سائق ثمل في القدس

يديعوت أحرنوت

توماس فريدمان

أقدر جو بايدن كثيرا، فنائب الرئيس مدافع لا يكل عن مصالح الولايات المتحدة في العالم. ولهذا يؤسفني جدا أن أقول انه خلال زيارته الأخيرة إلى إسرائيل، وعندما رمت حكومة بيبي نتنياهو في وجه خططا جديدة للبناء في شرقي القدس، أضاع نائب الرئيس فرصة لينقل رسالة عامة قوية.

اضافة اعلان

كان يجب عليه أن يغلق مذكرته، وأن يعود إلى طائرته، وأن يطير إلى بيته ويخلف وراءه القصاصة الآتية: “رسالة من أميركا إلى حكومة إسرائيل: الأصدقاء لا يدعون أصدقاءهم يقودون وهم سكارى. وأنتم الآن تقودون وأنتم سكارى. أتعتقدون أنكم تستطيعون إحراج حليفكم الوحيد الحقيقي في العالم من أجل تلبية حاجة سياسية داخلية من غير أن تكون لذلك آثار؟ لقد فقدتم كل صلة بالواقع. اتصلوا بنا عندما تصبحون جديين. يجب علينا أن نحصر عنايتنا في بناء دولتنا”.

أعتقد أنه بدل الغضب ثم التسليم، كانت خطوة كهذه تنقل رسالة ناجعة لسببين: الأول أن ما فعله الإسرائيليون لعب مباشرة لمصلحة اولئك الذين يسألون عن أوباما وفريقه “ما مبلغ صرامة هؤلاء الرفاق؟”. آخر شيء يحتاجه الرئيس، في أزمان كهذه من مواجهة إيران والصين، ولن نذكر الكونغرس، هو أن يبدو شخصا تستطيع الحليفة الأشد تعلقا بأميركا الاحتيال عليه.

والثاني أن إسرائيل محتاجة إلى دعوة تنبيه. إن استمرار بناء مستوطنات في الضفة الغربية، بل بناء البيوت في شرقي القدس، جنون في حد ذاته. كما أن توسيع البناء المخطط له يثير الآن سؤالا: هل ستكون إسرائيل مستعدة ذات يوم للموافقة على عاصمة فلسطينية في شرقي القدس، وهذه مشكلة كبيرة.

يحاول جورج ميتشل منذ تسعة أشهر أن يجد سبيلا لتحقيق نوع من محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقد نجح ميتشل آخر الأمر في اقناع الطرفين بالموافقة على “محادثات تقارب”: يجلس الفلسطينيون في رام الله والإسرائيليون في القدس وينتقل ميتشل من طرف إلى طرف مسافرا ثلاثين دقيقة كل مرة. بعد عقد من المحادثات المباشرة تدهور وضعنا إلى هنا.

توصل مستشارو ميتشل ونتنياهو إلى اتفاق غير رسمي: اذا نجحت الولايات المتحدة في تحريك المحادثات فلن توجد اعلانات ببناء في شرقي القدس.

ولن يوجد شيء يحرج الفلسطينيين ويلزمهم ان يتركوا. وافق نتنياهو، كما تقول جهات أميركية، لكنه بين أنه لا يستطيع التزام ذلك علنا. فماذا حدث؟ أتى بايدن بعد يوم من بدء محادثات التقارب، وصدر اعلان عن وزارة الداخلية الإسرائيلية بأن إسرائيل أجازت بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في شرقي القدس.

هذا الشجار كله يصرف انتباهنا أيضا عن الطاقة الكامنة في هذه اللحظة: فطالما ظل العرب من أهل السنة يستشعرون التهديد الإيراني، فان استعدادهم للعمل مع إسرائيل ما كان قط أعلى مما هو الآن، وأفضل طريق لعزل إيران اخراج البطاقة الفلسطينية خارج النزاع. وفي الخلاصة توجد هنا فرصة حقيقية اذا قرر نتنياهو أخذها. يجب على الزعيم الإسرائيلي أن يقرر ما إذا كان يريد صنع التاريخ أم أن يكون مرة أخرى ملاحظة هامشية فيه.