شرط التلقائية في عقود الإيجار ضمن قانون المالكين والمستأجرين

المحاميان: حمزة أبو عيسى وعبد الله الخصيلات

عمان - أثار موضوع التلقائية في عقود الإيجار الكثير من الجدل خاصة منذ صدور تعديل قانون المالكين والمستأجرين رقم 30 لسنة 2000 ومن ثم القوانين المعدلة التي تلته.اضافة اعلان
ذلك أن هذا الموضوع لم يكن ذا أهمية في ظل القوانين التي سبقت هذا القانون حيث إن الاتفاق على مدة العقد لا يحكمه إرادة المتعاقدان، إذ إن القانون في السابق أعطى المستأجر حق الامتداد القانوني مهما كانت المدة المذكورة في العقد، بمعنى أن المستأجر يبقى مستأجراً في ملك المؤجر سواء حدد الطرفان (المالك والمستأجر) مدة الإيجار أم لم يحدداها وسواء اتفقا على أن يكون التجديد تلقائياً أم لا.
ومنذ صدور القانون المعدل لقانون المالكين والمستأجرين رقم 30 لسنة 2000 المنشور بتاريخ 31/8/2000 ألغي الامتداد القانوني للعقود التي تبرم بعد نفاذ أحكامه وأرجعت عقود الإيجار إلى الأصل العام الذي يحكم العقود وهو مبدأ (العقد شريعة المتعاقدين) بمعنى أن مدة الإيجار يتفق عليها المتعاقدين (المالك والمستأجر)، فقد أعطى هذا القانون حق الامتداد القانوني لجميع العقود التي أبرمت قبل تاريخ 31/8/2000 على أن تنتهي بتاريخ 31/12/2010. أما العقود التي تنعقد بعد 31/8/2000 فتحكمها شروط العقد ومنها شرط المدة.
ووفقاً لذلك، في العقود التي تنعقد بعد 31/8/2000 فإن المالك والمستأجر يحددان مدة الإيجار حسب الاتفاق، ويحكم هذا الاتفاق النصوص المنظمة لذلك الواردة في القانون المدني.
وهنا يثور التساؤل حول ما إذا وردت في العقد العبارة التالية عند تحديد مدة الإيجار: (يجدد تلقائياً)، أي أن الطرفين اتفقا مسبقاً على أن يكون تجديد العقد تلقائياً، فما المدلول القانوني لذلك؟
بما أن العقد شريعة المتعاقدين، فإن مدلول التلقائية يحدده القانون المدني، وقد نصت المادة 707/1 منه على أن: (ينتهي الإيجار بانتهاء المدة المحددة في العقد ما لم يشترط تجديده تلقائياً)، أما المادة 671/1 فجاء فيها: (يجب أن تكون مدة الإجارة معلومة ولا يجوز أن تتجاوز ثلاثين عاماً فإذا عقدت لمدة أطول ردّت إلى ثلاثين عاماً).
وفي ضوء هذه المواد نستطيع القول أن العقد المبرم بعد تاريخ 31/8/2000 واتفق الطرفان على تجديده تلقائياً فإن المدة تصبح ثلاثين عاماً، بمعنى أن يبقى المستأجر في المأجور لمدة ثلاثين سنة بنفس شروط العقد المتفق عليها.
وعلى ذلك قررت محكمة التمييز الأردنية ما يلي: (أوجبت المادة 671/1 من القانون المدني، أن تكون مدة الاجارة معلومة شريطة ألا تتجاوز ثلاثين عاماً. فإذا كانت مدة الاجارة هي خمس سنوات تجدد تلقائياً فهي بذلك مدة معلومة لاتفاق الطرفين مسبقاً على تجديدها تلقائياً دون التوقف على موافقة أي منهما بعد انتهاء مدة العقد الأولى كما تقضي بذلك المادة 707 من القانون المذكور). تمييز حقوق 290/2007 تاريخ 11/6/2007.
وفي قرار آخر قالت: (إذا كانت مدة الاجارة كما وردت في عقد الإيجار هي (سنوياً تجدد تلقائياً بنفس الاجرة)، فإن المادة (707) من القانون المدني يستفاد منها أنه إذا اتفق الطرفان مسبقاً على التجديد التلقائي لمدة الإجارة المعلومة فلا يتوقف ذلك التجديد على موافقة أي منهما بعد انتهاء مدة العقد الاولى). تمييز حقوق 617/2008 تاريخ 27/10/2008.
