سحب فيلم "أميرة" من سباق الأوسكار بعد انتقادات واتهامات بـ"التطبيع"

محمد الكيالي وغادة الشيخ

عمان- قرّرت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، الجهة الرسمية في البلاد والمخولة بتقديم الأفلام للترشح في جوائز الأوسكار، سحب فيلم "أميرة" من سباق جوائز الأوسكار 2022، بعد موجة من الانتقادات الشديدة واتهامات له بأنه عمل تطبيعي، أخطر من التطبيع السياسي.اضافة اعلان
وقالت الهيئة في بيان لها "نقدر قيمة الفيلم الفنية ونؤمن أنه لا يمسّ بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية ولا بقضية الأسرى؛ بل على العكس، فإنه يسلط الضوء على محنتهم ومقاومتهم وكذلك توقهم لحياة كريمة على الرغم من الاحتلال".
وأضافت أن "هذا كان أيضا رأي أعضاء لجنة الاختيار المستقلة، التي تم تشكيلها من قبل الهيئة الملكية للأفلام، والتي اختارت فيلم "أميرة" من بين أفلام أخرى ليمثل المملكة".
وعُرض فيلم "أميرة" بنجاح في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، مهرجان البندقية (إيطاليا) والجونة (مصر) وقرطاج (تونس)، وكذلك في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمّان. وقد فاز بجائزتين دوليتين في البندقية.
ويعرض الفيلم، قضية تهريب نطف الأسرى "سفراء الحرية" من سجون الاحتلال، حيث تم إخراج وتمثيل الفيلم بطريقة أساءت لنضالات الأسرى وقضيتهم في وجه الغاصب المحتل وتطرق إلى الطعن في أنساب الأسرى ونسب أحدهم إلى ضابط صهيوني.
ولأن الحاجة أم الاختراع، ولأن أبرز حاجات وأهداف الأسرى الفلسطينيين الاستمرار في نهج المقاومة حتى لو كانوا مكبلين ومحاطين بروزنامات داخل زنازينهم تثبت لهم يومياً أن حلم نيل الحرية أبعد من المستحيل، كانت من ضمن النضالات الابتكارية التي اخترعها أسرى فلسطينيون هي تهريب نطفهم والتي تلقب بـ"نطف الحرية" بوسائل تستحق أن توصف بالإبداعية، مثل زجاجات الأدوية، وأسفل حبات التمر.
وأول من وضع حجر الأساس لهذا الشكل النضالي هو الأسير عمار الزبن الذي لقب ابنه ب"سفير الحرية"، فيما يعود الفضل في زرع أول نطفة محررة إلى الدكتور الفلسطيني سالم خيزران، وهناك ما يزيد على 30 أسيراً أصبحوا آباء لأطفال هربوا نطفهم داخل معتقلاتهم.
وبحسب معلومات رائجة، هناك امتداد للابتكار النضالي "الأسيري" في تهريب نطف، يصل إلى خارج أسوار المعتقلات بحيث هناك أقرب ما يشبه بالشبكة في الخارج يشارك فيها أطفال وأبناء أسرى في تأمين إيصال النطف المهربة "أنطف الحرية" إلى زوجات الأسرى.
توائم وأفراد وأطفال أصبحوا شبابا وشابات، هم جيل فلسطيني مختلف خرج من رحم نضال الحركة الأسيرة الفلسطينية، استكمالاً لمسيرتهم التحررية وتهيئة واستعداداً لابتكار نضالي جديد، يدهش العالم من جديد.
إلى ذلك حذرت النقابات المهنية، من خطورة التحركات التطبيعية مع الكيان الصهيوني التي تستهدف الأردن وزادت في الآونة الأخيرة.
واعتبر نقباء نقابات مهنية، أن فيلم "أميرة" هو بمثابة تطبيع ثقافي لا يقل خطورة عن التطبيع السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، داعين إلى وقفه وسحبه من أي جائزة متخصصة.
وأكدوا أنه لا يحق لأحد الطعن في كرامات الأسرى، رافضين أي تحرك لإفقاد قضية الأسرى زخمها وعمقها.
وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس النقباء، نقيب المهندسين، المهندس أحمد سمارة الزعبي، إن الطرح الذي تعرض له فيلم "أميرة" لا يصب إلا في الإساءة للحركة الأسيرة وطعنها في كرامتها وتثبيط معنوياتها خدمة لمشاريع الاحتلال وهذا ما يرفضه مجلس النقباء جملة وتفصيلا.
