سياسة الدعم الحكومية هدر للمال العام

خوف الحكومة من ردة فعل الشارع وقلة حيلتها أمامه يمنعها من اتخاذ القرارات السديدة المطلوبة، ما يفرز نتائج كارثية على الوضع الاقتصادي ووضع الخزينة بالتحديد.اضافة اعلان
وخير مثال على ذلك سياستها التسعيرية للمشتقات النفطية، حيث كبّلت الحكومة يديها بيديها، ما انعكس بمزيد من الدعم، لكن لغير مستحقيه وبمزيد من هدر المال العام، من دون أن تحقق أهدافها، فلم تحصل على رضا الشارع ولم تدعم المواطن المستحق، بل عكس ما تهدف إليه تحقق.
ففي حين استمرت أسعار النفط بالارتفاع، ثبّتت الحكومة أسعارها بدعوى أنها مستمرة في دعم المواطن، والواقع يشير إلى أنها بسياستها هذه تدعم 20 % فقط من المواطنين الأردنيين المستحقين للدعم، بينما يذهب الباقي للمواطنين الذين لا يستحقونه، ما نتج عنه تصاعد فاتورة دعم المشتقات النفطية وتأخرها بدفعها لشركات توليد الكهرباء، التي عجزت بدورها عن دفع مستحقات شركة مصفاة البترول موردة الوقود اللازم لها، لتستمر تداعيات سياسة الدعم العاجزة والمتصلة ببعضها بعضا.
فنتيجة عدم قبض المصفاة من شركات الكهرباء، تراجعت أحوالها المالية، ما اضطرها لمزيد من الاقتراض من البنوك ورفع بند الفوائد التي تدفعها مقابلها، فتراجعت قدرتها على استيراد حاجة المملكة من المشتقات نفسها وانتهينا بموجب سياسة الدعم الحكومية، بدفع المواطن فاتورة دعم الحكومة لمن لا يستحقه ودفعه ثانية ثمن تعريض القطاع الكهربائي للاضطراب، وثالثة بتدهور أوضاع شركة المصفاة المملوكة في معظمها لمواطنين أردنيين عاديين، التي كانت السياسة الحكومية وراء تدهور أوضاعها منذ سنوات بتأجيل توسعتها وتحسينها.
ونتج أيضا استمرار تدهور وضع الخزينة العام إلى مستويات سلبية جديدة وارتفاع الدين العام، بتوابع ذلك على الاقتصاد والاستثمار، في الوقت الذي لم تحصل فيه الحكومة على الرضا المنشود من الشارع.
فالمواطن الفقير هو من يدفع كلفة دعم الحكومة للمواطن الغني المستهلك الأكبر للطاقة بحكم موقعه الاجتماعي وبميله الإنفاقي لاستهلاك الطاقة المدعومة من المال العام الذي تجاوز دينه العام المعلن (17) بليون دولار، والذي يصل إلى أكثر من (18) بليونا لأول مرة في تاريخ الأردن.
سياسة الدعم الاجتماعي من السياسات الصعبة في التطبيق الفعلي، ليس في الأردن فحسب، بل أينما وجدت هذه السياسة وأيا كانت الحكومة التي تنفذها، واستمرار التطبيق الخاطئ لها ينتهي بهدر المال العام وتوجيه الدعم لغير مستحقيه على حساب الفقراء من دون تحقيق أي أهداف حقيقية اقتصادية كانت أم اجتماعية أم سياسية.
لم تحسم الحكومة أمرها ولم تتخذ ما تمليه عليها مسؤولياتها من قرارات، وانتهجت سياسة التردد والخوف والاختباء، ما يرفع الكلفة الاقتصادية والمالية لقراراتها السياسية، ويهزّ صورة الحكم ويضعف آلياته ووسائله ويراكم الأخطاء، بينما المؤشرات؛ اقتصادية ومالية وسياسية، تثير أكثر من القلق، لننتهي بأزمة اقتصادية تصيب الجميع بجراح كالتي أصابتنا في العام 1989 وما نزال نعالجها حتى الآن، والتي دفع المواطن ثمنها وما يزال، كما سيدفع ثمن تأخر وعجز السياسة الحكومية الآن.