وبقي الحال على ذلك حتى صدور القانون المعدل لقانون المالكين والمستأجرين رقم 17 لسنة 2009 المنشور بتاريخ 1/9/2009، وبموجب هذا التعديل مدد المشرع عقود الإيجار التي كان من المفترض أن تنتهي بتاريخ 31/12/2010 وأضاف البند التالي على الفقرة (ب) من المادة (5) حيث أصبحت كما يلي: (إذا نص العقد على تجدده تلقائياً، فيتجدد العقد بحكم القانون لمدة تعاقدية مماثلة لمرة واحدة ما لم يقم المستأجر باشعار المؤجر بعدم رغبته في التجديد قبل انتهاء المدة الأصلية).
ووفقاً لهذا التعديل فقد ظلت العقود المبرمة قبل تاريخ 31/8/2000 يحكمها مبدأ الاستمرار القانوني، أما العقود التي أبرمت بعد ذلك فيحكمها مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، وأصبح التجديد التلقائي يعني مدة مماثلة واحدة، بمعنى أن العقد إذا كتب فيه (سنة تجدد تلقائياً) فإن ذلك يعني أن العقد مدته سنتان، وإذا كتب فيه (خمس سنوات تجدد تلقائياً)  فإن العقد تكون مدته عشر سنوات، وهكذا.
لكن متى يسري هذا الحكم الذي جاءت به هذه الفقرة، في العقود المبرمة بعد تاريخ 31/8/2000 أم العقود المبرمة بعد نفاذ هذا القانون المعدل (علماً بأن هذا التعديل بدأ نفاذه بتاريخ 1/11/2009).
لقد عرض هذا التساؤل على الديوان الخاص بتفسير القوانين وأصدر قراره رقم (3) لسنة 2010 وجاء فيه: (... فإذا تضمن العقد أنه يجدد تلقائياً، فإنه يتجدد لمدة تعاقدية مماثلة لمرة واحدة فقط..... وهذا ينطبق على العقود التي تبرم بعد نفاذ القانون رقم 17 لسنة 2009 ولا ينطبق على العقود التي أبرمت قبل نفاذه).
وبموجب ذلك أصبح شرط التلقائية يختلف مدلوله بحسب تاريخ العقد، وتفصيل ذلك كما يلي:
1 - في العقود المبرمة قبل تاريخ 31/8/2000 يحكمها مبدأ الاستمرار القانوني، بمعنى أن للمستأجر حق الاستمرار في إشغال المأجور سواء وجد شرط التلقائية أم لا.
2 - في العقود المبرمة بعد تاريخ 31/8/2000 وحتى تاريخ 1/11/2009 (وهو تاريخ نفاذ أحكام القانون المعدل رقم 17 لسنة 2009) إذا وجد شرط التلقائية فيعني استمرار الإجارة لمدة ثلاثين سنة وفق أحكام القانون المدني.
3 - أما العقود المبرمة بعد تاريخ 1/11/2009 فإنه إذا نص العقد على تجدده تلقائياً، فيتجدد العقد بحكم القانون لمدة تعاقدية مماثلة لمرة واحدة ما لم يقم المستأجر باشعار المؤجر بعدم رغبته في التجديد قبل انتهاء المدة الأصلية.
وتطبيقاً لذلك قررت محكمة التمييز ما يلي: (يستفاد من أحكام المادة (5/ب/1) من قانون المالكين والمستأجرين المعدل رقم (30) لسنة 2000 أنها قد أوضحت بأن عقود الإيجار التي تنعقد بعد نفاذ أحكام هذا القانون تحكمها شروط العقد المتفق عليه، وينقضي عقد الإيجار بانتهاء المدة المتفق عليها. وعليه فإن العقد المبرم بين الطرفين موضوع الطلب تحكمه قاعدة العقد شريعة المتعاقدين أي الشروط المتفق عليها والواردة في العقد من حيث المدة. وحيث إن المادة (671/1) من القانون المدني نصت على أن (يجب أن تكون مدة الإجارة معلومة ولا يجوز أن يتجاوز ثلاثين عاماً...). وحيث إن عقد الإيجار ينتهي بانتهاء المدة المحددة في العقد ما لم يشترط تجديده تلقائياً وفقاً لما تقضي به المادة (707/1) من القانون المدني. وحيث يستفاد من المادة (707) من القانون المدني أنه إذا اتفق الطرفان مسبقاً على التجديد التلقائي لمدة الإجارة المطلوبة فلا يتوقف ذلك التجديد على موافقة أي منهما بعد انتهاء مدة العقد الأولى، وبما أن مدة