سالم وسويلم ومشاريع التنمية في القرى والبوادي!

استمعت باهتمام لاتصالين عبر أثير الاذاعة الاردنية في برنامج البث المباشر الاسبوع الماضي، لمواطنين من مربي الثروة الحيوانية في الاردن، الأول السيد سالم من منطقة الجفر والثاني السيد سويلم من منطقة وادي عربة، مطلبهم الوحيد كان يتعلق بتسريع عملية تعداد المواشي المتوقف منذ سنتين في تلك المناطق ليتمكنوا من الحصول على البطاقات المعتمدة لدى مستودعات الاعلاف للحصول على مخصصاتهم من الاعلاف المدعومة من الحكومة. فتأخير تعداد المواشي وعدم صرف البطاقات لهم سيجبرهم على شراء الاعلاف من السوق الحرة وبأسعار مرتفعة!اضافة اعلان
ما لفت انتباهي ان المشاريع المتواجدة في القرى والبوادي لها متطلباتها الخاصة وهي متطلبات بسيطة لو حاولنا التركيز عليها ستنمو بصورة متسارعه! لكننا دائما نتحدث عن تنمية القرى والبوادي والأطراف، من خلال سعينا الى إقامة المشاريع التنموية التي تسهم في تطوير وتحسين مستوى معيشة المواطنين هناك، بناءً على نظريات النمو والتنمية الاقتصادية الجاهزة والتي قد لا يحدث تطبيقها فارقاً على أرض الواقع هناك! والسؤال هل نمتلك في أدراجنا الرسمية دراسات تقييم وأثر (Evaluation and Impact Studies) للمشاريع التي أقمناها خلال السنوات الأخيرة (آخر 15 سنة مثلاً!) كم منها نجح وكم فشل؟ كم حقق منها الأهداف التنموية التي نسعى لها في تلك المناطق بالذات؟
على موقع صندوق التنمية والتشغيل، فإن آخر دراسة منشورة للاحتياجات التدريبية في البادية الجنوبية مثلاً كانت عام 2007!! وآخر تقرير سنوي منشور لعام 2018 يظهر بأنه هناك سياسه لتمويل المشاريع الجديدة، القائمة والريادية لكن ما يلفت الانتباه أن حجم الاقراض التمويلي للمشاريع بلغ ما يقارب 28 مليون دينار كانت نسبة المناطق الجنوبية والتي يقطنها المواطنان سالم وسويلم (والتي تعاني من تفشي الفقر والبطالة) ما يقارب 23.5 % من حجم ذاك الاقراض، حيث ذهب ذلك التمويل بنسبة 67 % لمشاريع تجارية وبنسب منخفضة لمشاريع زراعية، حرفية، صناعية أو سياحية!!
أتفهم تماماً بأن راسم السياسة يهمه بأن يحدث قفزة نوعية في مستويات معيشة الناس من خلال المشاريع التي يقيمها، والتي تهدف الى تطوير مهاراتهم وتنويعها بما يكسبهم معرفة تساعدهم على زيادة دخلهم، لكن من الضروري والاساسي ان تنسجم تلك المشاريع التنموية المستحدثة في جزء كبير منها مع ثقافة وفهم الناس، فمن الصعب جداً ان تقحم مشاريع تنموية لأنها نجحت في دولة ما أو منطقة ما، على منطقة زراعية ثقافة أهلها بنيت على هذا المفهوم!! أو أن تفرض على أهالي منطقة من مناطق الارياف أو البادية والتي تعتبر تربية المواشي والثروة الحيوانية مثلا من أهم مصادر الرزق هناك مشروعا لا ينسجم مع ثقافتهم! فالمشاريع التي لا تنسجم مع بيئة وثقافة الناس تحتاج لوقت أكثر وكلفة أكثر تدريب أكثر حتى تنجح هناك!