وأضاف الزعبي، أن النقابات المهنية، ترفض أي مساس بقضية الأسرى بهذا الشكل يشكل تزييفا للوعي وبشكل منظم وصولا لإفقاد قضية الأسرى بعدها الإنساني والوطني. وأضاف الزعبي "نجلّ ونقدر نضالات وصمود وتضحيات أبطال الحركة الأسيرة ونعتبرهم رأس الحربة في مقاومة المشروع الصهيوني".
وقال "نعتبر أن دورنا الجوهري هو دعم صمودهم وتحديهم لسجانهم، حيث أن تهريب النطف يسجل كانتصار ضخم للأسرى وعائلاتهم ويصيب الكيان الغاصب في مقتل".
وبين نقيب المهندسين، أنه تم إنجاب ما يزيد على 100 طفل بهذه الطريقة وتم التحقق من أنسابهم جميعا.
وطالب رئيس مجلس النقباء، كل المعنيين بصناعة وإنتاج وعرض الأفلام في الأردن إلى شجب واستنكار فكرة الفيلم ووقف فوري لعرضه وسحب ترشيحه من جائزة الأوسكار باسم الأردن كما نطالب بمحاسبة كل من ساهم في إنتاج وإخراج وتمثيل هذا الفيلم والتأكيد على أن رسالة الفن هي نصرة قضايا الأمة المركزية.
إلى ذلك، قال نقيب المهندسين الزراعيين، المهندس عبد الهادي الفلاحات، إن أي حركة تطبيع كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، مرفوضة من الأردنيين وهي تتصادم مع الإرادة الشعبية التي ظهرت خلال الأشهر الماضية بصورة كبيرة.
وأضاف الفلاحات، أن أي تطبيع مع الكيان الصهيوني يتماهى مع صفقة القرن، التي تمس كيان الدولة الأردنية ووجودها وشكلها الحالي وتهدد الشعب والأرض والنظام.
وأوضح الفلاحات، أنه على جميع الأردنيين الانحياز إلى ضمائرهم وقناعاتهم ودولتهم ورفض التطبيع بأي شكل من الأشكال، والوقوف إلى جانب الأسرى في سجونهم وإلى دماء شهداء الجيش العربي الذين سقطوا دفاعا عن فلسطين وقضيتها.
وعبر نقيب الصحفيين، الزميل راكان السعايدة، عن أسفه لترشيح هذا الفيلم لتمثيل الأردن في جائزة الأوسكار، مطالبا بسحب هذا الترشيح.
وأكد السعايدة، أن تصوير مشاهد الفيلم بالأردن وتمثيله في المهرجانات السينمائية العالمية إساءة بالغة لدماء الشهداء الأردنيين الذين قضوا في سبيل الدفاع عن فلسطين، وإساءة لنضال الأسرى.
وأكد أن هذا الفيلم يقدم نموذجا مخزيا للدراما العربية، ومحاولة بائسة لقتل معنويات المقاومة الفلسطينية.
وطالب السعايدة باسم مجلس نقابة الصحفيين الحكومة بإصدار بيان لتوضيح موقفها من فيلم "أميرة" والملابسات التي أحاطت بهذا العمل المدان والمرفوض، مشددا على ضرورة الارتقاء بالدراما بما يخدم قضايا الوطن والأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
من جهتها، كتبت الباحثة الفلسطينية، عبير الخطيب، حقائق علمية عن عملية تهريب النطف: "ثورة تهريب النطف من المعتقلات الإسرائيلية: قالت إنها أجرت بحثا علميا أخذ من وقتها وجهدها عاما ونصف العام. وأضافت أنها دراسة شاملة شملت غزة، القدس، الضفة الغربية، الداخل المحتل، حازت على أفضل بحث علمي على مستوى الوطن العربي عام 2019. وتناول البحث كافة الجوانب لعملية تهريب النطف، والأسباب التي دفعت الأسرى.
وتضمن البحث تساؤلات وحقائق، مثل: هل يعلم أن هناك أربعة شهود داخل المعتقل يشهدون على إخراج النطفة؟
هل يعلم أن النطفة تخرج من ظلمات السجن إلى النور بواسطة الوسيط وتستقبل بشاهدين بالغين عاقلين من أهل الأسير وأهل زوجته؟
وهل يعلم أن العملية يتم الاتفاق عليها قبل موعد إخراج النطفة بشهور وتخضع زوجة الأسير لتحضيرات علاجية مسبقة..؟
وهل يعلم أن هناك طرقا ووسائل تتبعها العائلات للإعلان عن تهريب النطفة للمجتمع الفلسطيني بعد خروج النطفة من المعتقل؟
وهل يعلم أن هناك أطفال نطف مهربة لا أي ورقة إثبات لهم أنهم على قيد الحياة عقوبة من الاحتلال لأهاليهم؟