دستورية قانون الضريبة الجديد

للمرة الألف تفكر الحكومة بوضع نظام جديد للإصلاح الضريبي وللمرة الألف أيضا تهمل مبدأ أساسيا في كيفية وأسس تحصيل الضريبة.

الخطأ المستمر في موضوع الإصلاح الضريبي هو تجاهل قضية أساسية نص عليها الدستور في المادة 111 التي تقضي بوجوب فرض ضريبة الدخل بنسب تصاعدية، وتكرس فكرة زيادة الضرائب المدفوعة بمعدلات تتناسب مع صافي الدخل.

اضافة اعلان

آخر التسريبات حول خطط الحكومة المتعلقة بوضع نظام ضريبي جديد لتحفيز الاقتصاد ترتكز إلى توحيد معدلات الضريبة على جميع القطاعات وبنسبة 12%، باستثناء القطاع المصرفي الذي تفكر الحكومة بتخفيض المفروض عليه لضريبة الدخل لتبلغ 25% نزولا من 35%.

الخطط الحكومية بهذا الخصوص، قد تحقق غاية مهمة يتطلع إليها الجميع وهي تحفيز وتنشيط الاقتصاد الوطني، لاسيما في ظل الأزمة المالية وتداعياتها وتراجع إيرادات الخزينة بنسبة 10% خلال الربع الأول من العام الحالي.

بيد أن هذا التفكير غير منصف ولا يعكس روح الدستور، حيث كان من الأولى فرض الضريبة بشرائح تصاعدية وفقا لقيمة الدخل المتحقق، وهو أمر سيساهم أيضا في تحفيز النمو الاقتصادي، لتصبح العلاقة طردية بين معدل الدخل والضريبة المدفوعة عليه.

من ناحية أخرى، يبدو أن المعدلات الجديدة للضريبة لم تراع خصوصية القطاع الزراعي، الذي نطمح في أن يستعيد عافيته، ليكون عام 2009 عام الزراعة بحق، إذ إن راسم السياسة الجديد يفكر في جباية ضريبة منه بنسب تساوي تلك المفروضة على الصناعة والتجارة، حيث من المتوقع أن يخضع لضريبة معدلها 12%.

ويبدو أن رضا القطاع الصناعي الذي هاجم النظام السابق الذي طرحته الحكومة وتم سحبه من أدراج مجلس النواب، ممكن هذه المرة، إذ يتجه القانون الجديد إلى تخفيض العبء عنه، وهو أمر إيجابي يدعم القطاع الذي يعاني ضعفا في تنافسيته كونه من أهم القطاعات التشغيلية وإنتاجه يعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة بالعادة.

إهمال نصوص الدستور ينطبق أيضا على الضرائب المفروضة على الأفراد حيث تنوي الحكومة وفق مسودة القانون إعادة النظر في الشرائح الضريبية ونسبها المعتمدة، بحيث تلغي جميع الإعفاءات التي يمنحها القانون الحالي، وتفرض ضريبة موحدة على الأفراد ممن يزيد دخلهم على 24 ألف دينار سنوياً فقط، فيما يعفي مشروع القانون كل من يقل دخله عن ذلك.

من حيث المبدأ يبدو هذا الرقم إيجابيا فكل من يقل دخله عن 2000 دينار شهرياً لا يدفع ضريبة دخل، بمعنى أن أكثر من 95% من الأردنيين لن يدفعوا ضريبة دخل.

لكن فرض نسبة واحدة على جميع من تنطبق عليه شروط دفع الضريبة من الأفراد لا يحقق العدالة وغير منصف، فلا يعقل أن من بلغ دخله 25 ألف دينار سنويا أن يدفع نفس المعدل الذي يدفعه من يصل دخله السنوي 250 ألف دينار.

السلبية الأخرى التي ينطوي عليها التشريع الجديد فيما يتعلق بالضريبة على الأفراد، أنه يلغي جميع الإعفاءات والامتيازات التي يقدمها القانون المفعل حاليا، مثل إعفاءات الوالدين، الأبناء، التعليم، الصحة، المسكن ..الخ.

باختصار الملامح الأولية لنظام الضريبة الجديد غير مبشرة بالخير، كونها تغيب العدالة، وتغض الطرف عن أساس مهم في تقديم نظام ضريبي حضاري يكرس المساواة وينصف الجميع، ويعكس الفكرة الأساسية من القانون الضريبي المثالي الذي يعيد توزيع الثروات بين الفقراء والأغنياء.