د. محمد المومني يكتب: اللهم اجعله رمضان خير ورحمة

رمضان الحالي ليس كسابقاته. يأتي الشهر الفضيل ونحن والعالم نمر بحالة غير مسبوقة من تفشٍ للوباء وغلقٍ وحظرٍ وركودٍ اقتصادي حادٍ طال كل القطاعات والفئات من البشر. سينعكس ذلك على عادات رمضان الأردنية من صلة للأهل وعزائم للأرحام وسهرات الخيمات الرمضانية التي تنتشر في رمضان في كافة أرجاء الأردن. هذه الظروف الاستثنائية تحتاج لصبر كثير وسعة صدر وتوكل. يساعدنا على تحمل كل ذلك المعنويات الوطنية العالية بسبب نجاح الأردن الكبير في مواجهة الوباء والذي حظي باحترام العالم أجمع، ما جعل مشاعر الفخر والاعتزاز تتسيد وتنتشر، وعناصر التشكيك والسلبية تنحصر وتتلاشى.اضافة اعلان
على صعوبة الضغوط الاجتماعية والنفسية التي أملتها الطبيعة الرمضانية لهذا العام متأثرة بالجهود الوطنية لمحاصرة الوباء، وعلى ما يرتبه ذلك من حزن في نفوس الكثيرين، إلا أن ذلك سوف يخفف من الأعباء المالية التي يئنّ بسببها كثيرون. هذا الوباء وحالة الركود الاقتصادي والتقشف المالي التي يشهدها البلد تنعكس على جيوب الناس وتضغط على موازناتهم لهذا فالحظر في رمضان يخفف على الناس ويقلل من تكاليف الشهر الفضيل المادية. وبالنسبة للعبادات فيستطيع كل من يريد إقامة الصلوات والعبادات أن يفعل ذلك من منزله وفي هذا خير وحفظ لسلامة الناس والمجتمع. ويستطيع المرء صلة الرحم وإن لم تكن مباشرة بل عن بعد، ويستطيع أن يتكافل ويتراحم من أهل حيه وجيرانه وفي ذلك خير وأجر كبير. لن نمارس طقوسنا الدينية الرمضانية كما في كل رمضان، وهذا شيء محزن وغريب علينا لن نستطيع التأقلم معه بسهولة، لكن الضرورات تبيح المحظورات، ومقاصد الشريعة السامية تعلي من الحفاظ على النفس البشرية وصحتها، ويؤثم من يرمي نفسه للتهلكة. الصلاة من البيوت ليست منافية للدين ومقاصده فالأولى حفظ النفس وسلامة المجتمع.
البعض منا وهم قلة يمارسون التنمر والعصبية ولا يسيطرون على الغضب في رمضان، ونشهد أحيانا بعض المشاجرات وأحداث العنف المعيبة والطارئة على مجتمعنا، وهذا تماما عكس ما يجب أن يكون عليه الشهر الفضيل. هذا شهر الصبر والتسامح لا الغضب والعصبية، وكلما تسامحت مع غيرك كان ذلك أجرا وثوابا لك. استمرار الحظر الجزئي وعدم السماح للمركبات في معظم محافظات المملكة بالتنقل قد يخفف من الاحتكاكات التي قد تولد عنفا، لكن هذا لا يعفي الصائمين من واجبهم الديني في أن يمارسوا رمضان بما يستحق من تسامح وتعاضد ومحبة.
رمضان شهر السكينة، يتزامن هذا العام مع أجواء الاحتفال بعيد الفصح المجيد الذي يحتفل فيه أشقاؤنا المسيحيون الأردنيون، وهي مناسبة للتذكير بعظمة الأردن وتعايشه الديني التلقائي العميق غير المصطنع. أيام مباركة على الجميع فيها معاني التسامح والتعاضد والإيمان، في بلد باتت قيمه وأداء قيادته ومؤسساته وأسس التعايش المجتمعي والديني فيه مثالا لباقي الأمم والحضارات. فلنجعل هذه الأيام أياما لتطهير النفس وحب الوطن فمحبته والافتخار به شعب من شعب الإيمان.