درس الشيشان

معاريف: بن – درور يميني

     

يجدر بنا في هذه الايام، في هذه اللحظات، ونحن نفكر بضربة واحدة وانتهينا – ان نتذكر الشيشان. يحتمل أن نبدأ عندها في أن نفهم حجم المهمة، الصعوبة. يحتمل أن نبدأ عندها في أن نفهم بان الحديث لا يدور عن جيش إسرائيلي بصفته جيشا كبيرا وعظيما، امام كيان صغير ومسكين. يحتمل أن نفهم بان الحديث يدور عن قصة اخرى تماما. وعليه يجدر بنا أن نتذكر الشيشان.

اضافة اعلان

للشيشان، نحو مليون نسمة، اقل من عدد السكان في قطاع غزة كانت تطلعات بالاستقلال. هذا لم يرق للقوة العظمى. أكثر بكثير من قوة اسرائيل. روسيا دخلت الى العمل بكل القوة. كثيرون واقوياء ومزودون حيال قليلين وضعفاء. وعلى مدى سنتين، من 1994 الى 1996 دارت هناك حرب. هناك تسمى هذه اليوم "حرب الشيشان الأولى". القوة العظمى كان يفترض أن تسحق الكيان الاسلامي – العرقي الصغير. هذا لم يحصل. في معارك من بيت الى بيت، من حي الى حي، من قرية الى قرية، من غرفة درج الى غرفة درج، كانت يد الشيشان هي العليا.

الروس تراجعوا. تحققت تسوية. ليس استقلالا، ولكن شيئا قريبا. مرت ثلاث سنوات، مع الكثير من الاستفزازات واعمال الارهاب، والحرب استؤنفت. هذه المرة فلاديمير بوتين الزعيم الصلب وكلي القدرة بات رئيس روسيا. مرة اخرى حرب ضروس. مرة اخرى من بيت الى بيت، مرة اخرى من قرية الى قرية. وكان الاسلام المتطرف قد ضرب جذوره. الحصار على العاصمة غروزني استمر شهرين. والمدينة اصبحت جزر خرائب.

الحربان خلفتا خرابا فظيعا ورهيبا، وبين 80 ألفا الى 300 ألف شيشاني قتيل. بمعنى، واحد من كل ستة او ثلاثة شيشانيين قتل في الحرب. تقدير ذو طابع بحثي نشر قبل عدة اشهر يتحدث عن آلاف الضحايا من الجيش الروسي، و 160 ألف قتيل من اوساط الشيشان، معظمهم مدنيون. وفقط لغرض المقارنة، بعد أكثر من 40 سنة من الاحتلال وانتفاضتين وانتفاضة غير متوقفة تقريبا، قتل نحو 6 آلاف فلسطيني، معظمهم مسلحون.

هل أدى عدد الضحايا الهائل والخراب الاقتصادي الى انهاء المواجهة؟ الشيشان تحكمهم الان حكومة مؤيدة لروسيا، الى جانب بقايا مقاومة غير قليلة. اعمال الارهاب متواصلة. بشكل عام لا تصل هذه الى علم الرأي العام في العالم. فقط في اعقاب المذبحة في المدرسة في بسلان تبين أن المواجهة لا تزال هناك. وهذا ليس كل شيء بعد.

الشيشان، خلافا للقطاع، لم يعلن ابدا عن رغبته في السيطرة على روسيا. وليس للشيشان ميثاق يدعو الى ابادة كل الروس في العالم، والشيشان لم يطلق الصواريخ نحو موسكو او سانت بطرسبورغ. كما أن روسيا لم تعلن عن فك الارتباط عن الشيشان، والشيشان من ناحيته لم يرد عليها بالصواريخ. ورغم ذلك كان هذا قاسيا.

روسيا العظمى، بدون الامم المتحدة على رأسها ولا الجزيرة ايضا والف كاميرا اخرى، ولا المظاهرات والضغط الدولي – لم تنجح في قطاع غزة الخاص بها. إذن لماذا بحق الرب، يخيل لنا اننا هنا، بالذات هنا، رغم الظروف الاسوأ بكثير، رغم الضغط الدولي، رغم الوضع الاستراتيجي، ستنجح اسرائيل في المكان الذي فشلت فيه روسيا؟

يوجد هنا شرك عسير: حقيقة أننا محقون، وان الاسلام الراديكالي اللاسامي يجب القضاء عليه، لا تؤدي بالضرورة الى الاستنتاج بان علينا أن ننجر الى كل شرك ترغب حماس في أن ندخل اليه. يدنا هي العليا الان. اذا تعلمنا من التجربة الروسية ومن الظروف التي نعمل فيها فليس واضحا ان يدنا ستكون هي العليا غدا ايضا. علينا أن نقضي على حماس. وليس على أنفسنا. وعليه، فبالذات من موقف القوة، يمكن لإسرائيل ان تملي شروطا أكثر نجاحا بقليل. يحتمل أن يكون هذا غدا سابقا لاوانه.