"دوديسكادين": فيلم ياباني يصور شخصيات متناقضة وغنية في أعماقها الإنسانية

عمّان- الغد - تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان في السادسة والنصف من مساء اليوم، الفيلم الياباني "دوديسكادين" للمخرج أكيرا كيروساوا.

اضافة اعلان

وحاز كيروساوا على شهرته العالمية بداية، بأفلامه التي أخرجها بالأبيض والأسود، مثل "راشيمون" و"اللحية الحمراء" و"الساموراي السبعة".

وفي هذه الأفلام بدت موهبة كيروساوا، ليس فقط كمخرج بل وأيضاً كفنان تشكيلي، هذا بالرغم من أن أفلامه كانت من دون ألوان، وأكد موهبته التشكيلية التي تتميز بخصوصيته الإبداعية، من حيث علاقته بالألوان، لكن من دون التخلي عن تقاليد الفن الياباني الأصيلة، من خلال فيلم" دوديسكادين"، الذي أخرجه في العام 1971، وهو أول أفلامه الملونة. واستمد كيرواساوا عنوان فيلمه، من صوت عجلات القطار فوق سكة الحديد، ولذلك عرف الفيلم عالمياً، باسم إضافي هو"تحت ضجيج عجلات القطار".

ويبدأ الفيلم بمشهد، يتحول إلى لازمة تتكرر في أكثر من مقطع في الفيلم، وصولاً إلى نهايته، حيث نرى صبياً متخلفاً، يركض في أماكن خربة، متصوراً نفسه كقطار، وتصدرعنه أصوات تقلد صوت عجلات القطار.

فيلم "دوديسكادين"، مقتبس عن رواية لكاتب ياباني، لكن العديد من النقاد، أشاروا إلى أنه يقترب كثيراً من عوالم الأدب الواقعي عند الكاتب الروسي مكسيم غوركي، وخصوصاً مسرحيته الشهيرة "في الأعماق".

والفيلم يقدم أشخاصاً متنوعين من قاع المجتمع، يعيشون في حي فقير جداً، هو أشبه ما يكون بأحياء الصفيح، ولكل من شخوص الفيلم حكايته وعلاقاته الغريبة.

ويصور "دوديسكادين"، قصة متسول عجوز، يقيم في هيكل سيارة خربة مع ابنه الصغير، ويتخيل نفسه دائماً ساكناً في قصر مع ابنه، في حين يعجز عن إيجاد طعام له، ويقدم اثنين من الرجال المتزوجين، واللذين عندما يعودان لبيتيهما سكارى، لا يميز أي منهما أي بيت هو بيته، فينام في بيت الآخر، والزوجتان لا تعترضان على ذلك.

ويعرض قصة موظف ضئيل الجسم مصاب بعاهة، وتعامله زوجته الفظة بكل قسوة، لكنه يكشف عن احترام عميق لنفسه ولزوجته، عندما يحاول ضيوف من زملائه دعاهم للعشاء في منزله، التعامل معها من دون احترام، فيثور ويطردهم من المنزل، هذا إضافة إلى العديد من الشخصيات التي لكل منها حكايته الخاصة، فالفيلم عبارة عن فسيفساء من الشخصيات المتنوعة المتناقضة، لكنها غنية في أعماقها الإنسانية.

وتجري معظم أحداث "دوديسكادين" في ساحة الحي، حيث تتجمع النساء يومياً لغسل الملابس وسط الساحة، والثرثرة حول أسرار المقيمين في الحي.

ويقدم كيروساوا في الفيلم، شخصيات فاسدة أو متخلفة، لكنه ينجح في اكتشاف الجوهر الإنساني لشخصيات فيلمه، فالمتسول مثلا يوحي بالفيلم، وكأنه فنان حقيقي، وهو يصف لابنه الجائع كيف سيبني له القصر وكيف سيزينه، وهذا الخيال يعرضه المخرج على المشاهدين في لوحات بصرية أخّاذة.

لم يلاقي "دوديسكادين" عند عروضه الأولى في اليابان نجاحاً شعبيا، لأجوائه وشخصياته التي تنتمي إلى قاع المجتمع، والحس التراجيدي الذي يغلف أحداث الفيلم ومصائر الشخصيات، لكن الفيلم اعتبر من قبل النقاد العالميين تحفة جديدة تضاف إلى أفلام أكيرا كيروساوا.

ومن المفارقات المتعلقة بهذا الفيلم أن الفشل الجماهيري له في صالات السينما اليابانية، تسبب في عزوف المنتجين عن التعامل مع كيروساوا، على الرغم من شهرته العالمية، الأمر الذي أدى به إلى محاولة الانتحار.

وبعد هذه المحاولة هبت الأوساط السينمائية العالمية لدعم كيروساوا، وكان أول الغيث حصوله على تمويل غير مشروط وغير محدود من الاتحاد السوفييتي، نتج عنه فيلمه "ديرسوا أوزالا".