سلامة الدرعاوي يكتب: قطاعات على وشك الانهيار

لا يوجد أي قطاع اقتصاديّ سيسلم من تداعيات كورونا، لكن استجابة القطاع لتلك الآثار تختلف من قطاع لآخر، وفي حال استمرار الوباء لفترات أطول لا سمح الله، فإن ذلك يعني أن هناك قطاعات اقتصاديّة ستنهار وتختفي تماما.اضافة اعلان
قد يقول البعض لماذا لا تدعم الحكومة القطاعات المتضررة من كورونا، لأن المحصلة ستنعكس على الخزينة ووضع القطاع العام برمته؟
استجابة الحكومة لتداعيات كورونا الاقتصاديّة تبقى محدودة للغاية في ظرفها الراهن، فهي في الأوقات العادية تعاني الأمرّين في توفير مخصصات التمويل الضروريّة لنفقاتها المختلفة من رواتب وتقاعدات وفوائد دين وغيرها من النفقات التشغيليّة المختلفة، ومع كل هذا هناك عجز يناهز الـ1.3 مليار دينار بعد المنح والمساعدات، ومع ذلك بادرت وزارة الماليّة والبنك المركزيّ ومؤسسة الضمان الاجتماعيّ وغيرهم من المؤسسات الرسميّة بإقرار حزمة إجراءات أوليّة لتخفيف وطأة تداعيات الوباء الفتاك على القطاعات المختلفة، ولمنع استمراريّة الفيروس من الانتشار قد يتطلب إعادة النظر في حزمة إجراءات جديدة تتناسب مع خطورة الوضع الاقتصاديّ الذي يزداد يوماً بعد يوم.
الخطورة تكمن اليوم في قدرة بعض القطاعات التي ستنهار تماماً وتتلاشى في حال عدم دعمهم أو توفير تسهيلات جديدة لهم سواء بالأموال والاقتراض أو من خلال الإجراءات وتعديلات في القوانين المختلفة.
قطاعات النقل الجويّ والبريّ والشركات السياحيّة المختلفة متوقفة تماماً عن العمل، فأنشطة المَلكية في حالة جمود كامل، وطائراتها جاثمة بالمطار تدفع عليها رسوم أرضيات وتدفع رواتب وأجور طائرات بقيمة إجمالية تصل لما يقارب الـ20 مليون دينار بالشهر الواحد، أيضا الفنادق في أدنى مستويات الإشغال إن لم يكن معدوماً هو الآخر، والمكاتب السياحيّة في توقف تام، فإلى متى يستطيع هذا القطاع الاستمرار في دفع التزاماته المختلفة لكافة الجهات؟
الصناعة الوطنيّة، جزء كبير من فعالياتها خاصة المتوسطة والصغيرة متوقفة عن العمل ولا تمتلك أيّ وسائل للاستمرار في حال إغلاق المعابر ونوافذ التصدير لمنتجاتها أو حتى تراجع قدرتها التصديريّة في حال الاستئناف التدريجيّ للعمل، أو إيقاف أنشطتها بموجب قرارات الدفاع واستثنائها عن العمل، وهذه لها أهمية خاصة في كونها مشغّلا رئيسيّا للعمالة الوطنيّة، وتوقف إنتاجها يعني عدم قدرتها على البقاء، وبالتالي تسريح العديد من العمالة ومن ثم ارتفاع البطالة.
قطاع الخدمات المختلفة من مراكز تجارية ومعارض ألبسة وأثاث وأعمال خشبيّة وهندسيّة وتجاريّة مختلفة ومهن حرفيّة وأعمال إنشائيّة، خاصة قطاع المقاولات الذي هو الآخر اليوم في حالة جمود كامل، وغالبية مشاريعه مع الحكومة بالأصل هي متأخرة في استلام مطالباتهم الماليّة التي تتجاوز الـ70 مليون دينار على المدى القصير بسبب وضع الموازنة بشكل عام، فكيف هو الحال في ظل توقف تام في الأعمال؟
الموانئ والمعابر الحدوديّة هي الأخرى مؤشر مهم في رصد حركة وأنشطة القطاعات المختلفة الصورة في مجالي التصدير والاستيراد والتي هي الآن في أدنى مستوياتها بسبب هبوط الأعمال الاقتصاديّة للقطاعات ذات العلاقة وتوقف الكثير منها عن العمل نهائيّاً.
التراجعات السابقة للقطاعات الاقتصاديّة والناتجة عن تداعيات كورونا تلقي بظلالها على القطاع العام من خلال توريداتهم الشهريّة للخزينة والتي تقدر بحوالي 500 مليون دينار على شكل ضرائب ورسوم مختلفة تمكّن الخزينة من القيام بواجبات تمويل نفقاتها المختلفة.
المشهد الاقتصاديّ مقلق على الصعيد المحليّ كما هو على الصعيد الإقليميّ والدوليّ، والخسائر محتومة لا مفرّ منها، لكن الدور المطلوب هو التخطيط لوقف نزيف الخسائر قدر الإمكان، والمحافظة على الموجود ضمن الإمكانات المتاحة، وستكون هذه الزاوية في الأيام المقبلة مليئة بالمقترحات التي يمكن أن تساعد في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.