رسائل تطمين.. ولكن!

وفقاً لخطاب العرش، في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة أمس، فإنّ مجلس النواب باقٍ إلى نهاية مدته الدستورية؛ أربعة أعوام. ذلك تطمين آخر للنواب بأنّ إقرار قانون انتخاب جديد لا يعني بالضرورة التحضير لرحيل المجلس، كما كانوا يتخوفون.اضافة اعلان
لكن، ماذا عن مصير حكومة د.عبدالله النسور؟
يقرأ مراقبون أيضاً أنّ في خطاب العرش نفسه، رسالة أخرى بوجود رغبة في الاستقرار الحكومي والتشريعي. وهو ما أشار إليه الملك بوضوح؛ كما أنّ المنطق الواقعي يعزز من سيناريو بقاء الحكومة، حتى تستمر في مهمتها الحالية، مع بداية العام المقبل، وتُكمل اتخاذ القرارات المرتبطة بالاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، طالما أنّ لديها الطاقة والقدرة على الاستمرار في هذه الطريق.
بالرغم من ذلك، فإنّ رسالة التطمين بشأن استمرار مجلس النواب أكثر قوة وصلابة، دستورياً وواقعياً، بينما بقاء الحكومة مرتهن، على المدى القريب، بعلاقتها مع المجلس، وقدرتها على تجفيف بؤر الاحتقان والتوتر. إذ إنّ خطاب الملك ربط بقاءها بوضوح بـ"ثقة مجلس النواب بها"؛ أي إنّ الكرة اليوم في ملعب النواب، وهم الذين يمسكون بعنق الحكومة!
على الأغلب، تتمثل رغبة "مطبخ القرار" في بقاء مجلس النواب والحكومة معاً. لكن إذا تعذّر الأمر، وبدا واضحاً في الأيام القليلة المقبلة أنّ المزاج النيابي لا يكن الودّ للرئيس والحكومة، وأنّ التيار النيابي المشاغب نجح في تعبئة المجلس بمواقف عدائية من حكومة النسور، فإنّ "مطبخ القرار" سيجد أنّ التعاون بين السلطتين وإنجاز التشريعات المطلوبة يدفع إلى تغيير الحكومة!
يعزّز هذا التحليل أنّ إرهاصات المواجهة بدأت مبكرّاً مع حادثة توقيف النائب يحيى السعود، والإفراج عنه قبل افتتاح الدورة العادية. ولم يمنع النائب عن اتهام الرئيس بوقوفه وراء ذلك، تأكيد الأخير أنّه كان ضد هذا القرار.
وبالرغم من أنّ انتخابات رئاسة مجلس النواب بالأمس جاءت، وفق تقديرات وشهادات النواب، خارج تأثير دوائر القرار الأخرى، ونجح فيها النائب عاطف الطراونة، فيما كان موقف الحكومة محايداً، إلاّ أنّ تنازل عبدالكريم الدغمي للطراونة، بعد خروج رئيس المجلس السابق، سعد هايل سرور، من الجولة الأولى، يُنظر إليه على صعيد أوساط نيابية وسياسية، بأنّه سيساعد التيار المشاغب على الحكومة في استئناف المواجهة معها سريعاً، والإصرار على الإطاحة بها.
مما يحمّس الأجواء النيابية لرحيل النسور، إقرار النظام الداخلي، وتثبيت الكتل النيابية كدعامة أساسية في عمل المجلس، ما يمهّد الطريق لتشكيل حكومات تضم نواباً، كما يطمع النواب. وقد يكون الرئيس النسور قد استبق هذا الإحساس بالإعلان (في حواره مع "الغد" أمس) عن رغبته في ضم عشرين نائباً إلى حكومته، في حال كانت أوضاع المجلس والكتل تسمح بذلك. إلاّ أنّ فتح ملف المشاورات من جديد مع مجلس النواب حول الحكومة والوزارات، لن يتم غالباً إلاّ بتغيير رئيس الوزراء.
هذا لا يعني، بالضرورة، ترجيح سيناريو رحيل الحكومة، بقدر ما يؤدي إلى نتيجة مهمة؛ تتمثل في أنّ على الحكومة إحداث اختراق عميق في مجلس النواب، والتحالف مع "لوبي" نيابي كبير، يعطيها الأفضلية والقوة ضد الطرف الآخر. أمّا إذا عجزت عن ذلك، وبقيت قاعدتها النيابية "رخوة" ومتحركة، فإنّ بقاءها سيكون أكثر صعوبة، وأقل استقراراً.
ثم، هناك رأي آخر يقول إنّ انتخاب رئيس مجلس النواب الجديد، بعد تغيير رئيس مجلس الأعيان، طاهر المصري، يعزّز قناعة مراقبين وسياسيين بأنّ ذلك من المفترض أن يؤدي إلى تغييرات أخرى لإعادة التوازن للمعادلة التقليدية في تولي المناصب العليا في الدولة!