات اللامركزية ما هي الخطوات الإصلاحية الضرورية التي نحتاجها؟!
باعتقادي أن هناك ضرورة للعودة لمراجعة قانون الانتخاب وتعديله بشكل جذري، فالتجربة البرلمانية بالقانون الجديد لم تنتج أحزاباً تحت قبة البرلمان، ولم تنتج كتلاً برلمانية متماسكة، وهذا يدفعنا لتأييد تعديل قانون الانتخاب بما يضمن ويشترط تعزيز العمل الحزبي في الترشح واعتماد القوائم المغلقة، والاستغناء عن الكوتا النسائية باشتراط المناصفة في القوائم بين النساء والرجال، فإن كان المترشح الأول في القائمة رجلاً تكون الثانية امرأة وهكذا.
وهذا الأمر يدفعنا إلى التساؤل؛ هل ننتظر حتى نهاية عمر البرلمان الحالي، أم يذهب التوجه لإيجاد "تخريجة" لترحيله والعودة لانتخابات برلمانية جديدة بقانون جديد يدفع لفوز النائب السياسي الذي يراقب ويشرّع؟!