شريان الحياة الأردني في غزة

شريان حياة أردني حقيقي ممتد إلى غزة، يتمثل بذلك الجهد الاستثنائي لفرسان الخدمات الطبية الملكية، الذين يشيدون هذا الأسبوع مستشفاهم الميداني "غزة 8"، في سلسلة العطاء الكبير للدولة الأردنية، ومن قبل سبقته قافلة معونات وصفها سمو الأمير راشد بن الحسن عند المغادرة بأنها قافلة شعبية.

اضافة اعلان

وماذا يريد العرب العاربة والمستعربة والملبرلة أكثر؟ الجواب أن الأردن سيمضي للمزيد غير عابئ بحصار الأشقاء هناك أيا كان الشقيق؛ في جناح غزة أو فتح أو أي جبهة أو فصيل، فذلك شأن الأردنيين وقيادتهم.

أحسب أن الفلسطينيين يدركون أن لا شريك فعليا معهم في المعاناة إلا الأردن، ولا مدافع عن حقهم بالدولة أكثر من الأردن قيادة وشعبا، فمصر مثقلة بملفها الداخلي، والخليج متحسب من إيران، ودول أخرى تدعي صمودا لا تقدم غير تبرعات وهمية في القمم العربية وجلها لا يصل.

ليس غريبا أن يصل مستشفى غزة بعد عام على أول تصريحات للملك عبدالله الثاني محذرا من مجيء نتنياهو، سمعناه قبل عام على مائدته الكريمة في رغدان في الخامس من أيار، وتوالت تحذيراته هنا وفي الولايات المتحدة، وأسهم الملك في تضييق مساحة تأثير نتنياهو في أميركا.

الملك عبدالله الثاني يقاتل لأجل دولة فلسطينية، وحذر مرارا ولوح بمراجعة العلاقة مع إسرائيل، وكل ذلك يحسب للوطن الأردني البهي، نعم البهي بكل ما فيه من تحديات وتوتر بحاجة لضبط ورفع لنصاب القانون وتحقيق العدالة، وأي دولة فيها مثل ما عندنا، لكن فرق بين من يسمعون كلامهم في دولة تحت سقف المواطنة والولاء لقيادتها، وبين دول يُجر مثقفوها ونخبتها إلى السجون، والسبب بسيط لأننا في الأردن لسنا رعايا.

عبر معبر بيت حانون كان وصول قافلة التزويد ومقدمة المستشفى الميداني العسكري الأردني غزة 8 في الرابع من أيار الحالي، ووصلت بقية الطواقم في اليوم التالي، وفي ذات الفترة كانت الخدمات الطبية تعقد مؤتمرها الدولي الذي شارك فيه نحو 3000 مشارك يطلون على الإنجاز الأردني الكبير، ويحضر الملك مشرقا إلى ما تعوده من الأردنيين بالإنجاز وارتياد الآفاق.

غزة الصامدة تصلها أحيانا قوافل تقام لها الدنيا ولا تقعد، أما نحن فلا نبغي من بهرجة الكرنفالات شيئا، فيكفي أن يلملم أطباؤنا الكبار وممرضو المستشفيات في غزة جراح مصاب وحزن سيدة أو طفل أو شيخ كبير أصيبوا من آلة الغطرسة الإسرائيلية المقيتة. ومع ذلك سيظل شريان الحياة الأردني ممتدا من مدينة الحسين الطبية التي ستبقى عنوان الكبرياء الوطني إلى غزة، وإلى أي دولة شقيقة تصيبها جائحة أو كارثة مهولة.

أما أطباء وأبناء الخدمات الطبية الملكية فأرض فلسطين ليست غريبة عليهم، والفلسطينيون في بهاء صمودهم وتاريخ نضالهم يعرفون معنى حضور الجيش العربي الذي ظل قائد معاركه في باب الواد واللطرون حابس المجالي يردد "الموت ولا الدنية".

هناك في أرض فلسطين التي هي لنا كما هي لأهلها، سيبقى الحضور الأردني بهيا كبيرا بما يليق بطموح وطن "في حجم بعض الورد إلا أنه له شوكة ردت إلى الشرق الصبا".