سنة صعبة

أعلنت السعودية بالأمس أنها ألغت مشاريع مقترحة وقيد التعاقد بقيمة تجاوزت 266 مليار دولار، في مسعى من حكومتها لضبط الإنفاق، مع استمرار تراجع أسعار النفط، في وقت ما تزال فيه السعودية تخوض حربا مكلفة في اليمن، ومواجهة مفتوحة مع إيران على عديد الجبهات.اضافة اعلان
أشقاؤنا العراقيون يواجهون وضعا أمنيا متقلبا على الحدود، قد لايسمح بفتح معبر الكرامة واستئناف حركة التجارة أقلها في السنة المقبلة.
السنة المقبلة إذن صعبة اقتصاديا، فبالرغم من النجاحات الأمنية والمتمثلة بتحرير مدن عراقية وسورية من قبضة تنظيم "داعش" إلا ان المنطقة من حولنا غير مرشحة أبدا للاستقرار.
الحدود مع سورية ليست في الوارد فتحها قريبا، وستظل حركة النقل بين البلدين معطلة لإشعار آخر.
علامات الإرهاق التي ظهرت على الاقتصاد الأردني جراء أزمات دول الجوار عديدة ومتشعبة، وعلى جميع القطاعات. والمرجح انها ستتعمق في السنة المقبلة، في غياب الحلول البديلة.
ولعله من سوء الطالع أن يترافق انهيار الوضع في سورية والعراق مع أزمة اقتصادية تضرب دول الخليج، التي يراهن عليها دائما في تنشيط حركة الاستثمار، واستيعاب أفواج جديدة من الأيدي العاملة، بالإضافة إلى كونها أسواقا طموحة للبضائع الأردنية والمنتجات الزراعية.
لم يكن الأردن في تاريخه يعاني من وضع إقليمي حرج كما يعاني حاليا، خاصة على المستوى الإقتصادي. فطالما كانت هناك أبواب مفتوحة عندما تنسدّ في وجوهنا حدود مجاورة، فعندما واجهنا أزمة مع دول الخليج بعد حرب الخليج الأولى، كان العراق جاهزا لملء الفراغ، وبقيت الحدود مع سورية متاحة، رغم اضطراب العلاقات السياسية مع دمشق.
لم نعد نسأل عما يمكن أن توفره أسواق الخليج من فرص عمل للأردنيين، بل صار القلق يتصاعد من عودة آلاف المغتربين لبلادهم مع حملات التصفية الجارية هناك.
آلاف الشاحنات جاثمة ولا تجد وجهة ترحل إليها، ومن منها مايزال يعمل، بات يعاني من ارتفاع كلف النقل، ناهيك عن المخاطر الأمنية.
ليس واضحا بعد حدود التعاون الاقتصادي بين الأردن والسعودية، ولا توجد في الأفق إشارات على نية دول الخليج تجديد منحتها المالية للأردن.
هي أول مرة تقريبا التي يكون فيها على الأردن أن يعتمد على دعم حليف واحد وهو الولايات المتحدة، بدون وجود إمكانية في المدى المنظور بمثيل عربي له. لكن الدعم الأميركي على أهميته، لن يعوض الخسائر الجسيمة والمترتبة على انسداد أسواق الجوار العربي في وجوهنا.
لقد تمكنا وبكثير من الحكمة من تجاوز المخاطر الأمنية والسياسية للفوضى المنتشرة من حولنا، ودرء خطر الإرهاب، وضمان حالة فريدة من الاستقرار. لكن يبدو أننا ولاعتبارات خارجة عن إرادتنا، لم ننجح في تفادي الأضرار الاقتصادية الهائلة لهذا الوضع التي أصبحت المصدر الأول الذي يهدد تلك المنجزات.
لا نريد أن نكون متشائمين، لكن العام المقبل لايقل صعوبة عن السنة الحالية.