سنة الحسم

معاريف

بقلم: زلمان شوفال

اضافة اعلان

أميركا واسرائيل تقفان امام انتخابات – هكذا بحيث أنه يجدر الفحص ما هي "الامكانيات المفتوحة" (رغم أنها ليست مفتوحة جدا بحكم حقيقة انها ليست متعلقة بنا فقط) في رسم بياني منخفض من ناحية الفضائل او المساوئ: استمرار الوضع القائم، بمعنى ترامب – نتنياهو، ثنائي عمل بشكل غير مسبوق في صالح دولة اسرائيل؛ نتنياهو حيال رئيس ديمقراطي؛ غانتس حيال ترامب؛ او غانتس حيال رئيس ديمقراطي. الاستنتاجات والمفاهيم واضحة جدا، ولكن كما هو معروف، الكرة مكورة واللعبة السياسية في اسرائيل في هذه اللحظة مفتوحة.
في الولايات المتحدة يبدو في هذه اللحظة ان ترامب يسير بثقة كافية نحو ولاية ثانية، والسبب في ذلك اعمق من الوضع الاقتصادي المتحسن، البطالة المتدنية، الانجازات في الحروب التجارية المختلفة وما شابه، بل، مثلما كتب باحث العلوم السياسية نورمان اورنشتاين، لان الكثير من الاميركيين تحركهم اليوم كراهية الحزب الاخر اكثر مما تحركهم محبة حزبهم.
ترامب يمكنه أن يكون متهما بكل انواع المخالفات المزعومة، ولكن مصوتيه سيواصلون دعمه كي يمنعوا الانتصار عن العدو المكروه، كما يقتبس اورنشتاين عن زميل يشرح بانه اكثر مما هو ترامب مسبب للصدوع في المجتمع الاميركي، فإنه أداة احتجاج لها، بحيث أنه حتى لو اسقط من الحكم فإن الوضع لن يتغير، إذ إن التأييد لترامب يعكس احساس الاغلبية الاميركية التي تشعر بانها فقدت مكانتها حيال ميول تمنح اولوية للاقليات المختلفة، للتفضيل التعديلي الذي يعنى بامور مثل غرف المراحيض للمتحولين، ويدفع الى الامام بأفكار تعدد الثقافات وما يشبه ذلك – بدلا من التعاطي مع المشاكل والمواضيع ذات الصلة بهم.
للمرشحين الديمقراطيين الذين ينشغلون حاليا بالاساس بشد الشعر الواحد للآخر لا يوجد حاليا اجوبة مقنعة لهذه المشاعر، بل العكس، يتسببون بتطويرها، وربما ايضا لأن بعضا منهم يعتقدون بأن بوسعهم ان ينتصروا في الانتخابات بالذات بدعم جماعات الاقلية هذه. وحتى جو بايدن، رجل الوسط الهابط في الاستطلاعات لا يزال يأمل بالخلاص بفضل الاصوات الافرو-اميركيين.
في هذه اللحظة من يتصدر المرشحين الديمقراطيين هو بيرني ساندرز، الذي تقترب خططه الاقتصادية والاجتماعية من الشيوعية اكثر من مبادىء الاشتراكية الديمقراطية المقبولة. يمكن الافتراض بقدر كبير من اليقين بأنه اذا تحققت هذه المبادىء فانها ستؤدي في غضون وقت غير طويل الى تدمير الاقتصاد الاميركي (وهذا على ما يبدو هو السبب، كما أعلنت السي.اي.ايه، في محاولة روسيا مساعدة ساندرز كي ينتخب). ساندرز مدعوم من المجموعة التقدمية في الحزب الديمقراطي في الكونغرس، والتي احد رموزها المعروفة هو اللاإسرائيلية التي تحاذي احيانا اللاسامية، والداعمة ضمن امور اخرى لـ BDS.
لقد شهدت اميركا في الماضي ايضا مرشحين متطرفين للرئاسة – غولد ووتر في الحزب الجمهوري وماك غوفرن لدى الديمقراطيين، اللذين فشلا في الانتخابات العامة – والمنطق يقول ان هكذا سيكون هذه المرة ايضا اذا كان المرشح الديمقراطية هو ساندرز. ولكن في الاجواء المجنونة في هذه اللحظة في اميركا يحتمل الا يكون هذا المنطق بقي مسيطرا. في حالة لم يفز ساندرز بالرئاسة بل بترشيح حزب فقط، يبدو أن المجموعة اليسارية التي يتماثل معها ستؤثر على مواقف الحزب كله في مواضيع مختلفة، بما فيها اسرائيل. ومع ذلك، لا ينبغي التعاطي مع علاقات اسرائيل بالحزب الديمقراطي كحالة ضائعة، فرغم أن المجموعة اليسارية تحاول في هذه اللحظة اعطاء النبرة في مواقف الحزب تجاه النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني (مثلما رأينا ايضا في المعارضة المنظمة لخطة ترامب)، فانها لم تحتل بعد كل معاقل الحزب التي ما تزال فيها اغلبية صامتة، واحيانا صامتة جدا، تتبنى خطا وسطيا معتدلا في المواضيع المختلفة ومصممة على الحفاظ على العلاقات التقليدية الطيبة مع اسرائيل.
ان مهام الحكومة التالية في اسرائيل يجب إذن أن تتضمن نشاطا فاعلا كي تضمن استمرار دعم تلك الاغلبية في الحزب الديمقراطي، ودعم اغلبية اليهود الاميركيين المؤيدين لها.