سياسيون: رسالة الملك لمدير المخابرات الجديد تعكس الأولوية العليا للمصلحة الوطنية

عبدالله الربيحات

عمان - يكتسب التغيير الأخير، الذي أجراه جلالة الملك عبدالله الثاني على رئاسة جهاز المخابرات العامة، أول من أمس، أهمية كبيرة، تتناسب مع الأهمية القصوى التي يحظى بها هذا الجهاز داخل وخارج الأردن، وفق سياسيين وأكاديميين أوضحوا أن رسالة جلالته لمدير المخابرات العامة الجديد اللواء أحمد حسني تؤكد "أن المصلحة الوطنية أولوية عليا".اضافة اعلان
وفيما اعبتر هؤلاء السياسيون والأكاديميون، في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن القرار "خطوة في إطار رفع درجة التنسيق والتشاور في مطبخ القرار الأمني"، قالوا إنه كان "من البديهي اختيار جلالة الملك لإدارة هذا الجهاز اللواء حسني، كونه يُعرف عنه بأنه رجل متفتح، وذو آفاق واسعة ووعي سياسي يشهد له بذلك كل من يعرفه".
وأضافوا أن تعيين مدير جديد للجهاز في هذا الوقت يشير إلى أن المرحلة المقبلة عنوانها "حماية الأمن الوطني من المخاطر المتعددة، بأبعادها السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وإبقاء الأردن واحة أمن وأمان على يدي رجل مشهود له بالنزاهة".
العين توفیق كريشان قال إن قرار تعيين حسني في هذا التوقيت "يعتبر خطوة في إطار رفع درجة التنسيق والتشاور في مطبخ القرار الأمني"، مضيفًا "أن المرحلة الحالية تفرض حاجة ماسة، لأن يطلع الملك على الأمور كافة بكل دقة وتفصيل، من الناحيتين العسكرية والمدنية".
وتابع أن هذه الخطوة تدل على "المضي في طريق نحو التشاركية، خصوصًا عندما يكون لدى مدير المخابرات العامة معلومات وافرة عن أفراد جهازه، ما يمكنه من قراءة توجهات الرأي العام الأردني ورغباته".
من جهته، رأى وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر "أن تعيين مدير مخابرات جديد، من شاكلة حسني، وفي هذه المرحلة المفصلية والصعبة (عودة الربيع العربي والأزمة السورية وصفقة القرن)، واضح أن الهدف منه تجاوز هذه المرحلة الصعبة بهدوء، فضلًا عن بُغية تحقيق مكاسب داخلية وخارجية للبلاد، والحفاظ على استقرارها بالدرجة الأولى".
بدوره، أوضح العميد المتقاعد حسن أبو زيد أن القرارات الأخيرة لجلالة الملك في موقعين مهمين بالدولة، هما: دائرة المخابرات العامة والديوان الملكي الهاشمي، "لم تأت عن عبث، وإنما جاءت في مرحلة مهمة ودقيقة وحساسة، وبظرف استثنائي، تطلبت تدخل الملك المباشر لإجراء مثل هذه التغييرات".
وأشار إلى أن حسني جاء من رحم دائرة المخابرات، ناهيك عن أنه خدم في مواقع حساسة في هذا الجهاز، ويتميز بمواصفات تتناسب والوضع الحالي، وعلى المستويين المحلي والدولي، وبالأخص بُعيد إعلان الإدارة الأميركية عن ما يُسمى بـ"صفقة القرن"، والمتوقع الإعلان عنها رسميا بعد عيد الفطر السعيد".
وبين أبو زيد "أن ذلك يتطلب من المدير الجديد التعامل بروية وبشفافية وشجاعة مع أي استحقاقات قد تحصل للأردن نتيجة لذلك، للتعامل معها حسب توجهات القيادة الأردنية الهاشمية تدعيما وتماشيا مع "لاءات" جلالة الملك الثلاث، والتي من شأنها الحفاظ على الأردن وحقوقه وأمنه واستقراره، بالإضافة إلى التأكيد على الدور الهاشمي في الرعاية الشرعية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة".
وقال "إن حسني مطالب باستكمال هيكلة جهاز المخابرات العامة، والتي مضى فيها سابقه الفريق المتقاعد عدنان الجندي لكنها لم تكتمل بعد"، لافتًا إلى "أن حسني صاحب خبرة ودراية في مفاصل الجهاز كونه خدم في مختلف المواقع والمناصب فيه، ماجعله محط ثقة لدى جلالة الملك، خصوصا بعدما كان هناك قصورا لدى بعض أفراد الجهاز، أدت إلى استياء المواطنين منها كتسريب بعض المعلومات المهمة لمعارضين خارج الوطن، وتضر بمصالح آخرين".
وأكد أبو زيد "أن جلالة الملك أراد بتعيين مدير جديد للدائرة، مثل حسني، وقف المصلحة الخاصة على الصالح العام، والتعامل مع قضايا الوطن والمواطنين بمهنية وحرفية وشفافية".