الإيجار في عقد الإيجار موضوع الطلب هي سنة واحدة تجدد تلقائياً فهي بذلك مدة معلومة لاتفاق الطرفين مسبقاً على تجديدها دون التوقف على موافقة أي منهما بعد انتهاء مدة العقد الأولى. وعليه فإن العقد موضوع الطلب تحكمه شروط العقد المتفق عليها وأحكام المادة (707) من القانون المدني، بمعنى أن هذا العقد يتجدد تلقائياً لمدة لا تتجاوز ثلاثين عاماً. وأما بشأن تطبيق أحكام قانون المالكين والمستأجرين المعدل رقم (17) لسنة 2009 فإن قرار تفسير القوانين رقم (3) لسنة 2010 أوضح بأنه إذا تضمن العقد أنه يجدد تلقائياً فإنه يتجدد لمدة تعاقدية مماثلة لمرة واحدة فقط وأن ذلك ينطبق على العقود التي تبرم بعد نفاذ القانون رقم (17) لسنة 2009 ولا ينطبق على العقود التي أبرمت قبل نفاذه. وحيث إن عقد الإيجار موضوع الطلب أبرم بعد نفاذ القانون رقم (30) لسنة 2000 وقبل نفاذ القانون رقم (17) لسنة 2009 فإن هذا القانون لا ينطبق على العقد موضوع الطلب ولا يمكن القياس على ما ورد به. وعليه فإن تقديم الطلب قبل إنتهاء مدة العقد والممتدة لغاية ثلاثين سنة يكون سابقاً لأوانه. وحيث إن محكمة البداية بصفتها الاستئنافية توصلت لذات النتيجة فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً). تمييز حقوق 4553/2011 تاريخ 28/2/2012.
وظل الأمر كذلك حتى صدر القانون المعدل رقم 22 لسنة 2011 المنشور بتاريخ 31/12/2011 (الذي أبقى على حق الاستمرار القانوني للعقود المبرمة قبل 31/12/2000)، حيث أصبح نص المادة 5/ب من قانون المالكين والمستأجرين كما يلي:
1. أما عقود الايجار المبرمة بتاريخ 31/8/2000 وما بعده فتحكمها شروط العقد المتفق عليه سواء أكان العقار مخصصاً للسكن أو لغيره، وينقضي عقد الإيجار بانتهاء المدة المتفق عليها.
2. إذا نص العقد على تجدده تلقائياً، فيتجدد العقد بحكم القانون لمدة تعاقدية مماثلة لمرة واحدة ما لم يقم المستأجر باشعار المؤجر بعدم رغبته في التجديد قبل انتهاء المدة الأصلية.
وبهذا النص فقد تغير الأمر، حيث كان البند 1 في النص قبل تعديله:(أما عقود الإيجار التي تنعقد بعد نفاذ هذا القانون...)، أما بعد التعديل أصبح: (أما عقود الإيجار المبرمة بتاريخ 31/8/2000 وما بعده...).
وبالتالي لم يعد بالإمكان تطبيق ما قرره الديوان الخاص بتفسير القوانين، حيث إن النص تغير كما وضحنا، وعليه فإن أي عقد أبرم بعد تاريخ 31/8/2000 واشترط فيه التجديد التلقائي فإنه يكون لمدة مماثلة واحدة كما حددها القانون. بمعنى أن المشرع تدخل في تحديد معنى التلقائية بموجب قانون المالكين والمستأجرين ولم يعد بالإمكان الرجوع إلى أحكام القانون المدني لتحديدها حيث أن الخاص يقيد العام.
وفي ذلك قضي: (أن المستفاد من نص المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين بصيغتها المعدلة أن جميع عقود الإيجار المبرمة بعد تاريخ 31/8/2000 والتي تضمنت عبارة (يجدد تلقائيا) يتجدد العقد بموجبها لمدة تعاقدية مماثلة ولمرة واحدة فقط ولا يخضع العقد المبرم بعد تاريخ 31/8/2000 المتضمن عبارة التجديد التلقائي إلى أحكام القانون المدني). تمييز حقوق 1396/2013 تاريخ 7/10/2013.
وخلاصة الأمر أن حكم شرط التلقائية في عقود الإيجار المبرمة بعد تاريخ 31/8/2000 يكون معناه أن العقد يجدد لمدة عقدية مماثلة واحدة، أما العقود المبرمة قبل ذلك فيحكمها الاستمرار القانوني، وذلك وفق آخر تعديل لقانون المالكين والمستأجرين رقم 14
لسنة 2013.