شركة المدفوعات الخليجية .. فوائد كثيرة للاقتصاد الخليجي

figuur-i
figuur-i

عدنان أحمد يوسف*

مع توالي الموافقات الخليجية على تأسيس شركة المدفوعات الخليجية، والتي آخرها كان موافقة مجلس النواب البحريني على قانون تأسيس الشركة نهاية الشهر الماضي، بتنا نتطلع لبدء هذه الشركة لعملياتها، والتي سوف تحقق الكثير من الفوائد للاقتصادات الخليجية.
وكما قلنا في مقالات سابقة، فقد برزت أهمية هذا المشروع وبصورة خاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية العام 2008 بعد أن اتضحت الحاجة بصورة جلية لوجود نظام عربي وإقليمي لتسوية المدفوعات يدعم مشاريع التكامل الاقتصادي الخليجي والعربي من جهة، ويسهم في تجنيب الدول الخليجية والعربية الهزات التي يشهدها النظام المالي العالمي من جهة أخرى. وقد تبنينا طرح هذا الموضوع من خلال اتحاد المصارف العربية في العديد من المؤتمرات والاجتماعات عندما كنت اترأس مجلس إدارته. وقد ازدادت أهمية هذا الموضوع خلال السنوات الأخيرة بعد بروز ظاهرة تشدد البنوك العالمية المراسلة في تقديم خدماتها للبنوك الخليجية، لكونها كانت بدورها تتعرض لقيود صارمة من سلطاتها النقدية لتشديد إجراءاتها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتنفيذ العقوبات. لذلك، فأن تنفيذ هذا المشروع من شأنه إجراء المعاملات المالية والمصرفية بين دول المجلس مباشرة، والطريقة أحسن وأرخص من حيث التكلفة.
وكما قلنا، فأن هذا المشروع سوف يحقق لدول مجلس التعاون تطوير وتحسين الخدمات المتعلقة بنظام المدفوعات الخليجي وإدارة تشغيل نظام المدفوعات الخليجي وتطوير وتعزيز نظم المدفوعات الخليجية المشتركة بما يخدم مصالح الدول المشاركة وشعوبها، فيما يتضمن النظام الأساسي القواعد القانونية المنظمة لعمل الشركة وفق ما نصت عليه الاتفاقية.
كما أن تأسيس الشركة سيمكن من إجراء التحويلات المصرفية مباشرة مع الدول الخليجية بتكلفة وسرعة أقل، مع ضمان عدم تسرب المعلومات خارج الإطار الخليجي، حيث ستكون الشركة أحد المرتكزات المستقبلية لمشروع إصدار العملة الخليجية الموحدة، وسيكون لها مقران متوازيان، الأول في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، والثاني في إمارة أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث سيتم تحويل المعاملات بمعدل مرتين يوميا، أي أن المدفوعات سيتم تحويلها للحسابات المصرفية خلال نفس اليوم.
كما تتمثل أحد أهم أهداف الشركة في تأسيس بنية تحتية إقليمية تكون الركيزة التي تستند عليها نظم المدفوعات الإقليمية المشتركة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتخفيض تكلفة التحويلات المالية بين دول المجلس وسرعة إنجازها.
لذلك يمكن القول إن قيام دول مجلس التعاون الخليجي بتأسيس شركة لتولي تسوية المدفوعات البينية يأتي استجابة لتحرير عناصر الاستثمار والعمل والإنتاج بين دول التعاون مما يدفع لتنامي حجم التعاون فيما بينها وضمان الارتقاء بهذه العلاقات في حال تطبيق مشروع الاتحاد النقدي، إلى جانب أن هذه الخطوة تتسق مع مقررات السوق ‏المشتركة ومعطياتها التي تواصل منذ تطبيقها فعليا مطلع العام 2008، وكذلك مستلزمات الوحدة النقدية الخليجية والمساهمة في تعميق مفهوم المواطنة الاقتصادية الخليجية.
إن تنفيذ هذا المشروع سوف يضمن إجراء التحويلات المالية آليا وضمان وصولها إلى المستفيد فورا، وتقديم خدمات ومنتجات مصرفية متطورة، وتقليل المخاطر المالية والاستغناء عن حمل النقد بغرض التحويل من بنك إلى آخر مما يسهم في خفض تكاليف الخدمات المالية المصرفية وتعزيز الأداء المصرفي والمالي. كما سيسهم في إرساء البنية التحتية التقنية، التي تضمن تحويلا سريعا وموحدا وآمنا للمدفوعات المالية، ما يعزز من نشاطات التجارة الثنائية بين دول المجلس والمتعددة الأطراف بين دول مجلس وبقية دول العالم.
وتظهر بيانات المركز الإحصائي الخليجي إن حركة التجارة البينية في مجلس التعاون ارتفعت في العام 2018 بما نسبته 19 % لتصل إلى 147 مليار دولار مقارنة بما قيمته 123.6 مليار دولار خلال 2017. لذلك، فأن تأسيس شركة المدفوعات ليس من شأنه الإسهام بقوة في زيادة المبادلات التجارية البينية إلى مستويات كبيرة بالمقارنة مع ما هي عليه الآن فحسب، بل سوف تشجع أيضا حركة الاستثمارات البينية وقيام المشاريع المشتركة ودعم تجارة الخدمات مثل السياحة والطيران والخدمات المهنية وغيرها نظرا لسهولة تحويل رؤوس الأموال بين دول التعاون.

اضافة اعلان

*رئيس جمعية مصارف البحرين
**رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا