رغم أنف الاحتلال

كنت أرغب في تخصيص مقالتي للحديث عن ملحق كأس العالم، الذي تصدره "الغد" اليوم، ويتناول كل ما يتعلق بمونديال البرازيل 2014 وما سبقه، حيث يشكل الملحق "مادة دسمة" للقراء الاعزاء، ليشكل امتدادا لملاحق متعددة سابقة وترسيخا للملحق اليومي الذي ستصدره "الغد" لاحقا، على أمل أن نكون اجتهدنا فأصبنا ارضاء للقارئ الكريم الذي نعتز به ونفتخر، ونسعى لتقديم الافضل له حرصا عليه، وايمانا منا بحرصه على أن تكون "الغد" دوما في الطليعة.اضافة اعلان
لكن انجاز المنتخب الفلسطيني لكرة القدم اول من أمس يشكل حدثا فريدا لا بد من التعاطي معه بأهمية بالغة، لأنه يؤكد حجم التحدي وحجم الارادة الفلسطينية لجعل المستحيل ممكنا وقهر كل الصعاب، وعلى رأسها الاجراءات التعسفية لسلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق عامة والرياضيين الفلسطينيين على وجه الخصوص.
قبل 80 عاما كان المنتخب الفلسطيني يشارك للمرة الاولى في تصفيات كأس العالم في العام 1934، وها هو اليوم يحقق انجازا فريدا طال انتظاره في الوصول إلى نهائيات آسيا للمرة الاولى.
انجاز يرفع الرأس ويثلج صدور الاهل في فلسطين والشرفاء في العالم، ويقهر في ذات الوقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي، التي حاولت بشكل متواصل طمس الهوية الفلسطينية بمختلف اشكالها.
سلطات الاحتلال الاسرائيلي بررت اجراءاتها التعسفية امام بلاتر قبل بضعة ايام، بأن تلك المعدات الرياضية تتحول إلى اسلحة في أيدي الفلسطينيين، الذين "يستغلون" كرة القدم لمحاربة "اسرائيل".
ورغم أن مثل هذه الادعاءات الزائفة لا يمكن أن يصدقها عاقل، الا أن في هذا الزمن الغابر يمكن أن يصدق البعض مثل هذه الادعاءات، طالما تخلوا عن موضوعيتهم وأمانتهم وعدالتهم.
الكرات الفلسطينية التي اصابت شباك المنتخبات المنافسة على أرض المالديف ضمن بطولة كأس التحدي، انفجرت كالقنابل في وجه الاحتلال الاسرائيلي، الذي صُدم بهذا الانجاز الذي سيضعه في مواجهة متكررة مع العالم، لأن هذا المنتخب يفضح اكاذيبه ويؤكد أن الشعب الفلسطيني يريد الحياة ويستحقها.
لقد قهر المنتخب الفلسطيني التحديات وظفر بكأس التحدي، الذي أهله ليكون ضمن المنتخبات المتأهلة إلى نهائيات آسيا في استراليا مطلع العام المقبل، ليكون إلى جانب منتخبات النشامى واسود الرافدين واليابان في المجموعة الرابعة.
هذا الانجاز لم يأت من فراغ، بل نتيجة حتمية لعزيمة قوية وخطوات صحيحة سار عليها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم برئاسة اللواء جبريل الرجوب، الذي "نحت في الصخر" مع بقية الاشقاء وصولا إلى هذا الانجاز.
ويسجل للأردن الذي يفخر بأنه يؤدي دوره بأمانة تجاه الأهل في فلسطين، أنه كان وما يزال "الرئة" التي تتنفس منها الرياضية الفلسطينية هواء نقيا، بفضل توجيهات الرياضي الاول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ومواصلة سمو الأمير علي بن الحسين نهجه الرائع والدؤوب في تسخير كل الجهود خدمة للرياضيين الفلسطينيين، ومحاولة ازالة قيود الاحتلال الاسرائيلي عن الكرة الفلسطينية بالتنسيق مع "فيفا".
الأردن كان وما يزال اول المشاركين في البطولات التي يقيمها الأهل غربي النهر، واول السعداء بأي انجاز فلسطيني يتحقق ويقهر من خلاله انف الاحتلال الغاشم.. مرحبا بالفلسطيني الشقيق إلى جانب النشامى.. مبروك للتوأم التاريخي.