أفكار ومواقف

راهبات معلولا

وصمة في جبين أيّ تنظيم أو نظام ذاك العدوان المروّع على المعابد والأديرة وسكانها الذي حصل في معلولا. فالهمجيّة لا تُبرَّر. والانسلاخ عن الانسانيّة وقيم التحضّر لا يُغتفر.
وكذا كان الأمر عندما اختار (ثوار) سورية الأشاوس ترويع راهبات معلولا وهنّ في صمت الدير والعبادة والتنفّل. فماذا حقّقوا؟ إذلال الآخر الذي هو النّصرانيّ النّابت في أرض الشّام قبل قرون من دخول الإسلام؟ أي صاحب الأرض والعرض الأصيل؟ تجويع فكرة السّلام المجتمعيّ؟ تمزيق لَحمةِ سورية وسَداها؟ تدمير أواصر وتهديد معنى الكرامة والشّرف؟
ما الذي تُرى كانت فعلته قوى المتأسلمين مجتمعة، ابتداء بالإخوان ونزولاً إلى ما شئت من دركات التأسلم، فيما لو اختطفت قوى العلمانيّة مجموعة مشايخ متعبّدة في مسجد أو بيت حرام؟ ما هي طبيعة التحرّك العالميّ الذي كان سيصدح صبح مساء في رؤوسنا ووسائل إعلامنا وإعلام الغير، نعياً لحقوق الإنسان وبروتوكول الحروب وآداب الخصومة؟
وتحت أيّ مسمّى قرّرت مجموعة تنتسبُ للإسلام أن تصمّ الآذان عن تعاليم الإسلام في الحرب والسّلم؟ سوى أنّه التوحّش الأعمى!
كانت معلولا وراهباتها ملاذاً للمسلمين قبل المسيحيين، طلباً لراحة البال وشفاء الجسد والنّفس. الخطوات الوئيدة التي كنا ننقلها فوق حجارتها الصمّاء، وعبر أروقة أديرتها كانت تقودنا إلى همس الروح. فاللطف الذي كنا نذهب إليه ونجده في وجوه الراهبات المبتسمة وترحيبهنّ الذي لم يكن يميّز بين محتجبة وفارعة، لم نكن لنجد له مثيلاً في أسواق الباعة الجدد لتعاليم التجهّم والكراهية! كانت المقارنة فارقة ومخيفة! لم تكن أبداً مقارنة بين تعاليم الناصريّ وتعاليم أحمد! بل بين كائنات اختارت أن تتهجّد في اللطافة مستمدّة من مسيحها المحبة، وأخرى اختارت أن تغادر قلب نبيّ الإنسانيّة وروحه، وتنتزع الأرواحَ من حناجرها، وهي تجري إلى السلطة جريان وحوش الأرض إلى تمزيق الأيائل والنعام! 
حُرّرت راهبات معلولا، نعم، ولكن لم تُحرّر تلك الرؤوس المدخّنة بسخام الانتقام والبشاعة والأحقاد!
ألا إني بريئةٌ منهم ومن تديّنهم ومن إسلامهم، هؤلاء الذين مدّوا أيديهم إلى ذراع راهبة في دير يغصبونها على الرّكوع لسلطانهم الهمجيّ!
لطالما فقدتُ الأمل!!!

[jetpack-related-posts][/jetpack-related-posts]

تعليق واحد

  1. الكاتبه المحترمه
    ما بعرف اذا شاهدتي التقرير المصور للمقابلة مع راهبات معلولا كانو عم بمدحو في الجماعة يلي كانو محتجزين عنده وطيب تعاملهم و أخلاقم


  2. ليس دفاعا عن الجماعات المسلحة واعمالها ، ولا دفاعاً عن اعمال الخطف ولكن حتى ننظر الى الامور بكلتا العينين ، الانظمة العلمانية الطاغية الجاثمة فوق صدور الناس وعقولهم وقلوبهم في بلاد العرب هي اكبر مجرم وايدي هذه الانظمة ملطخة بدماء عشرات الاف من اتباع الجماعات الاسلامية سواء الاخوان او التحرير او غيرهم . فما هو غريب عمى البعض عن اعمال الاجرام المفضوح واظهار اقصى درجات الغضب والحنق على احتجاز راهبات (وليس اغتصابهن كما تفعل الانظمة مع الاسلاميين ) ادى احتجازهن الى الافراج عن 150 امرأة بريئة تعرضن الى كل اشكال العنف والتعذيب والاغتصاب الجسدي والمعنوي ,
    وللعلم ان الراهبات صرحن بعد الافراج عنهن تصريحات لافتة للنظر لا يصح التعامي عنها . وهي انهن لم يتعرضن لاي شكل من اشكال التعذيب او الاغتصاب او الاهانة وسوء المعاملة . بل اشدن بحسن اخلاق الخاطفين .
    واما الحقد الاعمى المغروس داخل نفوس تخلت عن ادميتها فيمكن مشاهدته بوضوح من خلال البراميل المتفجرة وسياسية التجويع والتعذيب والقتل الممنهج وكل هذه الاعمال التي تحدثت عنها مليا ومرارا وتكرارا منظمات غربية لا تؤمن لا بالاسلام ولا بالجماعات الاسلامية ولا المتأسلمة .

  3. ما اراه
    لا نطلب من الكتاب والمثقفين الا الانصاف عند التحدث عن اي موضوع فاني ارى في بعض الكُتاب الانحياز رغم وضوح الصورة امام الاُمي

  4. كفى ظلما للجماعات الإسلامية
    المسيحيون مواطنون أصلاء في بلادنا العربية والإسلامية ، ولا يجوز الإعتداء عليهم أبدا .
    ولكننا نقول للكاتبة أين أنت من الإعتداء على الآلاف من النساء المسلمات السوريات اللواتي يقبعن في سجون بشار ويغتصبون ويعذبون كل يوم ؟
    ونحمد الله على تحرير الراهبات..

  5. لماذا الهروب عن الحقيقة
    لماذا الهروب عن الحقيقة بان النظام الاسدي المجرم هو من أوجد داعش ، الى متى ننصرف عن الحقيقة .

  6. البراءة من الهمجية
    انا معك أيتها الأخت الصادقة بنصحها وبريءٌ من المأجورين لتشويه الدين الحنيف الأمر بِحُسن الخلق والتعامل مع الأخر إذ أكد أن ( المسلمَ مَن سلمَ الناسُ من لسانه ويده ) والذين لم يعوا قوله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock