شن هجوم أميركي أو إسرائيلي على إيران غير مرجح - لكنه ليس مستحيلا

دونالد ترامب - (أرشيفية)
دونالد ترامب - (أرشيفية)

جو سيرينسيون – (ريسبونسيبل ستيتكرافت) 17/11/2020

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

اضافة اعلان

استراتيجية الضغط الأقصى التي طبقها ترامب هي أقصى درجات الفشل. وقد أصبحت إيران الآن أقرب إلى القدرة على صنع قنبلة نووية. وموقعها في المنطقة أقوى وليس أضعف. وقد يميل ترامب الآن إلى التستر على هذا الفشل بسلسلة من الضربات أو هجمات الصواريخ أو الهجمات الإلكترونية أو بهجوم تشنه إسرائيل بالوكالة. ويمكنه أن يتوقع الدعم من شبكة اليمين المتطرف الممولة جيدا من جماعات الضغط في واشنطن ودعاة الحرب مع إيران.

  • * *
    إذا كان ثمة شيء واحد نعرفه على وجه اليقين عن إدارة ترامب، فهو أنه عندما نعتقد أن الأمور لا يمكن أن تصبح أسوأ، فإنها تفعل. وفي أيامه الأخيرة كرئيس، يفكر دونالد ترامب بنشاط في خوض حرب مع إيران.
    ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الثلاثاء أن ترامب طلب في الأسبوع السابق تزويده بخيارات لمهاجمة إيران. وأفادت بأن مستشاريه تحدثوا إليه وأقنعوه بالتخلي عن هذه الفكرة، لكن مسؤولين قالوا للصحيفة أن "ترامب ربما ما يزال يبحث عن طرق لضرب أصول إيران وحلفائها". وتتكهن صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بأن "ترامب إما سيأمر بالقيام بعمل عسكري أميركي ضد إيران أو أنه سيمنح إسرائيل ضوءا أخضر، بالإضافة إلى بعض المساعدة، للقيام بذلك بمفردها".
    ما يزال الإجماع العام هو أن مثل هذه الضربة غير مرجحة. لكن المحللين مذعورون من تاريخ ترامب؛ ذلك أن كون مسار عمل ما غير منطقي ولا معنى له من الناحية الاستراتيجية فقط لا يعني أن ترامب لن يقوم بذلك العمل بالتحديد.
    في مقابلة أجرتها معه محطة "إن. بي. آر" مؤخرا، أعرب كوري شاك، من معهد "أميركان إنتربرايز"، عن قلقه من أن ترامب "يقوم بتعيين أشخاص أكثر طواعية من أجل أن ينهي عهد إدارته بشيء يُحدث ضجة كبيرة". وقال أن هجوماً تشنه أميركا على إيران غير مرجح، لأنه سيتطلب في الأساس التنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة الذين سيعارضونه. ومع ذلك، يمكن أن تتصرف إسرائيل بمفردها. وحذر وكيل وزارة الخارجية السابق، نيكولاس بيرنز، في المقابلة نفسها من أن إيران ستكون محور التركيز المحتمل لأي ضربة عسكرية. وقدم مستشار الأمن القومي السابق لترامب، إتش آر ماكماستر، الأسبوع قبل الماضي تحذيراً مماثلا من هجوم إسرائيلي محتمل.
    ومما يزيد من حدة هذه المخاوف، أن مسؤولي ترامب يهاجمون الشرق الأوسط ويقصفونه بالزيارات والمكالمات والمقابلات. وكان إليوت أبرامز، مبعوث ترامب لشؤون إيران، متواجداً في إسرائيل الأسبوع قبل الماضي لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وزار وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، إسرائيل الأسبوع الماضي، وأجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت جنرال أفيف كوخافي، مكالمة فيديو مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي الأسبوع قبل الماضي. وفي غضون ذلك، توقع عضو في حكومة نتنياهو، هو وزير المستوطنات تساحي هنغبي، بشكل قاطع في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) أن إسرائيل ستهاجم إيران إذا تم انتخاب جو بايدن رئيسًا. وبشكل ينذر بالسوء، أعلنت القيادة المركزية الأميركية يوم الاثنين من الأسبوع الماضي أنها نقلت مفرزة قاذفات مقاتلة من طراز "إف-16" من ألمانيا إلى الإمارات العربية المتحدة، على مسافة الخليج من إيران.
