رياضيون يبيعون الأرز والسكر

لفت انتباهي تقرير صحفي نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، أول من أمس، يتحدث عن لجوء لاعبي كرة القدم في أندونيسيا إلى تولي وظائف متواضعة على غرار بيع الطعام في الشوارع أو العمل كحراس أمن لتوفير سبل العيش، بعد أن تعطلوا عن العمل عقب توقف المباريات بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.اضافة اعلان
ويشير التقرير إلى أن مدربين ولاعبين منهكون من تقليص رواتبهم حتى نسبة 75 %، ما جعل لاعبا مشهورا هناك مثل باغوس نيروانتو اعتاد اللعب أمام عشرات الآلاف من المتفرجين كقائد لنادي بي أس أس سليمان، يتحوّل مع زوجته لبيع الأرز والسكر.
ولنكن واقعيين، بل وواقعيين جدا، فإن الظرف الحالي الذي يعيشه العالم بأسره منذ نحو تسعة أشهر، يعد استثنائيا ومفاجئا وتسبب بكلف مالية وفنية وبدنية ونفسية عالية، وتسبب أيضا في فشل الكثير من الخطط التي كانت موضوعة سابقا، وأجبر المجتمع الدولي بأسره على التعامل مع الحالة الجديدة تحت قاعدة "الخروج بأقل الخسائر"، وبما يضمن ديمومة النشاط الرياضي حتى في ظل عدم حضور الجماهير، أو حضور عدد محدود منها تجنبا لتفشي الوباء الذي بات ينتشر بشكل أوسع ويحصد مزيدا من الأرواح.
هناك رياضيون أثرياء يتكلمون بالملايين، وبعضهم دخل نادي أصحاب المليارات، نتيجة العقود والرواتب والمكافآت التي يحصل عليها، وهؤلاء يمثلون النخبة في أميركا وأوروبا وبعضا ممن فتح الله عليهم من أميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا ويلعبون في أوروبا، وقد تأثروا قليلا بالجائحة وإن تقلصت رواتبهم ومكافآتهم، لكن رصيدهم البنكي يجعلهم أثرياء "حتى ولد الولد".
في المقابل هناك رياضيون (طفرانون) أو يكادون يصلون إلى وصف "مستورين"، ونتيجة لضعف رواتبهم وغلاء معيشتهم، فلم يستطيعوا تحمل صدمة جديدة تفضي إلى تقليص رواتبهم التي لا تكاد تكفيهم أصلا، وبالتالي فإن بعضهم تقدم إلى طلب المساعدة حتى لو كانت بسيطة ولا تكفي لشهر واحد، فيما ذهب البعض الآخر للبحث عن فرصة عمل مهما كانت، أو حتى البيع على "بسطة" حتى يستر نفسه وعائلته، لأن "القشة" التي كانت تغطيه طارت وكشفت المستور.
من هنا يجب على الحكومة أن تفكر مليون مرة قبل أن تقرر إغلاق ناد أو مركز رياضي، لأن ذلك سيزيد من معاناة الفقراء منهم، ويدفع بالمستورين منهم إلى خانة الفقراء، ويصيب تلك العائلات بانتكاسة جديدة.
العالم اليوم، يعمل على ديمومة الحياة والأنشطة قدر المستطاع وفي ظل تدابير صحية تساعد على التقليل إن لم يكن تجنب الإصابة بالفيروس، بعد أن أيقن الكلفة الباهظة للإغلاق والحظر الشامل طويل الأمد.
إذا كان الرياضيون في إندونيسيا لجأوا إلى بيع الأرز والسكر لتوفير مصدر دخل لهم، فلا تعجبوا إن شاهدتم رياضيين في بلادنا يبيعون الكعك والترمس والذرة والبندورة، إن توقف مصدر رزقهم من الرياضة.