آخر الأخبارالسلايدر الرئيسيالغد الاردني

دعوات لإعلان حالة الطوارئ الوطنية لمواجهة التغير المناخي وتداعياته

الحكومة تقلل من الحاجة لـ"الطوارئ" وتؤكد مضيها بإعداد خطة للمخاطر المناخية

فرح عطيات

عمان ـ إعلان حالة الطوارئ البيئية والمناخية من قبل مجلس النواب والحكومة، “بات أمرا ضروريا”، في ظل ما شهدته الأردن من أمطار وميضية وفيضانات في موسم الشتاء الماضي، تسببت في خسائر مادية وبشرية، بحسب خبراء في الشأن البيئي.
وفي رأيهم؛ فإن على “الأردن أن تحذو حذو برلماني بريطانيا وإيرلندا، التي أطلقت حالة الطوارئ قبيل أيام، عقب احتجاجات شهدها البلدان من قبل شباب وتلاميذ وتلميذات، لاتخاذ إجراءات سريعة في مواجهة آثار تغير المناخ”.
فالحلول المناخية المعجّلة، بحد تعبيرهم، يمكن أن “تعزز اقتصاداتنا وأن تخلق فرص العمل، وأن تحافظ على الموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي وتحمي بيئتنا”.
لكن هذه الفكرة تبدو من وجهة عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية إبراهيم البدور من “الصعب تطبيقها لأنها لن يكون لها أثر حقيقي في ظل فقدان ثقة المواطنين في المجلس النيابي ولانشغال الطرفين بالأوضاع الاقتصادية للبلاد”.
كما أن الأردن لم يصل الى مرحلة بالتأثر من تغير المناخ، تستوجب اعلان حالة الطوارئ، على حد قول وزارة البيئة، الا أنها تعمل على اعداد خطة للحد من المخاطر المناخية، وأخرى للتكيف مع تلك الظاهرة.
وتختلف الخبيرة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي مع ما اشارت اليه الوزارة، فبرأيها أن “تبعات التغير المناخي حاصلة بالأردن لا محالة، فما شهدناه من امطار وميضية وفيضانات في موسم الشتاء ما هو الا بداية للجفاف وارتفاع درجة الحرارة”.
وهذا يستدعي، بحسبها “إعلان التغير المناخي ككارثة، يجب التعامل معها وكحالة طارئة، دون الانتظار لخسارة المزيد من الأرواح، فتشكيل لجان حكومية متعاقبة كما عهدنا لن تقوم بالتغيير”.
وشددت على أن “ما نشهده اليوم من تحرك لليافعين والمطالبة بحلول تتعلق بالتغير المناخي جاء من باب خوفهم على مستقبلهم وادراكهم لمدى اهمية إيجاد حلول للتغير المناخي”. “فهم يرون كيف ان صناع القرار ينظرون لمصالحهم قصيرة الامد فقط، ودون التفكير بالاجيال القادمة”، وفقها.
ودعت الجيوسي “الحكومة للاستماع لصوت الشباب، مثلما حصل في بريطانيا وايرلندا، اللتين اعلنتا حالة الطوارئ، التي تعد خطوة رمزية، لكنها تعزز من اهمية التعامل مع كوارث التغير المناخي القادمة”.
ورغم سنوات أُنفقت في الكلام، ما تزال الانبعاثات العالمية تصل إلى مستويات قياسية دون أن تكون هناك بوادر تشير إلى أنها بلغت منتهاها، ولن تعاود الارتفاع، فقد بلغ تركيزُ ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى مستوياته على مدى 3 ملايين سنة، وفق تقرير اممي، بين أن السنوات الأربع الأخيرة الأشد حرارة على الإطلاق إذ لم يسبق أن سُجِّل مثلها.
واتفقت رئيسة جمعية دبين للتنمية البيئية هلا مراد، مع الجيوسي، في ضرورة اعلان حالة الطوارئ، باعتبارها “ضرورة ملحة لكونها ستستنهض المبادرات والفكر للعمل المناخي الفعلي والحقيقي، وليس فقط بشكل سياسي”.
فمنذ قمم المناخ التي انعقدت سابقا، وتوقيع اتفاق باريس “ما نزال نراوح مكاننا في اطلاق خطط تكون سياسية وليست عملية للتخفيف من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وحماية التنوع البيولوجي”، تبعا لها.
وشددت على “ضرورة أن يكون هنالك توجه أكبر للتوعية واقرار السياسات والانظمة والتشريعات، لضمان اتخاذ ردود فعل من الدول المتقدمة أيضا”.