وبشأن التغييرات الأخيرة في الديوان الملكي الهاشمي، قال أبو زيد "إنها تنسجم مع المرحلة الحالية، وتحصن الديوان أمنيا من جهة، ومن جهة أخرى يكون أكثر تفاعلا وتعاونا مع المواطنين، بالشكل الذي يريده جلالة الملك".
وشدد على أن المرحلة حساسة ودقيقة "تتطلب المزيد من رص الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية، وإطلاع المواطن الأردني
على كل ما يجري حوله سواء داخليا أو خارجيا، الأمر الذي يصب في النهاية بمصلحة الوطن والمواطن، وإبقاء الأردن قويًا".
من جانبه، قال أستاذ الإعلام والاتصال في جامعة البترا الدكتور تيسير مشارقة "إنه لم يعد بالإمكان إنجاز إصلاح سياسي أمني بالتقسيط. فالإصلاح الشامل يحتاج أيضاً لخطوات على صعيد الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة".
واعتبر أن "تعيين جلالة الملك لمدير مخابرات جديد بمواصفات حسني، خطوة في مسيرة الإصلاح السياسي والأمني"، مشيرا إلى "أن جلالته يقترح في الغالب رسائل سياسية وثقافية عميقة، تتطلب من الجميع التقاطها والعمل بها نحو بناء دولة القانون
ودولة العدالة الاجتماعية والدولة المدنية".
وأضاف مشارقة "أن البيت الداخلي يحتاج لتأهيل وإصلاح مستمر".
وكانت الإرادة الملكية السامية صدرت أول من أمس بتعيين اللواء أحمد حسني مديرا عاما لدائرة المخابرات العامة، حيث وجه جلالته رسالة إلى حسني، قال فيها: "لقد أنجزت دائرة المخابرات العامة، التي نعتز بها ونفخر، في الفترة الماضية عملية تطوير مؤسسي جادة لتستمر في أداء دورها الوطني المحوري والتاريخي الذي يشاطرني كل أردني في تثمينه والإشادة به في حماية الأمن الوطني للأردن بكفاءة وحيدة واحترافية عالية هي مصدر فخر لنا، وارتكزت هذه العملية التطويرية المستمرة على كوادر دائرة المخابرات العامة المميزة، وعلى كفاءة ومهنية منتسبيها الذين أغتنم هذه المناسبة لأحييهم وأشكرهم على عملهم الدؤوب والمخلص وتفانيهم اللامتناهي في خدمة الوطن والذود عنه، أسوة برفاقهم في القوات المسلحة الباسلة وسائر الأجهزة الأمنية في الأردن، ولأجدد التعبير عن ثقتي الكبيرة بهم جميعاً واعتزازي الصادق بهم، وإيماني بأنهم سيمضون بثبات وعزم وثقة على درب خدمة بلدنا وحماية أمنه وأمان مواطنيه، وفي رصد كل المحاولات اليائسة التي نلمسها - خصوصاً في الآونة الأخيرة - والهادفة للمساس بالثوابت الوطنية الأردنية، والتعامل معها بفاعلية، وفي التصدي لكل من تسول له نفسه محاولة العبث بالمرتكزات التي ينص عليها الدستور الأردني، وفي مواجهة البعض ممن يستغلون الظروف الصعبة والدقيقة التي نمر بها، والهموم المشروعة، التي نعمل على تجاوزها، لدى بعض الفئات في مجتمعنا، طلباً لشعبية زائلة، تاركين بذلك أنفسهم، سواءً عن علم أو جهل، عرضة للاستغلال من جهات عديدة لا تريد لنا الخير وتعمل على العبث بأمن الأردن واستقراره".
وتابع جلالته "رغم أن مسيرة دائرة المخابرات العامة - فرسان الحق، كانت دوما مسيرة مشرقة ومشرفة، إلا أنها لم تخل - شأنها في ذلك شأن أي مؤسسة او إدارة حكومية أخرى - من بعض التجاوزات لدى قلة قليلة، حادت عن طريق الخدمة المخلصة للوطن وقدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، الأمر الذي تطلب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه".
وأوضح أنه "يتعين علي هنا أن أعيد التأكيد والتشديد على أن مثل هذه التصرفات الفردية والسلوك المستغل لهذه القلة القليلة، التي تناست ونسيت أن السلطة والمناصب، وعلى كل المستويات، تصاحبها وتتلازم معها بالضرورة المسؤولية والمساءلة، ولم تتعامل مع السلطة والمنصب على أنهما تكليف وواجب خدمة وطني ينبغي أن لا يحيد قيد أنملة عن اعتبارات تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، يجب أن لا تؤدي بنا إلى الوقوع في شرك إصدار أحكام عامة مغلوطة وظالمة وسوداوية حول مؤسساتنا وأجهزتنا أو التشكيك في مصداقيتها أو نزاهتها أو تفاني ونزاهة السواد الأعظم من العاملين فيها وإخلاصهم".