أفكار ومواقف

شجعها تفحص واحضنها بأمان

“منّك إنتَ غير.. شجّعها تفحص”.. لفتتني هذه العبارة الجميلة التوعوية المكتوبة على يافطات تملأ شوارع عمان بدعم من البرنامج الأردني لسرطان الثدي التابع لمركز الحسين للسرطان للتوعية حول أهمية الكشف المبكر ومساهمته في إنقاذ الحياة.
العبارة تحمل معاني كثيرة لامرأة تنتظر الاهتمام والحب والأمان من رجل بإمكانه أن يجعل أيامها أكثر أمانا وأخف وطأة، ومحطة أمان تلوذ فيها من مخاطر المجهول، ويؤمن بأن الحب الصادق بينهما بمثابة الطاقة المحركة للحياة بحلوها ومرّها، بصحتها وسقمها.
العبارة فيها شغف رجل يخاف على حياة زوجته وكأنها حياته، ويولي صحتها اهتماما خاصا، ويحرص على المكوث بجانبها حينما يعلم أنها مصابة بأي مرض كان، فيكون العصا التي تستند عليها والعين التي تبصر بها، واليد التي تحنو عليها وتمنحها القوة والشجاعة والصبر.
إن مساندة الرجل ومشاركته معاناة زوجته وإحساسه معها النابع من حبه الحقيقي لها يساهم بالتأكيد في شفائها، ويزيد من إصرارها على محاربة مرضها، فلمسة صادقة منه ضمانة كافية لاستمرارها في الحياة. 
المرأة في لحظات مرضها يكون الخوف والحزن والقلق والألم رفقاء لها، وتدرك أن أنانية غير مقصودة تدخل نافذة قلبها، فهي تريده أن يكون بجانبها في كل لحظة وتنتظر اهتمامه بكافة تفاصيل أيامها، حتى وإن أظهرت عكس ذلك، فهي ترتعب من فكرة تخليه عنها، أو خذلانه لها، ففي ذلك وجع أقوى من المرض ذاته.
في أوقات معينة تظهر مشاعر الزوج الحقيقية، وتقديره لزوجة أحبته وأحبت أيامها لأجله، وتفترض أن مرضها لن ينقص من الحب الحقيقي شيئا، إنما يزيده حنينا وشوقا ولوعة ما دام القلب ينبض بالذكريات المستمرة.
قصص كثيرة في حياتنا تدلل على رجال حقيقيين كانوا بالفعل السند والأمان لزوجاتهم، لأن حبا حقيقيا جمعهما وكان سبب بقائهما على قيد الحياة.
واستذكرت هنا فيلما رائعا كنت قد شاهدته، هو “The Notebook” والذي يجسد حبا حقيقيا لا يفسر ولا يعلل، لكنه يبقى سنين طويلة ويترسخ في القلب أكثر مع مرور الأيام، ويتوحد فيه المحبون في البداية والنهاية.
الفيلم كان يروي قصة زوج وزوجة أصبحا في السبعين من العمر، لم يختر أحدهما النزول من القاطرة للنجاة بنفسه، إنما بقيا معا، الزوجة الحبيبة التي أصيبت بألزهايمر وفقدت تاريخها بالكامل، وجدته متجسدا بزوج بقي بجوارها يروي لها تفاصيل حياتهما الجميلة منذ لحظة لقائهما أول مرة، علّ الدقائق القليلة التي يتذكرها تعطيه دافعا جديدا للحياة.
لم تكن حياتهما من طرف واحد مثل “الهاتف” الذي يرسل ولا يستقبل، إنما علاقة طرفين و6 حواس تنتهي برحيل واحد، فدافع عن بقائه من خلالها، وكانت النهاية مشتركة ومتزامنة، وكأنها استمرار للحب الذي لا يقتله الموت.
نبحث عن هذه الصورة في حياتنا المعاصرة، ونجد بدلا منها فاتورة مؤجلة الدفع.. إنها فاتورة الحياة المتجردة من دفء المشاعر.
نحب لوحة، نعلقها على الجدار. قد ينهار الجدار ولا تنتزع اللوحة عنه. ذلك وصف علاقة الإنسان بما يحب. كثيرة هي الجدران التي انهارت في الحروب والكوارث الطبيعية، وظلت محتفظة ببراويز حاضنة لصور من كانوا يشيعون الدفء بالبيوت.
هذه الجدران، فما بالك عندما يكون الحب محفورا بالقلوب.. يتوقف النبض ولا يغيب الحب..
أيها الرجل الرائع: شجعها تفحص.. واحضنها بأمان!

[email protected]

تعليق واحد

  1. ما أكرمك ايتها الأديبة الشابة
    أنا بنظري أن الزوج المثالي ليس بحاجة لاحد أن يذكره بواجبه ، ولا يافطة نضعها امامه .لو كان الأمر كذلك لكنا احتجنا الى يافطات تذكر الرجل بماذا يجب أن يعمل ..اليافطة خاطئة جدا …يجب أن تكون رافق زوجتك عندما تريد أن تفحص . الموضوع الذي أثرتيه با اديبتنا الشابه بعتبر من أهم مواضيع الساعة فمن صميم قلبي اشكر نباهتك وحرصك نحو المرض والمريضة الذي تقومين به احسن قيام ..يحب توعية المرأة وحدها ، وتوعية الرجل أن يرافقها وقت الفحص ووقت اعلان النتيجة .وعليه أن يكون أول المساندين لها عاطفيا ومعنويا وأن يشعرها أنه لا ولن بفارقها .بل سيبع ما فوقه وما تحته لعلاجها اذا لا سمح الله كانت تعاني من المرض ..الوقوف بجانب المريضة وتطمينها دوما بأنه سندها ..صدقيني يل شابة هذا التصرف يخدم الزوجة مئات المرات أحسن من أن يتحفها بالكلام الطري اللي ما بودي ولا بجيب كانه فقاقيع في حمام . الحب معاملة .وحب الزوجان هو كالنبيذ المعتق كلما طالت مدته كل ما طاب طعمه .الفرس الاصيل هو وفارسه يعرفان الخط النهائي ويتعاونان معا للوصول اليه

  2. فقط في الافلام كما قلت
    وانت تكتبين عبارة كثير من قصص الحب كاتبتنا الرائعة ظننتك تعيشين في عالم مختلف وافضل من الذي اعيش فيه ولكنك ضربت مثلا من قيلما اجنبيا
    الم تعلمي ان الحب موجود في الاغاني والافلام فقط وليس غلى ارض الواقع
    في الغالب عندنا لن يشجعها تفحص لكنه سيسارع في البحث عن الزوجة الثانية هذة نحن النساء رومانسيات والحب الذي نؤمن فيه غير موجود في ابجدية الرجل

  3. رائعه ومبدعه
    رائعه ومبدعه كعادتك في طرق المواضيع ذات الصفه الانسانيه ووصف المشاعر الصادقه والنبيله,موضوعك هذا يؤكد على أن الزوجه هي توأم زوجها روحا وجسدا وان على الزوج ان يعاملها على هذا الاساس ومن وازع عاطفي وليس من باب الواجب فقط

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock