ديوان المحاسبة: 363 مليونا كلفة هيكلة الرواتب سنويا

ارتفاع مؤشر -(تعبيرية)
ارتفاع مؤشر -(تعبيرية)

سماح بيبرس

عمان- كشف أحدث تقرير لديوان المحاسبة أن كلفة هيكلة رواتب القطاع العام التي تم إقرارها في 2012 تخطت المبالغ المرصودة لنفس البند في الموازنة العامة للدولة بنسبة 342 % بينما أكد التقرير أن عملية إعادة الهيكلة خالفت أهدافها لأنها حافظت على الرواتب المرتفعة لموظفي المؤسسات العامة المستقلة.
وبين التقرير الذي حصلت "الغد" على نسخة منه أن الكلفة الأولية لإعادة هيكلة رواتب القطاع العام في العام 2013 بلغت 254.4 مليون دينار بعد ان كانت محددة بالموازنة عند مستوى 82.5 مليون دينار لكنها ترتفع إلى 363.5 مليون دينار السنوات اللاحقة.
وقال التقرير إن "إعادة الهيكلة كبدت خزينة الدولة مبالغ كبيرة سنويا ولفترات طويلة لاحقة جراء رفع فاتورة رواتب موظفي القطاع العام ما أدّى الى ارتفاع النفقات الجارية في موازنة الدولة".
وأوضح التقرير أنّ وزارة تطوير القطاع العام قدرت تكاليف اعادة هيكلة الرواتب بشكل اجمالي والتي سوف تتحملها الخزينة العامة للدولة بمبلغ 82.5 مليون دينار "فقط" ولم يتم تحديد الكلفة المقدرة لكل وزارة او دائرة وبالتالي قامت وزارة المالية برصد هذا المبلغ ضمن الموازنة العامة للدولة لعملية اعادة الهيكلة لعام 2012 بصورة اجمالية ودون توزيعه على موازنة الوزارات والدوائر الحكومية.
وأضاف التقرير "بلغت التكاليف الاجمالية الفعلية (المباشرة وغير المباشرة) لاعادة الهيكلة ما مجموعه 254.4 مليون دينار لسنة 2012، دون الاخذ بعين الاعتبار التكلفة الاضافية لاعادة الهيكلة التي تترتب آثارها على موازنة الدولة لعام 2013 والسنوات اللاحقة.
وجاء في التقرير "أنّ  التكاليف الاجمالية الفعلية لاعادة الهيكلة والبالغة 254.435 مليون دينار لا يمثل في واقع الحال كامل التكاليف الكلية الفعلية الحقيقية التي تتكبدها الخزينة العامة للدولة والتي تتجاوز بشكل جوهري وكبير التكلفة المشار اليها والتي تصل إلى حوالي 363.5 مليون دينار.
ووصف التقرير هذه  التكلفة بالـ" كبيرة جداً" مقارنة مع المبالغ المرصودة لاعادة الهيكلة في الموازنة العامة لعام 2012 والبالغة 82.5 مليون دينار.
وقال التقرير "الأصل الذي تعتمد عليه عملية إعادة هيكلة الرواتب لتحقيق أهدافها تتمثل بتسعير الوظائف وفقاً لمهامها وواجباتها ومخاطرها وتطبيقها على كافة موظفي القطاع العام بما في ذلك المؤسسات  العامة المستقلة الا  انه عند تنفيذ عملية اعادة الهيكلة بتطبيق نظام الخدمة المدنية المعمول به على المؤسسات العامة المستقلة لم يتم تخفيض قيمة الرواتب والمزايا الوظيفية التي كانوا يتمتعون بها نظراً لتعويضهم عن قيمة النقص الحاصل على رواتبهم وذلك بمنحهم علاوة سميت (علاوة بدل تسكين) وبالتالي فان عملية اعادة الهيكلة قد حافظت على الرواتب المرتفعة لموظفي المؤسسات العامة المستقلة خلافاً لاهداف وغايات عملية اعادة الهيكلة".
