سياسة نقدية متوازنة

تتمثل المهمة الرئيسة للبنك المركزي في المحافظة على الاستقرار النقدي. ويأتي الإجراء الأخير الذي اتخذه البنك؛ برفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، بالدرجة الأولى للمحافظة على تنافسية العائد على الأدوات المالية المحررة بالدينار الأردني. وسوف يعمل ذلك، بلا شك، على تعزيز استقرار سعر صرف الدينار، والذي يعتبر أساس تحقيق الاستقرار النقدي في الأردن، ويوفر بالتالي بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية بما يكفل تحقيق معدلات نمو اقتصادي قابلة للاستمرار.اضافة اعلان
رفع سعر الفائدة على الدينار، يعني  بالضرورة ارتفاع الهامش بين هذا السعر وأسعار الفائدة التي يتم دفعها على العملات الأخرى لصالح العملة الأردنية، مما سيعمل على رفع معدل العائد المتوقع على الادوات المالية المحررة بالدينار الأردني، وخاصة الودائع. وسيؤدي ذلك تالياً إلى ارتفاع التدفقات الاستثمارية، الأمر الذي سيساهم في توفير السيولة اللازمة لدفع وتيرة النمو في المملكة وتعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية. كما سيعمل تدفق هذه الاستثمارات والودائع على تمويل عجز الحساب الجاري.
على الرغم من ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار الأميركي، قام البنك المركزي، أكثر من مرة، باتخاذ إجراءات منفردة ومستقلة عن إجراءات الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي. وقد استند "المركزي" الأردني في ذلك إلى ظروف الاقتصاد المحلي التي تختلف عن خصائص الاقتصاد الأميركي، من دون التأثير على التزام "المركزي" الأردني بسياسة الربط مع الدولار.
خدمت سياسة ربط الدينار بالدولار، الذي اتخذها البنك المركزي منذ ما يزيد على عقدين، الاقتصاد الوطني. وقد مرت العديد من الظروف والمراحل، أثبتت فيه هذه السياسة ملاءمتها للاقتصاد الاردني وهو ما اكدته العديد من التقارير والدراسات الصادرة عن المؤسسات الدولية فضلا عن اداء مختلف المؤشرات الاقتصادية التي كان إداؤها ايجابيا للغاية وفي مقدمتها الدخل من السياحة وتحويلات العاملين وتدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر وغير المباشر الى المملكة خلال هذه الفترة.  وتجربة ما مر به الاقتصاد الاردني خلال السنوات القليلة الماضية  وخاصة في العام 2012 ونجاعة الإجراءات والتدابير النقدية والمصرفية التي تم اتخاذها خلال هذه الفترة تمثل خير شاهد على كفاءة البنك المركزي في التعامل مع التطورات الاقتصادية المحلية والخارجية وسلامة السياسات النقدية والمصرفية المطبقة. وكلنا ثقة بأن ما يقوم به البنك المركزي من إجراءات يرسي بها اسس متينة للاستقرار النقدي والمصرفي، وبما في ذلك استقرار سعر صرف الدينار ويوفر إطارا اقتصاديا متماسكا من شأنه دعم النمو الاقتصادي، وجذب المزيد من الاستثمار الى المملكة بعيدا عن الآراء والتكهنات العبثية القديمة الجديدة التي يطلقها البعض من حين إلى آخر، والتي تفتقر الى ادنى مقومات الموضوعية والدراية بعمل السياسة النقدية، لكنها سرعان ما ستزول ليبقى الصواب الذي يدعمه الواقع.