ذكرى كارثة ميونيخ تطارد المخضرم بوبي تشارلتون كل يوم

ذكرى كارثة ميونيخ تطارد المخضرم بوبي تشارلتون كل يوم
ذكرى كارثة ميونيخ تطارد المخضرم بوبي تشارلتون كل يوم

 

مانشستر (انجلترا) - لا يمر يوم على بوبي تشارلتون دون أن يتذكر مأساة تحطم طائرة ميونيخ التي تسببت في مقتل عدد كبير من لاعبي فريق مانشستر يونايتد الذي كان يلقب حينها باسم (أطفال باسبي).

اضافة اعلان

فالذين قتلوا في الحادث المأساوي لم يكونوا مجرد زملاء لتشارلتون لكنهم كانوا اصدقاء للرجل.

وفي كتاب سيرته الذاتية الذي صدر مؤخرا بعنوان "أيامي في مانشستر يونايتد" قال تشارلتون "وحتى الان.. لا يزال الأمر يؤثر في كل يوم. في بعض الأحيان اشعر بها بشكل خفيف وكأنها لمسة عابرة تمر عبر مزاجي الذي يكون سعيدا فيما عدا ذلك."

وأضاف "ادخل في نوبة اسى وحزن عميق في بعض الاحيان.. مع شعور رهيب بالذنب والاسى والاسف لاني نجوت واستمتعت بالحياة لاحقا. اتذكر كارثة تحطم طائرة ميونيخ دائما وهي حقيقة لا يمكن نسيانها او اغفالها مع مرور الوقت."

ومع حلول الذكرى 50 للكارثة لا يجد تشارلتون (70 عاما) صعوبة في الحديث عن اللحظة التي غيرت حياته إلى الأبد.

ففي الوقت الذي قتل فيه ثمانية من اصدقائه في هذه الكارثة في السادس من شباط (فبراير) 1958 فانه نجا من الموت مصابا بجروح طفيفة.

ونجا تشارلتون بعدما قذف به خارج الطائرة مع مقعده. ورغم اصطدامه بالأرض مغشيا عليه فانه سرعان ما استعاد وعيه ليعود مجددا للعب كرة القدم بعد أقل من شهر.

وشارك تشارلتون في 759 مباراة مع يونايتد حتى اعتزاله في 1973 وهو أكبر عدد من مباريات للاعب في تاريخ النادي الانجليزي.

ويبقى عدد الاهداف الدولية البالغ عددها 49 هدفا التي سجلها تشارلتون مع انجلترا في الفترة بين 1958 و1970 رقما قياسيا بالنسبة للاعبين حتى الان.

ورغم فوزه بكأس العالم عام 1966 وكأس ابطال اوروبا مع الفريق الجديد لمانشستر يونايتد عام 1968 الا ان كارثة ميونيخ تظل أكثر اللحظات تأثيرا في حياته.

وقال تشارلتون لرويترز في مقابلة بملعب كارينجتون المخصص لمران يونايتد "أتفهم تماما لماذا يطلب مني الناس الحديث عن هذه الحادثة باعتباري كنت جزءا منها. لقد نجوت ولا زلت على قيد الحياة."

وأضاف "ليس لدي مشكلة في الحديث عن الفريق أو اللاعبين الذين قتلوا لأنهم كانوا جيدين للغاية وأنا فخور باللعب معهم."

وكانت أجواء كرة القدم حين حدوث كارثة ميونيخ تختلف تماما عن الوقت الحالي.. فقد كانت كل رحلة طيران لفريق يونايتد الى اوروبا بمثابة مغامرة شاقة.

وسارت الأمور بشكل مأسوي في ميونيخ عندما تحطمت طائرة مانشستر بعد توقف لاعادة تزويدها بالوقود أثناء رحلة العودة من بلجراد بعد مباراة في كأس ابطال اوروبا.

