دول الخليج تؤيد تنحي الرئيس اليمني

حين سألنا وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد، عقب الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول الخليج العربية في الرياض ليل يوم الأحد الماضي -والذي  ركز فيه على بحث الأوضاع في اليمن- عما إذا كانت مبادرتهم التي أعلنوا عنها للتوسط في اليمن ستستند إلى تأيييد مطالب الشعب اليمني بالإصلاح والتغيير، أجاب بوضوح: "نعم". ولا شك أن هذا يعني أن دول الخليج العربية الست أصبحت مقتنعة بضرورة تنحي الرئيس علي عبدالله صالح ورحيله عن السلطة. وهذه مسألة مهمة وخطيرة بنفس الوقت عند الرئيس اليمني الذي  يضيق عليه الحصارالآن، وأن الورقة التي كان يستخدمها لإخافة جيرانه الخليجيين "من أن رحيله يعني الفوضى وعدم الاستقرار في اليمن" لم تعد مقنعة لأهل الخليج.اضافة اعلان
ويبدو أن دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة السعودية، على تواصل مع الوضع في اليمن ومع جميع القوى السياسية فيه (وهذا الأمر تشير إليه مشاركة سفيري السعودية علي الحمدان وسلطنة عمان عبدالله البادي، في صنعاء بالاجتماع الوزاري الخليجي ليل الأحد الماضي). وهذا التواصل يجعلها لا تخشى ولا تقلق من رحيل علي عبدالله صالح.
ومن هنا كان اهتمام النظام في صنعاء كبيرا بمعرفة الموقف الخليجي أولا بأول، رغم أنه كان من الممكن للرئيس أن يفهم قبل ذلك أن دول الخليج لن تقف معه في ظل رفض غالبية شعبه (إن لم نقل كله) لبقائه، من خلال آخر تصريح يدلي به الأمين العام السابق لمجلس التعاون عبدالرحمن العطية يوم الخميس الماضي والذي أعلن فيه أن دول الخليج "تؤيد تطلعات الشعب اليمني للإصلاح والتغيير".
والمبادرة الخليجية التي وصفها الشيخ عبدالله بن زايد بأنها "أفكار ستطرح على قوى المعارضة والنظام في اليمن" تتضمن خطة لكيفية تأمين تنحي الرئيس اليمني عن السلطة  بأسرع وقت، وبشكل يحفظ له كرامته وتسليم السلطة لمن يستطيع حفظ وحدة اليمن واستقراره، ولو بشكل مؤقت لحين إجراء الانتخابات التشريعية. وأعتقد أن السعودية وحليفاتها الخليجيات أصبحت غير قلقة على سقوط الرئيس صالح أو نظامه بقدر ما هي خائفة على مصير اليمن.
وبعيدا عن تفاصيل الخطة أو الأفكار التي اتفقت دول الخليج على اقتراح طرحها على النظام وقوى المعارضة، وما هو برنامجها الزمني، فإن المهم أنها تحمل مؤشرات عديدة:
أولها: أن دول مجلس التعاون أصبحت مقتنعة الآن أن تنحي الرئيس علي عبدالله صالح في أقرب وقت، أصبح أمرا ملحا، من أجل عدم تدهور الأوضاع السياسية والأمنية فيه، وأن المسألة الآن هي متى وكيف؟ ومن سيتسلم السلطة ولو مؤقتا؟
ثاني المؤشرات: أن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت تدرك الآن أن المتغيرات التي يشهدها العالم العربي والمنطقة تتطلب منها كتحالف، تحركات ومواقف سياسية قائمة على الفعل وليس رد الفعل.
وهذا ما لاحظناه في تبني الدول الست قرارا بعدم شرعية النظام الليبي، والقيام باتصالات مع المجلس الوطني الليبي المعارض ودفع الجامعة العربية إلى تبنيه، والطلب من مجلس الأمن إصدار قرار بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا وحماية المدنيين هناك. بل ولأول مرة بعيدا عن الخليج، تشارك الدول الخليجية بالعمليات العسكرية التي تقوم بها طائرات التحالف الغربي في ليبيا. وهذا ما لاحظناه حين أرسلت دول مجلس التعاون الخليجية وحدات عسكرية من قواتها المسلحة إلى البحرين -وهي دولة عضو- لمساندتها في فرض الأمن والنظام الذي هدده العنف الطائفي هناك. والمهم في الموضوع البحريني أن دول الخليج أخذت -وبصراحة وبلغة قوية غير معهودة- تتحدث مع طهران وبموقف موحد توجه تحذيرات شديدة اللهجة لجارتها الأقوى إيران "إزاء أي محاولات للتدخل باضطرابات البحرين وبالشوؤن الداخلية لدولها". ودانت محاولات طهران للتغلغل في دول المنطقة من خلال شبكات التجسس.
واستمرارا لما يبدو أنه توجه جديد في السياسة الخليجية، فإن دول المجلس قررت أن تكون صاحبة المبادرة للضغط من أجل التوصل إلى حل للأزمة في اليمن. فهل يفهم الرئيس اليمني أن مناوراته للتمسك بالسلطة أصبحت مكشوفة، وأن المطلوب منه خليجيا أن يتوصل إلى اتفاق لانتقال سلمي للسلطة.