رئيس إسرائيلي يؤيد الدولة الواحدة

كان هناك سبعة مرشحين لمنصب "رئيس دولة إسرائيل" في الأسابيع الماضية، انسحب اثنان منهم بسبب فتح ملفات تحقيقات جنائية مفاجئة ضدهما. ثم جرت معركة انتخابية، ناضل فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بطرق شتى لمنع العضو في حزبه "الليكود"، روفين ريفلين، من وصول المنصب، بما في ذلك اقتراح ترشيح إلي ويزل، اليهودي الأميركي، الروماني المولد، الحائز على جائزة نوبل، وهو مؤرخ في شؤون المحرقة النازية، ولكنه لا يمتلك جنسية إسرائيلية (يبدو أن نتنياهو لم يكن يعلم ذلك). بل ووصل الأمر بنتنياهو حد محاولة إلغاء منصب الرئاسة لمنع وصول ريفلين، قبل أن يضطر لدعم مرشح حزبه الثلاثاء الماضي. اضافة اعلان
"ربما" لن يكون ريفلين (74 عاما) علامة فارقة في المشهد السياسي في المرحلة المقبلة؛ فقد كان يشغل على مدى الأعوام العشرة الماضية منصب رئيس الكنيست الإسرائيلي، وهو منصب لا يقل أهمية عن منصب الرئاسة الإسرائيلية من الناحية السياسية. وربما يكون منصب الرئاسة الإسرائيلية شرفيا وبروتوكوليا إلى حد كبير، إلا أنّه ليس عديم الأهمية من الناحية السياسية، خصوصاً عندما يأتي الأمر إلى الصورة الإعلامية، والرأي العام، والعلاقات العامة بين الدول.
كان الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريز (91 عاما)، وجهاً مقبولاً دوليا، يجد فيه بعض الرؤساء في العالم الذين يريدون أن يقيموا علاقة مع مسؤول إسرائيلي، وجها بديلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وآخر هذه المناسبات كانت الأحد الماضي عندما دعا رأس الكنيسة الكاثوليكية، البابا فرانسيس الأول، الرئيسين الفلسطيني والإسرائيلي للصلاة في الفاتيكان لأجل السلام. على العكس من ذلك، فإنّ تركيز ريفلين هو الرأي العام الإسرائيلي، بما فيه العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة العام 1948، بل ومن غير المستبعد أن يستفز انتخابه بعض الدول مثل تركيا، لأنّه من الناشطين في الدعوة للاعتراف بأنّ تركيا ارتكبت مجازر ضد الأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى. ولكن ريفلين اشتهر أيضاً بسبب قصة رفضه توصية بطرد النائب في الكنيست الإسرائيلي، حنين الزعبي، من عضوية الكنيست العام 2010، ولاختياره أم الفحم العربية ليزورها فور تجديد انتخابه رئيسا للكنيسيت العام 2010.
كان ريفلين ضد مشاريع تسوية سياسية عديدة منها حل الدولتين، ومنها حل الانسحاب الأحادي الجانب الذي نُفّذ في قطاع غزة، وكاد آرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ينفذه في الضفة الغربية (بطريقة مختلفة). ومن هنا، يمكن جزئيا فهم لماذا قام حزب "البيت اليهودي"، الذي هو حزب المستوطنين، بدعم ترشيح ريفلين، بينما رفضه نتنياهو الذي لا يوجد توافق شخصي بينه وبين الرئيس الجديد، خاصة أنّ الأخير ينتقد كثيرا نتنياهو، بما في ذلك انتقاد تدخل سارة، زوجة رئيس الوزراء، في الحياة السياسية والتعيينات للمناصب العليا، وإدارته الكنيست بطريقة لا ترضي نتنياهو. هذا مع الإشارة إلى علاقة بين عائلتي نتنياهو وريفلين، تضمنت حضور الأخير طقوس احتفالات ولادة نتنياهو.
يعتبر ريفلين مُتَطَرِفاً في رفضه الدولة الفلسطينية، ولكنه في السياق لا يرفض علاقة مع الفلسطينيين، تصل حد إعطائهم جنسية إسرائيلية، ليصبحوا جزءا من الدولة. وهكذا يكون ريفلين أحد "المستهترين" بفكرة الخطر الديموغرافي الفلسطيني التي تستخدم عادة لترويج حل الدولتين، والحفاظ على الهوية اليهودية للدولة.
على هذه الخلفية، من غير المستبعد أن يواصل ريفلين انتقاد نتنياهو. وهو، كذلك، على علاقة سيئة مع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، خصوصا لرفض ريفلين فكرة الأخير تحويل بلدات ومناطق ذات كثافة سكانية فلسطينية من الأراضي المحتلة العام 1948 لتكون جزءا من تبادل أراضٍ مع دولة فلسطينية، ولانتقاده مطالب ليبرمان وغيره فرض الولاء على العرب الفلسطينيين في هذه الأراضي باعتبار ذلك من شروط الجنسية. ويسخر ممن يعتقد أنّه يجب الطلب من الفلسطينيين غناء النشيد الوطني الصهيوني، ويدعو عمليا لدولة ثنائية القومية، فيها مؤسسات خاصة بالفلسطينيين، وربما لعلاقة فيدرالية.
التوقف عند عقلية الرئيس الإسرائيلي الجديد جدير بالاهتمام، خصوصاً عندما نعلم أن لديه تحالفاته السياسية مع الأحزاب المختلفة، ما يجعله مؤثرا في المشهد السياسي.