وكانت كأس ابطال اوروبا وهي البطولة القارية الكبيرة الوحيدة للاندية في هذا التوقيت في بدايتها اذ بدأت موسم 1955-1956. وكانت رحلات الذهاب لأماكن مثل بلجراد وميلانو ومدريد تستغرق ساعات طويلة من السفر وكذلك لتوقفات من أجل اعادة التزود بالوقود.

وقال تشارلتون "كان الأمر يختلف تماما عما يحدث حاليا من السفر بطائرتنا الخاصة بسهولة إلى المباراة والعودة بعد ذلك مباشرة. كان الأمر بمثابة عمل. لكنه كان كالمغامرة."

ويؤمن تشارلتون بأنه لولا الكارثة التي حدثت ورحيل ثمانية لاعبين من الفريق لكان يونايتد فاز بكأس ابطال اوروبا عام 1958 ولكان كذلك أوقف ريال مدريد الاسباني ومنعه من الفوز بالبطولة خمس مرات متتالية وهو ما ساعد في جعله احد اكبر اندية العالم.

وقال تشارلتون "أعتقد أنه اذا كان الفريق استمر معا لكنا فزنا في هذا العام بكأس ابطال اوروبا. ريال مدريد فاز بالبطولة في أول خمس مرات. لكننا لم نكن سنبتعد عن هذا الطريق اذا وضعنا اقدامنا عليه وهو أن نصبح الأفضل في اوروبا."

وأضاف "اتذكر عندما لعبنا اول مباراة اوروبية على ارضنا وكنت اتمنى ان اشارك فيها وفزنا على اندرلخت البلجيكي بنتيجة 10-صفر. في البداية كنا نتساءل عن امكانية الاستمرار في ذلك وهل هناك من الفرق الأخرى ممن هم أفضل منا."

وتابع "باستثناء ريال مدريد في هذا الوقت فاننا كنا نستطيع ملاقاة (والفوز) على أي فريق اخر."

ورغم ذلك انتظر يونايتد عشر سنوات قبل أن ينجح بوسبي الذي أيضا نجا من تحطم الطائرة في اعادة بناء الفريق والنادي.

ففي 29 مايو ايار 1968 أحرز تشارلتون هدفين ليفوز يونايتد على بنفيكا البرتغالي بنتيجة 4-1 في استاد ويمبلي ليتوج بطلا لكأس ابطال اوروبا ولينهي بنجاح المهمة التي بدأت عام 1956.

وقال تشارلتون "كانت ليلة رائعة لانها وضعت الامور في نصابها بشكل ما. فالكارثة كانت قد وقعت بالفعل وانتهت وكذلك كان حال الأجواء المأسوية. لقد ساعدت (الليلة) مات باسبي. إنه كان فريقه... لقد مات لاعبوه. لقد تسبب ذلك في أن يكون الأمر أكثر سهولة إلى حد ما بالنسبة له. أعتقد أنه كان يمكن أن يشعر بسعادة أكبر لأنه افتقد اللاعبين أكثر من أي شخص اخر. لقد كان يشعر بالمسؤولية."

وأضاف "يونايتد كان بمثابة الاسرة وكان هو الوالد ولذلك لكم أن تتخيلوا أنه عندما حدث هذا الأمر فانه كان مأسويا بالنسبة له أكثر من أي شخص اخر."

وباستثناء عام واحد قضاه تشارلتون في بريستون نورت ايند كلاعب ومدرب موسم 1973-1974 فانه كان في مانشستر يونايتد منذ الالتحاق بالنادي وعمره 15 عاما في يناير كانون الثاني عام 1953.

وكان تشارلتون شاهدا على مراحل نمو يونايتد بداية تحت قيادة باسبي ومؤخرا تحت قيادة اليكس فيرجسون ليصبح أحد أكبر أندية العالم على طريقة ريال مدريد الذي يحاول اللحاق به في كل هذه السنوات.

لكن ما حدث في ليلة الكارثة في ميونيخ ساعد تشارلتون على وضع كل أمر في نصابه.

وكتب تشارلتون في مقدمة كتابه "نجوت بحياتي بحق بمعجزة. لكن في ميونيخ 1958 تعلمت انه حتى المعجزات يكون لها ثمن."