وأشار التقرير إلى أنه تم تعديل أغلب الكشوفات الأولية لرواتب الوزارات والدوائر بالتنسيق مع وزارة تطوير القطاع العام وديوان الخدمة المدنية من خلال اللجان المشكلة لهذه الغاية وخاصة فيما يتعلق بالعلاوات الفنية (المسميات الوظيفية) للموظفين ما أدى الى زيادة كبيرة في التكاليف المالية لفاتورة الرواتب وبنفس الوقت أدّت عملية اعادة الهيكلة الى زيادة الرواتب والمزايا الوظيفية لموظفي الوزارات والدوائر الحكومية نظراً للظروف الطارئة التي لم تكن بالحسبان مثل اعتصامات واضرابات موظفي القطاع العام.
وأشار التقرير الى أن هناك عدة قضايا لم يتم أخذ آثارها المالية بعين الاعتبار عند احتساب التكلفة الفعلية لاعادة الهيكلة وهي منح موظفي وزارة التربية والتعليم علاوة اضافية مقدارها (15 ٪) لتصبح العلاوة التعليمية الفنية (100 ٪) والتي تقدر بحوالي مبلغ (23) مليون دينار حيث تم احتساب هذه العلاوة على الرواتب بعد الهيكلة وليس قبلها وخلال العام 2013.
كما تمّ زيادة علاوة المهن الطبية المساندة بنسبة (5 ٪) في وزارة الصحة بالاضافة الى تعديل علاوات الممرضين والقابلات القانونيات بنسبة تتراوح ما بين (5 ٪ - 15 ٪) اعتباراً من تاريخ 1/1/2013 و زيادة الحوافز لموظفي وزارة العدل بقيمة (105000) دينار اعتباراً من تاريخ 1/5/2013 بموجب تعليمات صادرة من وزارة العدل.
كما تم منح موظفي وزارة المياه والري وسلطة المياه وسلطة وادي الاردن علاوة اضافية (علاوة مرافق مياه ومصادرها)، وتم تعديل المكافأة الشهرية لجميع موظفي دائرة الأراضي والمساحة بقيمة 50 ديناراً لكل موظف اعتباراً من تاريخ 1/10/2012 اضافة الى مبلغ (100) دينار اعتبارًا من تاريخ 1/1/2013، علماً بأن قيمة المكافآت تبلغ (511828) دينارا سنوياً وبفارق (2377014) دينارا عن العام 2012.
وتم منح علاوة اضافية لموظفي دائرة ضريبة الدخل والمبيعات بزيادة نسبة المكافأة الشهرية الى (100 ٪) من الراتب الاجمالي على ان لا تزيد على (500) دينار وقد تم احتسابها من ضمن تكاليف الهيكلة وتم تعديل علاوات المهندسين بنسبة (10 ٪) اعتبارا من تاريخ 1/1/2013.
وتم تثبيت المستخدمين خارج جدول التشكيلات في الوزارات والدوائر الحكومية على مدار ثلاث سنوات اعتبارا من العام 2013 وتحميل تكلفة رواتبهم الى الخزينة العامة للدولة بدلا من المشاريع والمنح التي كانوا يتقاضون رواتبهم منها، اضافة الى انه قد تم رفع علاوة غلاء المعيشة لموظفي الفئة الثالثة من (110) دنانير الى (135) دينارا وعلى مدار سنتين بحيث يتم زيادة مبلغ 10 دنانير اعتبارا من تاريخ 1/1/2014 ومبلغ (15) دينارا اعتبارا من تاريخ 1/1/2015.
وأضاف التقرير أنه "تم اجراء تعديلات على هيكلة رواتب بعض الوزارات والمؤسسات خلال فترة الاعتراضات للموظفين من خلال اعتراضهم على آلية احتساب رواتبهم حيث قامت اللجنة المشكلة لهذه الغاية بدراسة هذه الاعتراضات وتصويبها وفقا للنماذج المعتمدة لدى ديوان الخدمة المدنية بناء على ما ورد بكتاب رئيس ديوان الخدمة المدنية ما ادى الى زيادة التكلفة المتوقعة لاعادة هيكلة رواتب موظفي القطاع العام".