وفكرة اعلان حالة الطوارئ البيئية ولمواجهة تغير المناخ “لا بد من تطبيقها باعتبار أن الاردن متأثر بالاحتباس الحراري، وعلى قطاعات الزراعة والمياه وغيرها، كما لها انعكاسات اجتماعية قد تؤدي الى موجات من اللجوء”.
ودعت مراد النشطاء ومؤسسات المجتمع المحلية الى أن “يحذو حذو نظرائهم في الدول التي قامت باعلان حالة طوارئ المناخ، والتي جاءت نتيجة للعديد من المبادرات والحملات التي قاموا بها سابقا لتلك الغاية”.
النائب ابراهيم البدور يؤكد ايضا على أنه كان “لا بد أن يتم إعلان حالة طوارئ البيئة وتغير المناخ القصوى منذ سنوات عدة ماضية، لان لدينا العديد من المشكلات وبمختلف المستويات، مثل المياه والتلوث الهوائي والضوضائي وغيره”.
لكنه لفت الى أن “الانشغال في الأمور الاقتصادية من قبل البرلمان، لم يكن ممكنا معه اطلاق مثل ذلك الاعلان، في ظل ما يعانيه المواطنون من اوضاع معيشية صعبة”. كما ان “ففقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة ومجلس النواب، لن يمكن معه القيام بتلك الخطوة”.
وحتى وإن تم تجاوز ما اسماه البدور “بالاحباط الذي يعاني منه المواطن من الظروف الاقتصادية، فسيتم الاصطدام بذات المشكلة الاقتصادية لدى الحكومة وفي موازانتها المالية السنوية”، تبعا له.
وأكد على أن “الاعلان أمر سهل جدا، لكن لن يحقق اي اثر ملموس على أرض الواقع، في ظل المعطيات السابقة جميعها”.
لكن رأي القائم بأعمال مدير مديرية التغير المناخي بوزارة البيئة بلال الشقارين جاء مخالفا لسابقيه، فالاردن وإن كان متأثرا بتبعات ظاهرة التغير المناخي، “الا انه ليس بشكل حاد، يتطلب معه اعلان حالة الطوارئ، مثل الدول الاخرى التي تشهد فيضانات وزلازل وحرائق”.
ورغم ذلك فإن “وزارة البيئة وبالشراكة مع مختلف الجهات تعد حاليا خطة وطنية للتكيف مع اثارها، وأخرى مماثلة مع برنامج الامم المتحدة الإنمائي حول الحد من المخاطر المعنية بالتغير المناخي، ووضع الاجراءات الكفيلة بذلك”، بحسب تصريحات الشقارين.
ولفت الى أن “المركز الوطني لادارة الازمات يعكف كذلك على وضع خطة لتخفيف مما يحدث من اثار سلبية وناتجة عن الاحتباس الحراري”.
ومن خلال انظمة الانذار المبكر، “التي ستطلقها الحكومة خلال الفترات المقبلة، سيمكن معها وضع خطة جديدة للطوارئ”، وفق الشقارين.
وبحسب آخر تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) فإنه اذا “تم الحد من ارتفاع درجة الحرارة ما قبل الثورة الصناعية بـ 1.5 درجة مئوية او درجتين فسوف يؤدي الى ان يرتفع عدد المناطق التي ستعاني من جريان المياه Runoff والفيضانات الخطرة Hazard Floods، وهذا يعني انه اذا لم يتم الحد من التغير المناخي فسوف يعاني الاردن من تبعاته”.
ورغم ما أكده عضو جمعية الجيل الأخضر الشاب قصي عباسي من اهمية “اعلان حالة طوارئ لتغير المناخ، لكن المشكلة تكمن في إن الامر قد لا يصب في اهتمامات مجلس النواب، في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد”.
ولا يقتصر الامر على ذلك، بحسبه، بل بأن” ثمة أزمة ثقة بين الشعب ومجلس النواب، فلن يكون لتلك الخطوة أي اثر لديهم”، متسائلا “هل سيكون له أثر فعلي على أرض الواقع؟”.
ولفت الى أن “ثمة مشاريع للتخفيف مع التغير المناخ، تنفذها الحكومة، والذي يعد شيئا ايجابيا ويسير في الاتجاه الصحيح، الا أن ادارتها لملف الطاقة المتجددة لم تعد كما كانت سابقا”.
وأشار الى أن “هنالك أدلة كافية على أن الشباب قادرون على إحداث التغيير والضغط على أصحاب القرار ومجلس النواب، لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بموادجهة ظاهرة تغير المناخ”.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock