سلامة الدرعاوي يكتب: الكورونا تعصف بالشركات الكبرى.. الملكية مثالاً

لا يوجد قطاع اقتصاديّ لن يتأثر من تداعيات الكورونا السلبية، فالغالبية منها ستتراجع أنشطتها بشكل كبير، لكن هناك قطاعات سيلحق بها أذى جسيم يصل إلى درجة التوقف شبه الكامل لأنشطتها.اضافة اعلان
الملكية؛ الناقل الوطنيّ، بموجب التعليمات الجديدة لمواجهة آثار الكورونا، توقف طيرانها إلى محطاتها كافة في العالم، وتجمدت أنشطتها حتى إشعار آخر، وهذه شركة مساهمة عامة تتجاوز ملكية الحكومة بأكثر من 80 بالمائة من أسهمها، إضافة إلى ملكية أقل من 10 بالمائة تعود لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي.
توقف أنشطة الملكية يعني فقدان إيراد شهري تتراوح قيمته ما بين (40 و50) مليون دينار، وتكاليف ثابتة لا تتغير، منها 6.5 مليون دينار أجور شهرية لطائرات الدريم لاينر، وحوالي 6 ملايين دينار رواتب شهرية ومنافع مختلفة.
توقف أعمال الملكية يعني أنها ستواجه مشكلة كبيرة في توريد استحقاقاتها الضريبيّة من ضريبة مبيعات ورسوم مختلفة الى الخزينة، وستواجه معضلة في دفع قروضها ودفعاتها المالية المختلفة، بمعنى، الملكية ستدخل في نفق مظلم في حال استمر الوضع على ما هو عليه لفترة طويلة لا سمح الله.
الملكية شركة وطنيّة بامتياز، وهي شكل من أشكال السيادة للدولة، وركيزة أساسية للاقتصاد الوطنيّ، ودعامة أساسية للدولة واستقرارها في كل الظروف، وهي جزء لا يتجزأ من قوة الاقتصاد.
لا يمكن النظر للملكية باعتبارها شركة عادية تخضع لمعايير الربح والخسارة أو اعتبارها مثل باقي الشركات العاملة في المملكة، فهذه شركة استثنائيّة بكل المواصفات، ويتطلب من الحكومة التعامل معها بشكل استثنائي نظراً لوزنها الاقتصاديّ وثقلها السياديّ ودورها الحيويّ.
دعم الحكومة للملكية الأردنيّة هو ضرورة ملحة، وأمر في غاية الأهمية خاصة في هذا الوقت بمجرد انتهاء هذه الأزمة الاستثنائيّة وعودة الأمور لنصابها، فالقطاعات الاقتصاديّة جميعها اليوم بحاجة إلى حزمة إجراءات لتخفيف وطأة الكورونا على أنشطتها، ولا يكون هذا ماليا مباشرا، كما يعتقد البعض، وإنما بتسهيلات وإعفاءات متنوعة تدعم استمرار الشركات في أعمالها وتعالج أزمة السيولة، وقد تعد هذه من أكبر أشكال التحديات على المدى القصير الذي سيواجه الملكية.
دعم الملكية في المرحلة الراهنة يتطلب من الحكومة إجراءات مرنة في دفعات الشركة الشهرية للخزينة من ضريبة مبيعات وغيرها من الرسوم التي تزيد قيمتها على 5 ملايين دينار، وهذا مبلغ يساعد الشركة على التحرك النسبيّ في مواجهة التزاماتها التشغيليّة الثابتة كرواتب العاملين وإيجار الطائرات. ولن يكون هذا الا بتأجيل دفعات الضريبة الشهرية، إضافة لمستحقات الضمان الاجتماعي والاشتراكات الشهرية التي تتطلب من المؤسسة العامة للضمان مرونة في جدولتها من دون فوائد أو غرامات، خاصة وأن الضمان من المالكين الرئيسيين للملكية.
الآن أسطول الملكية الذي يبلغ حوالي 30 طائرة جاثم على أرضية مطار الملكة علياء الدولي، مما يترتب عليه رسوم أرضيات قد تصل للملايين اذا ما استمر الحال على ما هو عليه في المديين القريب والمتوسط، وهذا الأمر بحاجة إلى تفاهمات حكومية مع الشركة الفرنسية التي تدير المطارات لتخفيف هذه الرسوم أو حتى إلغائها نظرا للظرف الاستثنائي.
حتى قوانين العمل يجب أن تكون مرنة من قبل الحكومة تجاه الملكية، فجميع شركات النقل الجوي في العالم تحصل على تفاوض مفتوح لإعادة هيكلة العاملين لديها أو منحهم إجازات بدون راتب أو غير ذلك من إجراءات تهدف أولا وأخيرا لحماية الشركة والمحافظة على استمراريتها.
بعد انتهاء هذه الأزمة، قد تكون زيادة رأسمال الملكية إحدى أبرز الأولويات على أجندة الحكومة لضخ سيولة في الشركة عن طريق مساهميها، خاصة من الحكومة المالك الأكبر للأسهم، وذلك لإعادة إطلاق الشركة من جديد وباستراتيجيّة تسويقيّة وتنافسيّة جديدة تمكّنها من العودة لعصرها الذهبيّ في المنطقة.