رد الأعيان المتوقع لمشروع قانون الجوازات يمنح فرصة للنواب لاستعادة شعبية مفقودة

كيف سيتعامل النواب الذين هاجموا الصحافة والإعلام مع مجلس الأعيان، إذا ما استجاب لتوصية لجنته للشؤون القانونية برد مشروع قانون جوازات السفر الذي أجري عليه تعديل نيابي منح النواب أنفسهم من خلاله جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة؟ سؤال يتبادر إلى الذهن على ضوء توصية اللجنة، ولاسيما بعد الهجمة غير المسبوقة لبعض النواب على الصحافة والصحفيين والإعلاميين لانتقادهم التعديل الذي أجراه النواب على مشروع قانون الجوازات. اضافة اعلان
قد تكون الإجابة سهلة إذا ما أُخذت الأمور في سياقها؛ بأن هؤلاء النواب وغيرهم سيستخدمون كل وسائل الضغط على الأعيان لتغيير موقفهم، ومنها مذكرة نيابية تطالب بتعديلات دستورية لانتخاب مجلس الأعيان. ويذكر أن 62 نائبا كانوا طالبوا بانتخاب مجلس الأعيان بدل تعيينه، من خلال مذكرة وقعوها تطلب من الحكومة إرسال قانون تلغى بموجبه امتيازات التقاعد للنواب والأعيان والوزراء السابقين والحاليين واللاحقين.
وكان سبب هذه المذكرة الضغط على مجلس الأعيان لرد القانون المؤقت للتقاعد المدني، أسوة بمجلس النواب الذي رد هذا القانون، ولتتسنى العودة إلى القانون السابق الذي يمنح تقاعدا مدى الحياة لعضو مجلس الأمة.
ولذلك، قد يكون رد النواب على القرار المتوقع لمجلس الأعيان برد قانون الجوازات مرتبطا إلى درجة كبيرة، بموقف الأعيان من القانون المؤقت للتقاعد الذي ما يزال يناقش في لجنة الشؤون القانونية بمجلس الأعيان؛ فإذا رد المجلس هذا القانون، فإن غضب النواب سيكون أقل حدة، لأنه يستجيب لمطلبهم بالتقاعد مدى الحياة، وفي حال قرار المجلس الموافقة عليه، فإن الضغط النيابي سيزداد عليه.
للأسف، فإن بعض النواب حاول ربط القضايا التشريعية بمصالحه الخاصة. وفي حال لم يتسن له ذلك، أو انتُقد من أجل ذلك، فإنه يمارس كل أنواع الضغط والهجوم والتجني.
ولأن الأمر كذلك، فإن مذكرة النواب الـ62 كان من الممكن أن تشهد تأييدا واسعا من العديد من القوى والأحزاب والمواطنين، لو تم التوقيع عليها وتبنيها ضمن سياق الإصلاح السياسي. فانتخاب الأعيان تدعو له قوى وفاعليات وهيئات سياسية ومدنية وحقوقية عديدة، وكان مطلب مسيرات المعارضة على مدار الأشهر الماضية. لذلك، كان من الممكن أن تُستقبل مذكرة النواب بحفاوة بالغة من المعارضة وغيرها من القوى التي تؤيد انتخاب الأعيان، إلا أنها لم تحظ بهكذا حفاوة لارتباطها بمطالب خاصة للنواب، وباعتبارها وسيلة ضغط على الأعيان، وليس مذكرة "إصلاحية".
المهم، الآن، أن مجلس الأعيان قد يوافق على رأي لجنته للشؤون القانونية ويرد مشروع قانون الجوازات، ما يستدعي أن يعيد النواب الذين صوتوا على هذا المشروع حساباتهم من جديد بعد الضجة الشعبية الكبيرة على التعديل الذي أدخلوه على المشروع. وعليهم أن يقبلوا أن مبرراتهم لتعديل مشروع القانون غير مقبولة للكثير من المواطنين، الذين عبروا عن احتجاجهم على هذا التعديل، واعتبروا أن موقف النواب فيه انتقائية تجاه مصالحهم.
وقد تساءل عشرات ممن خدموا في القطاع العام، وفي الجيش، وفي الأمن العام لسنين طويلة عن أسباب حرمانهم من الحصول على جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة، وفق منطق النواب الذين صوتوا على التعديل.
إذا ما رد مجلس الأعيان مشروع قانون الجوازات، فإنه سيخلق للنواب فرصة لإعادة تغيير نظرة الكثير من المواطنين إليهم وإلى دورهم، من خلال الموافقة على الرد، والعودة إلى قانون الجوازات لعام 1969، الذي يتيح للحكومة تقديم مشروع جديد للقانون. ولكنهم في حال أصروا على موقفهم، فإنهم سيخسرون على الصعيد الشعبي.  بإمكان النواب، وهم مقبلون على مرحلة مهمة جدا بعد أن تحيل الحكومة عليهم مشروع قانون الانتخاب، كسب الشارع، من خلال الموافقة على قرار الأعيان المتوقع برد مشروع القانون.

[email protected]