    يأتي الحديث عن الحرب بعد أربع سنوات من فشل سياسات ترامب في التوصل إلى إبرام "الصفقة الأفضل" التي وعد بها أو وجود حكومة ضعيفة في طهران يمكن الإطاحة بها بسهولة. وقد صعّد ترامب العقوبات وتصنيفات "إرهابي" للمسؤولين والوكالات الإيرانية بعد أن انسحب من الاتفاق النووي الإيراني، أو "خطة العمل الشاملة المشتركة" التي تفاوض عليها الرئيس باراك أوباما مع ست دول أخرى والاتحاد الأوروبي. وكان ذلك الاتفاق التاريخي قد قلص برنامج إيران النووي إلى جزء صغير من حجمه السابق، وجمده لجيل كامل، وحاصره بواحد من أكثر برامج التفتيش تدخلاً في العالم.
    في مقابلة مع شبكة "سي. إن. إن" يوم الثلاثاء، قال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فيرجينيا) أن الاتفاقية تعمل: "إن إيران ملتزمة من جميع النواحي: أجهزة الطرد المركزي، والتخصيب، وتخزين المواد المخصبة، والتخلص من مفاعلات البلوتونيوم". وقال أن ترامب انسحب من الصفقة "لأن أوباما وضع اسمه عليها". وردا على هذا الانسحاب، "بدأت إيران ببطء في زيادة إمداداتها من اليورانيوم المخصب. وهو شأن خطير، لكنه شيء أثارته الولايات المتحدة بسبب انسحابها من الاتفاقية". وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع قبل الماضي أن مخزون إيران يبلغ الآن 12 ضعف ما كان عليه قبل أن يبدأ ترامب في انتهاك الاتفاقية، أو حوالي 2.400 كيلوغرام من اليورانيوم منخفض التخصيب. وسيستغرق الأمر من إيران بضعة أشهر لتحويل تلك المواد إلى قلب قنبلة واحدة.
    تقول باربرا سلافين من "مجلس الأطلسي" أن "استراتيجية الضغط الأقصى التي طبقها ترامب هي أقصى درجات الفشل". أصبحت إيران الآن أقرب إلى القدرة على صنع قنبلة نووية. وموقعها في المنطقة أقوى وليس أضعف. وقد يميل ترامب الآن إلى التستر على هذا الفشل بسلسلة من الضربات أو هجمات الصواريخ أو الهجمات الإلكترونية أو بهجوم تشنه إسرائيل بالوكالة. ويمكنه أن يتوقع الدعم من شبكة اليمين المتطرف الممولة جيدا من جماعات الضغط في واشنطن ودعاة الحرب مع إيران. وإذا لم تتم معارضة هذا الاتجاه بقوة من قبل المسؤولين العسكريين وأعضاء الكونغرس والخبراء والمنظمين المسؤولين، فقد يعتقد ترامب أنه يستطيع أن يصرف الانتباه عن هزيمته الانتخابية - وربما إيجاد مبرر لاستخدام سلطات الطوارئ- من خلال إشعال حرب جديدة في الشرق الأوسط.
    والجواب دبلوماسي وليس حركياً. وكما ذكرت نائبة رئيس معهد كوينسي، تريتا بارسي، قبل نهاية العام، فإنه ينبغي على بايدن "تمهيد الطريق لإحياء الاتفاق النووي والدبلوماسية الأوسع مع إيران". ويمكن أن تتم إعادة الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة بسرعة في بداية عهد الإدارة الجديدة، مما يقلل مرة أخرى من التهديد النووي ويعيد تأسيس الأساس لاتفاق متابعة وعقد محادثات لحل مواطن النزاع الأخرى.
    وهذا بدوره سيسمح للولايات المتحدة بإقامة علاقة أقوى مع إيران من خلال إقامة اتصالات منتظمة -كما كان الحال خلال فترة إدارة أوباما- والتي سيكون من شأنها أن تقلل من مخاطر نشوب الصراعات التي يمكن أن تتصاعد، بشكل مقصود أو غير مقصود، إلى حرب ستجعل الحروب في العراق وأفغانستان تبدو تافهة بالمقارنة.
  • Joseph Cirincione: هو زميل متميز في معهد كوينسي ومحلل للأمن القومي ومؤلف يتمتع بخبرة تزيد عن 35 عامًا في العمل في هذه القضايا في واشنطن العاصمة. وهو مؤلف أو محرر لسبعة كتب، منها "الكوابيس النووية: تأمين العالم قبل فوات الأون"، و"رعب القنبلة: تاريخ ومستقبل الأسلحة النووية". شغل سابقًا منصب رئيس صندوق "بلوشيرز"، وهو مؤسسة أمنية عالمية، ونائب الرئيس لشؤون الأمن القومي في مركز التقدم الأميركي، ومدير شؤون منع الانتشار النووي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، من بين مناصب أخرى.
    *نشر هذا الموضوع تحت عنوان: US or Israeli attack on Iran unlikely — but not impossible