سر المساعدات الأميركية

هآرتس

يهودا بن مئير  26/9/2016

تسبب التوقيع على اتفاق المساعدات الأمنية مع الولايات المتحدة بنقاش جماهيري على عدة صُعد. أحدها تحدث عن سؤال إذا كان يمكن تحقيق اتفاق افضل. الحديث هو عن جدل أكاديمي قد يتم حسمه في الاطار التاريخي. وبنظرة واعية وموضوعية يمكن أن نقول الآن فقط إن الاتفاق أقل جودة مما تحاول الحكومة تصويره، وأقل سوءا مما تحاول المعارضة وصفه.اضافة اعلان
لكن في اطار النقاش حول اتفاق المساعدات تمت اثارة نقاش – على صفحات هآرتس ايضا – حول سؤال أكثر عمقا وأكثر جوهرية وهو: لماذا الولايات المتحدة  كانت وما تزال على استعداد لمنح إسرائيل على مدى عشرات السنين مساعدات بهذا الحجم؟ الحديث يدور عن مساعدات لا تُمنح لأي دولة اخرى. وفي اليسار هناك من زعموا أن المساعدات غير مبررة وغير ضرورية. أما في اليمين فيزعمون أن الولايات المتحدة لا تعمل لنا جميلا، فهي تحتاج إسرائيل بنفس القدر. هاتان النظرتان غريبتان ومقطوعتان عن الواقع.
إن السبب الذي يجعل دافع الضرائب الأميركي مستعد لدفع مبالغ طائلة من اجل تعزيز أمن إسرائيل هو أنه بناء على موقف الجمهور الأميركي فان إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط – أشبه بدولة أخت – وهي تتعرض منذ اقامتها لتهديد وجودي. هذا هو السر الحقيقي من وراء المساعدات الأمنية.
إن هذا موقف صحيح. فإسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط بالفعل. صحيح أنها ليست كاملة وفيها الكثير من النواقص – لكنها ديمقراطية. واذا كان هناك من يشككون بذلك فليقوموا بالمقارنة بيننا وبين تركيا، التي هي عضو في الناتو وتزعم أنها ديمقراطية. هل يخطر ببال أحد أن بنيامين نتنياهو أو أي رئيس حكومة آخر قد يقوم في الغد باغلاق صحيفة "هآرتس" أو يقوم بارسال الشرطة لاعتقال ألوف بن أو جدعون ليفي؟.
نتان شيرانسكي كتب بأن امتحان الديمقراطية هو ميدان المدينة – أي السؤال اذا كان كل انسان يمكنه الوقوف في ميدان المدينة والهجوم على رؤساء السلطة كما يشاء. وسائل الاعلام هي ميدان المدينة الآن. وطالما أنني أستلم صحيفة "هآرتس" كل صباح واستطيع مشاهدة برنامج "ظهر الأمة" في القناة 10، وطالما أن من يريد الحاق الضرر باستقلالية محكمة العدل العليا لا يمكنه فعل ذلك، فان إسرائيل هي ديمقراطية، وهي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط.
إن إسرائيل دولة مُهددة، وقد تكون الأكثر تعرضا للتهديد في العالم، ليس بسبب قدرة أعدائنا بل بسبب نواياهم. صحيح أنه لا يوجد في هذه الاثناء تهديد وجودي أو استراتيجي حقيقي على أمن الدولة. ولكن طالما أن هناك دول ومنظمات وعشرات الملايين في منطقتنا لا يعترفون بشرعية دولة اسرائيل، فهي بحاجة الى ردع كبير وقوة عسكرية، التي هي ايضا الضمانة للحفاظ على السلام.
الولايات المتحدة لن تسمح بسقوط إسرائيل لأنها تعتبرها شبيهة لها، حيث فيها الحريات، سلطة القانون وتفوق المحاكم. في اليوم الذي ستكف فيه اسرائيل، لا سمح الله، عن كونها ديمقراطية، ستختفي المساعدات الأميركية. لذلك من واجبنا جميعنا العمل على أن لا يأتي هذا اليوم أبدا.