"رئيسا وقف على قبر شهيد"

"نريد رئيسا وقف ولو لمرة على قبر شهيد" قائل هذه العبارة ليس أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، مع أنك تعتقد ذلك لكثرة لوحات حزب الله الإعلانية التي تمجد الشهادة. طبعا ولا تيار المستقبل الذي لا تقل لوحات شهدائه عن لوحات حزب الله، إنها مقولة لـ"شهيد" آخر؛ بشير الجميل الذي يتهم النظام السوري باغتياله. والمقصود هنا من قضوا على أيدي الجيش السوري لا الإسرائيلي.

اضافة اعلان

كل فريق في لبنان لديه "شهداؤه"، حزب الله تبدأ القائمة من أمينه العام عباس الموسوي وصولا إلى شهداء حرب تموز. والقوات اللبنانية تبدأ قائمتها من الرئيس الجميل وصولا إلى المفقودين عند الأمن السوري، التقدمي الاشتراكي لديه كمال جنبلاط، وتيار المستقبل الذي لم يشارك لا في الحرب الأهلية ولا في حرب التحرير لديه الرئيس الحريري وقائمته مستمره هو وتيار 14 آذار الذي يمتلك الأكثرية النيابية.

يسخر أحد منظري تيار الحكومة في لبنان (14 آذار) من حالهم في لبنان بقوله: إن المتسوقين لم يغادروا عندما سمعوا صوت انفجار، ولكن عندما قيل لهم أن نائبا من الأكثرية موجود بينهم ولوا مدبرين! وبنظره فإن ماكنة الاغتيالات ستتواصل بمعزل عن التوافق على الرئيس  وحتى لو جاء سمير جعجع فلن يستطيع عمل شيء. وستتواصل الأوضاع كما هي.

قيادات حزب الله متفائلة بإمكانية التوصل إلى التوافق على رئيس غير محسوب على فريقي السلطة والمعارضة. فالبلد بنظرهم لم يعد يحتمل المزيد والظروف نضجت وصولا إلى التوافق. طبعا حليفهم عون سيكون غاضبا لكنهم قادرون على استيعابه، وفي المقابل جعجع وجنبلاط سيغضبان وتيار المتسقبل قادر على استيعابهما.

الجميع في لبنان يقلل من شأن العامل الداخلي توافقا أم انقساما، ويربط الأوضاع بحال الإقليم مباشرة. الرأي الحاسم هنا لحزب الله الذي يسعى للتوافق استعدادا للحرب المقبلة. العسكريون في حزب الله يؤكدون أنهم أكثر جهوزية من حرب تموز. ويرجحون أن تكون الضربة المقبلة لسورية بشكل أساسي، وبثقة بالغة يتحدثون عن هزيمة إسرائيل التي أدركوا مدى ضعفها في الحرب الأخيرة التي لم يستخدم فيها الحزب إلا جزءا يسيرا من قوته.

تجد مقاومة حزب الله من يفتخر بها في لبنان حتى في ظل الانقسام الطائفي، الشيخ فيصل المولوي زعيم الجماعة الإسلامية يشيد علانية في إفطار رمضاني ببطولات المقاومة ويدعو حزب الله إلى طمأنة الفرقاء، مع أن الجماعة من أكبر الكتل السنية المؤيدة لتيار الحريري. في المقابل تجد في الأوساط الشيعية العلمانية من يرفض حزب الله مقاومة ومشروعا. "علماني شيعي" لا يتردد عن القول ان حزب الله هو المسؤول عن حرب تموز، وبرأيه أن نمط حياة الإسرائيليين أقرب إليه من نمط حياة حزب الله.

إذن؛ الانقسام ليس طائفيا فقط، والسياسة التي يفترض أن تجسر بين الطوائف تتضافر معها في تقسيم اللبنانيين. يتساءل كاتب علماني مسيحي من خصوم حزب الله: لماذا لا تجد من يطرح ولو نظريا إمكانية وصول رئيس شيعي للبنان؟ المؤكد أن أي سياسي مسيحي سيطرح مثل هذا المخرج النظري سيفقد فرصته في الوصول للرئاسة.

المشهد في بيروت بدا قاتما قبل الحرب المقبلة فكيف إن وقعت، ساعتها من المؤكد أن اللبنانيين سينتخبون رئيسا وقف مرات على قبر شهيد.. إن لم يكن الرئيس نفسه شهيدا!

[email protected]