شهادة الكفاءة المالية

في خضم حالة "الفوضى المالية" التي تعيشها أندية المحترفين لكرة القدم، وفي ظل غياب الرقابة الحقيقية من الهيئات العامة للأندية ومن ديوان المحاسبة، وعدم وجود أدوات رقابية مالية من قبل اتحاد كرة القدم على إيرادات ومصروفات النادي والوضع المالي فيه، فإن حال الأندية اليوم هو نتاج مؤكد وواقعي لغياب الرقابة المالية، التي تحول دون غرق الأندية في الديون.اضافة اعلان
ثمة اتحادات دولية وقارية وأهلية تضع ضوابط للإنفاق المالي، وأوجدت قواعد للعب المالي النظيف، كما هو معمول به في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، في حين أن الاتحاد السعودي لكرة القدم مثلا، اشترط على أندية المحترفين الحصول على "شهادة الكفاءة المالية"، لكي تتمكن من تسجيل اللاعبين الجدد خلال فترة الانتقالات الشتوية، لأن لائحة الكفاءة المالية تهدف إلى تنفيذ المعايير المنظمة لإدارة الأندية وتطبيق أفضل ممارسات الحوكمة المالية لضمان استقرارها وتحقيق أهدافها، ولجنة الكفاءة المالية تضم ممثلين عن وزارة الشباب والرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم ورابطة الدوري السعودي للمحترفين، وقد اتخذت إجراءات فاعلة بحيث منعت صرف الدفعات الشهرية من إستراتيجية دعم الأندية، في حال لم يقم النادي بتسليم المستندات المالية التي تؤكد قيامه بدفع المستحقات الشهرية للاعبين والمدربين والإداريين.
قبل بضعة أيام، ظهر النجم والمدرب راتب العوضات والدموع تنهمر من عينيه لحاجته للعلاج من المرض العضال، الذي نتمنى من الله أن يكتب له الشفاء العاجل ويمتعه بموفور الصحة والعافية، وخلال تلك اللحظات كان العوضات يشتكي "ظلم" عدد من الأندية التي له في ذمتها مبالغ تزيد على 100 ألف دينار، لم يحصل منها على قرش واحد، رغم أن لجنة أوضاع اللاعبين المحلية بتّت في تلك الشكاوى، لكن الدفع لم يتم بعد.
حالة العوضات فيما يتعلق بعدم الحصول على المستحقات، تكرار لعشرات إن لم يكن مئات الحالات التي رفعت للجنة أوضاع اللاعبين أو الاتحاد الدولي لكرة القدم، نتيجة عدم قيام الأندية بدفع ما عليها من ديون لصالح المشتكين، الذي يشتكون تارة من تأخر النظر في شكواهم من قبل اللجنة المحلية، وتارة أخرى من المماطلة من قبل الاتحاد في دفع تلك المستحقات.
لماذا لا يتم تصويب أوضاع الأندية من خلال إيجاد لوائح وأنظمة تحول دون تمكين الأندية من الانفاق بشكل يفوق إيراداتها؟.. هل من الصعب أن تتضافر جهود اتحاد الكرة ووزارة الشباب واللجنة الأولمبية للخروج من حالة الفوضى الإدارية والمالية وإيجاد لائحة رقابة حقيقية؟.. كيف لنا أن نفكر في تطوير الكرة الأردنية والأندية غارقة في الديون نتيجة سياساتها المالية الخاطئة؟.
قبل أيام لم تستطع بعض الأندية الحصول على الرخصة الآسيوية التي تمكنها من المشاركة في بطولات الاتحاد الآسيوية، لأنها لم تقم بعد بسداد المستحقات المالية المفروضة عليها بعد شكاوى عدة رفعت عليها لدى "فيفا"، وبعض الأندية من الدرجة الأولى مهددة بعقوبات جمة لأن عليها عشرات الألوف من الدنانير بعد أن كانت في دوري المحترفين.
لا بد لاتحاد كرة القدم أن يبادر إلى تصويب الخلل المالي الذي تعاني منه الأندية ويضر بسمعة الكرة الأردنية، وأن يصرف مستحقات الدائنين بعد اقتطاعها من حصص الأندية المدينة، فلا يعقل أن يستجدي اللاعبون والمدربون والإداريون الحصول على حقوقهم من قبل لجنة أوضاع اللاعبين المحلية، في الوقت الذي "تهرول" فيه الأندية لدفع ما عليها من مستحقات حين يصل الأمر إلى "فيفا"، لأنها تعلم علم اليقين بأن العقوبة عليها حاصلة لا محالة، ولن يستطيع الاتحاد المحلي تأخيرها أو "تطنيشها"، لأنه هو الآخر سيكون عرضة للمسؤولية.. آن الأوان للخروج من حالة الفوضى المالية.