رؤية ملكية على مدار عقدين أمَّنت الغذاء لأكثر من 10 ملايين إنسان

عمَّان- قلَّص الأردن خلال العقدين الأخيرين انعدام الأمن الغذائي للسكان، وانخفضت نسبة نقص التَّغذية في البلاد الى النِّصف في الفترة الممتدة بين عامي 2000-2015 حيث وصلت إلى 4 بالمئة، بعد جهود ملكية توجهت إلى القطاع الزراعي بأكمله وعلى الصُّعد كافة.اضافة اعلان
وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، تابعت رأي المختصين في الأردن حول حديث جلالة الملك عبدالله الثَّاني في خطابه اليوم الجمعة في حوار "بورلوملايينغ" الدَّولي، والذي نظمته مؤسسة جائزة الغذاء العالمية؛ لمناقشة آليات تطوير قطاع الزراعة والتصنيع الغذائي، وأكدوا أنَّ التخطيط والزراعة والري والعناية قبل الحصاد كانت سببًا رئيسيا في مواجهة الأردن لجائحة كورونا حيث وصل المخزون الى الكفاية لأكثر من 6 أشهر.
وزير الزراعة محمد داودية قال، ان جلالة الملك اطلق نداء يحمل شحنة أمل كبرى للإنسانية في حديثه بمناسبة يوم الغذاء العالمي، ووضع جلالته العالم امام "حالة الغذاء العالمي" الذي يعاني من تحديات تقليدية كالتغير المناخي وشح المياه والحروب والاضطرابات وازمات اللجوء العالمي. واضاف ، ان الملك في حديثه الى حوار بورلوغ الدولي وضع الحلول التي تقوم على بناء نظام عالمي شامل عن طريق ما أسماه ضبط العولمة وذلك بتعزيز العمل العالمي المشترك ودعم روح الابتكار وبنية الزراعة التحتية والافكار الابداعية في مجالات الانتاج والتزويد والتخزين وتبادل الخبرات، بدل استثمار الموارد الانسانية في التسلح والحروب.
واوضح ان جلالته عرض استخدام الاردن كمركز اقليمي للغذاء مما يعزز الاستجابة العالمية للازمات الغذائية والكوارث مؤكدا إن هاجس الملك الذي عبر عنه في أكثر من مناسبه هو التحذير من نشوب أزمة نقص غذاء وضرورة الاستعداد لمواجهة أوبئة وتحديات جديدة. مدير المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور نزار حداد، قال إنَّ مشاركة جلالة الملك في هذا الحوار، والذي يتزامن مع يوم الغذاء العالمي، هو اشارة للأهمية والمرجعية المحورية التي يلعبها الاردن في المنطقة والعالم في مختلف المجالات وعلى رأسها القضايا الدبلوماسية.
ولفت إلى أنَّ اشارات الملك تُضاف الى اشاراته المتكررة حول أهمية الامن الغذائي وضرورة توفير الغذاء للجياع وبخاصة في ظل وجود 690 مليون انسان في العالم يعانون من نقص الغذاء.
وأكد أنَّ الاردن ورغم شُح الموارد الا انه سطَّر نموذجًا في عمليات الامن الغذائي خلال جائحة كورونا، وشكَّل المزارع الاردني إنموذجًا؛ لتحقيق الأمن الغذائي الداخلي من خلال التنوع في الانتاج من خضار وفواكه ودواجن ولحوم وألبان.
وأشار إلى أنَّ المزارع الاردني كان خط دفاع رئيس عن الامن الغذائي في هذه الجائحة، مشيرًا الى الخطة الاستراتيجية التي عملت عليها وزارات الزِّراعة والصناعة والتجارة وشركة الصوامع الاردنية من خلال تأمين مخزون استراتيجي من الحبوب لـ 6 اشهر اضافية يُعد امرا مهمًا وكبيرًا.
وقال انه وعند الحديث عن الأمن الغذائي لا بد من الإشارة إلى أهمية سلامة الغذاء وسهولة وصوله للمستهلك والعمل على ديمومته ووفرته لغايات تحقيق الامن الغذائي، الى جانب السِّياسات والانظمة لضبط السُوق وضمان وصول المواطن للغذاء.
ولفت إلى إنَّه ولتحقيق الامن الغذائي لابد من التركيز على تقنيات جديدة وأدوات متقدمة وزراعات الهيدروبونيك واكوابونيك ومحاصيل العجز، وتأمين المحاصيل من الداخل، وتوفير العملات الصعبة، والتركيز على المحاصيل ذات القيمة المضافة والتي تعتبر أدوات تحقيق الامن الغذائي وتنويعه.