وبين عدم مراعاة الدقة في تطبيق تعليمات منح العلاوات الاضافية والفنية للموظفين الصادرة بالاستناد لاحكام المادة (26) من نظام الخدمة المدنية رقم (30) لسنة 2007 وتعديلاته من قبل عدد من الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية، حيث ان التفاوت في هذه العلاوات ادى بجميع فئات الموظفين بالمطالبة بالحد الاعلى للعلاوة ما ادى الى ارتفاع التكلفة الاضافية لإعادة هيكلة الرواتب على الرغم من تدقيق مندوبي ديوان المحاسبة وديوان الخدمة المدنية على آلية التطبيق والمطالبة بتصويب المخالفات المرتكبة المتعلقة بهذا الخصوص أولا بأول.
وقال التقرير "هنالك بعض الوزارات والمؤسسات قامت باستيعاب فروقات الزيادة في رواتب موظفيها الناجمة عن تطبيق نظام اعادة الهيكلة من ضمن الوفر والفوائض المالية في موازناتهم لعام 2012 مثل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة تطوير القطاع العام وكذلك الجامعات الرسمية إذ أن قيمة هذه المبالغ لم تدرج ضمن التكلفة الفعلية لإعادة هكيلة الرواتب في الموازنة العامة للدولة لعام 2012".
وقال التقرير "رغم وجود ايجابيات لعملية اعادة هيكلة رواتب موظفي القطاع العام الا انه تبين أنّ آلية تنفيذ اعادة الهيكلة بالشكل الذي تمت به  "أدت الى تكبد خزينة الدولة مبالغ كبيرة سنويا ولفترات طويلة لاحقه جراء رفع فاتورة رواتب موظفي القطاع العام" ما أدّى الى ارتفاع النفقات الجارية في موازنة الدولة، حيث ان التكلفة الاجمالية الفعلية لمشروع اعادة الهيكلة تتجاوز في واقع الحال مبلغ 363.5 مليون دينار والذي يزيد بمبالغ كبيرة عن تلك المبالغ المخصصة والمقدرة لها والمرصودة في الموازنة العامة للدولة لعام 2012 والبالغة (82.5) مليون دينار.
وبالتالي فإن الآثار المالية لإعادة الهيكلة أدت إلى تكبد الخزينة العامة للدولة مبالغ كبيرة متكررة سنويا لا سيما وان هذا الانفاق يعتبر زيادة في الإنفاق الجاري (بند الرواتب والأجور) وهو إنفاق متكرر وليس إنفاقا رأسماليا مما ينجم عنه آثار سلبية على زيادة عجز الموازنة العامة للدولة.
وأضاف التقرير لأنه لم يتم مراعاة الدقة في تطبيق التعليمات أدى ذلك الى تكبد الخزينة لمبالغ اضافية والتي سوف تستمر لسنوات لاحقة.
وقال إن "الآثار المالية الكبيرة عدا الهيكلة ادت الى زيادة معدلات الرواتب في القطاع العام ترتب عليه مطالبات مماثلة من العاملين في الشركات العامة وموظفي القطاع الخاص وبالتالي ارتفاع معدلات الرواتب والاجور بصورة عامة في المملكة، وحيث ان تكلفة الرواتب هي من العناصر الرئيسية في تكاليف الانتاج فان ذلك يؤثر على تنافسية المنتجات الاردنية والصادرات الوطنية وجذب المستثمرين".
وأضاف التقرير أنه "لم يتم دراسة امكانية اخضاع رواتب ومزايا موظفي الشركات الحكومية المملوكة بالكامل لمشروع اعادة الهيكلة، لا سيما وان النية تتجه الى الزام الشركات المملوكة بالكامل للحكومة بالتعيينات الجديدة اللازمة لها من مخزون ديوان الخدمة المدنية من القوى البشرية".
وذكر التقرير أن من ايجابيات اعادة الهيكلة أنها اخضعت جميع الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية لنظام الخدمة المدنية المعمول به وان جميع التعيينات يطلق عليها هذا النظام، وإلغاء أنظمة الرواتب الخاصة، وتعويض نهاية الخدمة والتأمين الصحي للوحدات الحكومية.

اضافة اعلان

[email protected]