سلامة الدرعاوي يكتب: الصناعة أولويّة

كشفت تداعيات كورونا بما لا يدع للشك اهمية القطاع الصناعيّ في المملكة، والذي بأقل المجهودات والدعم استطاع ان ينقذ البلاد من أسوأ ازمة اقتصاديّة كادت ان تقع فيها. فالصناعات الوطنيّة وفي ظل أزمة كورونا والاغلاقات العالميّة التي مارستها جميع دول العالم على اقتصادياتها، لعبت الصناعات الوطنيّة دوراً مهماً وحاسماً في تزويد وتأمين الاسواق بكافة احتياجاتها المختلفة خاصة من المواد الغذائيّة والمطهرات والمعقمات التي بات الأردن فعلاً انموذجا في صناعتها على مستوى منطقة الشرق الوسط بكاملها، مما جعل الطلب الخارجيّ على السلع الصناعيّة الأردنيّة يزداد خاصة مع معرفة المستهلك المحليّ بنوعية وجودة المنتج الأردنيّ الذي كُلّ ما كان يحتاجه هو اتاحة الفرصة المتكافئة للمنافسة، والتي للأسف كان يفتقدها قبل الكورونا. دعم الصناعات الوطنيّة ليست رفاهية، بل هي واجب وطنيّ ورسميّ على كُلّ الأصعدة، وحديث الملك في اكثر من مناسبة للجهات الحكوميّة بزيادة قدرات الاعتماد على الذات هي دعوة واضحة للنهوض بالصناعة الوطنيّة وتوفير كافة اشكال الدعم المختلفة لها. في بداية أزمة كورونا والحظر كان التعاطي الحكوميّ مع الملف الصناعيّ بالفزعة وغير مؤسسيّ، وهذا ناتج عن غياب الإيمان المطلق بأن هذا القطاع هو الأساس في التنميّة، وهو ما جعل رئيس غرفة صناعة الأردن المهندس فتحي الجغبير يصرّح في اكثر مناسبة ويدعو الحكومة بشكل واضح إلى التعامل الرسميّ مع القطاع الصناعيّ مثله مثل التعامل مع القوات المسلحة، فلا يجوز تعطيل الحركة الصناعيّة ابداً، وأيّ منشأة تتعطل عن العمل حتى ولو كانت بإرادتها، فإنها يجب ان تخضع للتحقيق ومن ثم إلى إعادة التشغيل الفوري، فالصناعة يجب ان لا تتعطل ابداً. دعم الصناعات الوطنيّة له مبرراته الاستراتيجيّة والاقتصاديّة، وهو لا يكون بالتشريع فقط، وأنا مع اتخاذ قرارات تساهم أولاً وأخيراً في تعزيز بيئة العمل الصناعيّ الداخلي والخارجيّ، وإيجاد منظومة حوافز ودعم للقطاع الصناعيّ تساهم في تنميته وتحقيق قفزة على المستوى الوطنيّ. من غير المعقول أن يتم استمرار تدفق السلع الأجنبيّة غير الأساسيّة في المرحلة الحالية، مع وقف انتاج المصانع المحليّة منها، وبالتالي استمرار تغوّل المنتجات المستوردة على حساب المحليّة دون أي شكل من أشكال العدالة، وبالتالي لا بد من اتخاذ اجراء سريع لمنع تزويد السوق المحليّ بأي منتجات غذائيّة غير أساسيّة. وهذا يتطلب ضرورة العمل على إعداد خطة فورية لحصر مستوردات المملكة وتقنينها، من خلال حصر المستوردات التي لديها مثيل من الصناعة المحليّة للحد منها وعلى أن تتم بصورة عاجلة ومبدأية حتى نهاية العام 2020، وبما يساهم بالحد من المستوردات من الخارج، ودعم حصة الصناعة المحليّة في السوق المحليّ، وبالتالي الحفاظ على عجز الميزان التجاريّ بصورة معقولة، ودعم انسياب الإنتاج الصناعيّ إلى السوق المحليّ، نتيجة توقع انخفاض الصادرات. الحكومة اليوم مطالبة بإزالة كافة العقبات التي تحول دون النهوض بالقطاع الصناعيّ، وهذا يتطلب العمل على إزالة التشوهات في كافة مؤسسات الدولة ذات العلاقة بالقطاع الصناعيّ وعمله من جمارك وموانئ وضريبة، مع ضرورة توفير السيولة الماليّة الكافية التي يحتاجها القطاع الصناعيّ لتوسعة اعماله وزيادة انشطته. دعم الصناعة ليست مسألة ثانويّة، بل يجب ان ينتقل الفكر الحكوميّ إلى اعتبارها مسألة إستراتيجيّة وركيزة أساسيَة في الاستقرار الوطنيّ، فالصناعة هي القادرة على تعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الأردنيّ وذلك بقدرتها الفائقة على التشغيل المباشر والتدريب وجذب العملة والتصدير واستخدام التكنولوجيّا، كُلّها في حال توفرت خارطة الطريق للقطاع الصناعيّ نستطيع القول حينها ان الاقتصاد الوطنيّ يسر بالاتجاه الصحيح والسليم. @SalamahDarawiاضافة اعلان