وزير الزّراعة الأسبق الاستاذ الدكتور رضا الخوالدة بين أنَّ كلمة جلالة الملك جاءت واشحة وشاملة ومعبرة عن التحديات التي يواجهها الأمن الغذائي عالميًا وفي ظروف التغير المناخي وشح المياه وجائحه كورونا.
وأكد أنَّه في الوقت الذي يجب ان يضع النظام العالمي الأمن الغذائي على رأس أولوياته إلا أنَّ المطلوب في الاردن وضع وتنفيذ استراتيجية للأمن الغذائي وتأمين الغذاء وتوفره وسهولة الوصول إليه وتأمين العناصر الغذائية اللازمة واستدامة وجودة.
ولفت إلى أنَّه لا بُد من دعم القطاع الزراعي والمزارع الذي يعتبر الركيزة الأساسية لإنتاج الغذاء محليًا وتبني التكنولوجيا الحديثة لزيادة الانتاج وتحسين المنتج والتركيز على المحاصيل الاستراتيجية وتقليل الفاقد في الانتاج خلال وبعد الحصاد.
ونوه إلى أنَّه لا بد من تحسين المحاصيل لإنتاج اصناف تتناسب مع ما طرأ من تغيير بسبب التغير المناخي لتتحمل الجفاف والحرارة وتقصير موسم النمو، وأنَّ الحاجة ملحة للتوسع بإنشاء بنك الغذاء الاردني.
وطالب بضرورة تدريب المزارعين على استخدام الزراعة الذكية والتطبيقات الذكية لرفع سوية الانتاج وتحسين جودة المنتج، والحاجة ملحة لتوجيه الاستثمار في مجال التصنيع الزراعي والتوسع في تأمين البنية التحتية اللازمة للاستثمار في المشاريع الزراعية واعداد دراسات الجدوى الاقتصادية اللازمة، ولابد من توجيه التمويل لمشاريع الامن الغذائي ومساهمة الإقراض الزراعي بتلك المشاريع.
وأشار مدير بحوث المحاصيل في المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي الدكتور يحيى الشخاترة، إلى أنَّ الوصول للغذاء الآمن يحتاج إلى تعديل تشريعات وذلك بعدم استغلال الأراضي الزراعية لغايات البناء والعقارات.
وبين أنَّ هناك إنتاجًا وفيرًا في بعض الخضار والأشجار وهذا يحتاج الى استراتيجية لتنظيم المحاصيل المطلوبة وتنظيم الزراعة في الأردن، وهذا يصب في دعم زراعة القمح.
وأوصى باستخدام التكنولوجيا في الزراعة، وتحلية المياه، واستصلاح الأراضي للزراعة، وتعزيز الصناعات التحويلية، بإعداد خطة استراتيجية واضحة بالاشتراك مع جميع الجهات للإجابة على سؤال "ما هو مطلوب من القطاع الزراعي؟"، بهدف إعادة الاعتبار للقطاع الزراعي.
رئيس اتحاد المزارعين الأردنيين عودة الرَّواشدة قال إنَّ الاهتمام كان واضحًا في القطاع الزِّراعي، وفي أحاديث جلالة الملك اليومية وفي كل مناسبة بتوفير الدَّعم والمساندة للقطاع الزِّراعي والمزارعين.
ولفت إلى أنَّ جلالة الملك قال إنَّ العمل يبدأ قبل الحصاد من تخطيط وزراعة والتعامل مع المتغيرات اليومية، وكل ذلك كان سببًا في أنَّ القطاع الزراعي لم يتوقف وكانت مخابي الأردن مليئة لوقت جائحة مثل كورونا.
وبين أنَّ مخاطبة العالم اليوم بالوقوف صفًا واحدًا من قِبل جلالة الملك، هو الدَّقيق، فالعالم يواجه خطرًا كبيرًا في الامداد الغذائي وايصاله الى النَّاس وأنَّ المواجهة تقتضي الاتحاد والاهتمام بالقطاعات الانتاجية والتي من أبرزها وأهمها الزراعة.
وأكد أنَّ الاهتمام يجب أن يستمر ويزداد في العالم أجمع بكل من يوفر الطَّعام سواء من يزرعونه أو ينقلونه، وحتى تخزينه وتوزيعه، والأردن قطع مسافات طويلة وكبيرة في هذا المجال ويبحث عن مزيد، وجاءت جائحة كورونا لتثبت أنَّ الزراعة وبذار الأرض التي عليها نعيش، ستطعم الجميع وتكفيهم إن منحوها اهتمامهم. (بترا)