شهيد المياه الشرفا..إعدام بدم بارد

نابلس- تبدو حركة المركبات الديناميكية على دوار بلدة بيتا في الطريق الرابط بين رام الله ونابلس طبيعية، لكن السير عشرة أمتار نحو طرف الطريق الأيمن يشير إلى توقف الزمن لحياة فني سباكة (موسرجي) بدأت قبل 22 عاما.اضافة اعلان
بقعة دماء كبيرة ومفتاح أنابيب معروف شعبيا "بالإنجليزي" وعلبة سجائر "مالبورو" قريبة من محابس المياه المغذية لبلدات بيتا وحوارة وزعترة من شركة "مكروت" الإسرائيلية، بقيت الشاهد على جريمة الإعدام التي نفذها جنود الاحتلال الإسرائيلي بحق الشهيد شادي عمر شرفا (41 عاما).
كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساء الليلة الماضية، عندما أوقف الشرفا سيارته على الجانب الأيسر للطريق، وفتح الصندوق الخلفي للمركبة حاملا عدة العمل، وقطع الطريق إلى الجانب الأخر ليصل لجهته اليومية؛ لتفقد محابس المياه الواصلة للبلدات الثلاث، قبل أن يتفاجأ بإطلاق مجموعة من الجنود أكثر من 10 رصاصات على جسده.
يقول مسؤول قسم المياه في بلدية بيتا يوسف أبو مازن لـ"وفا"، بأن الشهيد شرفا عمل في قسم المياه بالبلدة 17 عاما، ومنذ تركه العمل في البلدية قبل خمسة أعوام يقدم الدعم والاستشارة الفنية للبلدية في مجال المياه، واعتاد على تفقد المحابس الواصلة لبيتا وحوارة وزعترة باستمرار.
ويضيف أن الشهيد شرفا يتفحص المحابس بشكل شبه يومي تطوعا، حيث يتفقد المياه الواصلة للبلدات الثلاث ويتفحص ضغط المياه والعدادات، تجنبا لأي خلل يوقف المياه، ويحرم الأهالي منها، لا سيما وانهم يعانون نقصا حادا بها منذ سنوات.
ويؤكد أن المنطقة التي أعدم فيها جنود الاحتلال الشهيد شرفا مسموح لطواقم بلدية بيتا وحوارة وزعترة الدخول إليها لتفقد محابس المياه.
والشهيد شرفا، متزوج وأب لأربعة أطفال أكبرهم 12 عاما، وأصغرهم ثلاثة أعوام.
عقب إعدامه احتجزت قوات الاحتلال جثمانه ونقلته بواسطة مركبة إسعاف إسرائيلية، فيما دارت مواجهات على مدخل البلدة بين الشبان والاحتلال للتنديد بالجريمة، وأصيب خلالها 106 فلسطينيين بالرصاص المطاطي والاختناق بالغاز المسيل للدموع.
ومنذ شهر أيار(مايو) الماضي تشهد بلدة بيتا مواجهات يومية مع قوات الاحتلال ضمن فعاليات المقاومة الشعبية التي تشهدها البلدة احتجاجا على إقامة بؤرة "جفعات افيتار" الاستيطانية على قمة جبل صبيح، واستشهد خلالها خمسة شبان وأصيب المئات من أهالي البلدة.
وتسعى سلطات الاحتلال بابتداع طرق عدة لتضييق الخناق على أهالي البلدة لثنيهم عن المقاومة الشعبية التي شكلت نموذجا وأيقونة في أساليب النضال، تارة عبر الاعتقالات لشبان القرية وأخرى بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي، أو عبر إغلاق مدخل البلدة، وآخرها تقليص كمية المياه التي تزودها الشركة الإسرائيلية للبلدة.
ويشير عضو بلدية بيتا عبد المنعم عيسى لـ"وفا"، الى أن سلطات الاحتلال تتعمد الضغط على أهالي البلدة بطرق عدة، أخرها كان تخفيض كميات المياه الواصلة للبلدة لإشغال الاهالي بمشاكل داخلية تتمثل بنقص المياه وثنيهم على المقاومة الشعبية.
ويؤكد عيسى أن ما جرى مع الشهيد شرفا يشير الى أن الاحتلال تعمد إعدامه، حيث أطلق جنود الاحتلال وفق شهود العيان أكثر من 10 رصاصات على جسده دون سابق إنذار ومن مسافة قريبة، مؤكدا زيف رواية وسائل الإعلام بتواجد الشهيد قرب بؤرة "افيتار" الاستيطانية، التي تبعد قرابة سبعة كيلومترات عن مسرح الجريمة.
ونوّه مسؤول قسم المياه في بلدية بيتا إلى أن سلطات الاحتلال تعمدت منذ شهر أيار(مايو) الماضي، وهو التاريخ الذي بدأت فيه فعاليات المقاومة الشعبية في البلدة ضد البؤرة الاستيطانية، إلى تخفيض المياه، حيث تراجعت من 40 ألف كوب بشهر أيار(مايو) إلى 33 ألف كوب في شهر حزيران(يونيو) .
ويوضح أن الشركة الإسرائيلية تزود بلدية بيتا بـ1250 كوبا من المياه يوميا منذ العام 2006، وترفض زيادة الكمية رغم ارتفاع عدد السكان ووصول اشتراكات المياه إلى 3700 اشتراك، وغالبا ما تعمل على تخفيض تلك الكمية، ما شكل أزمة مياه في البلدة.-(وكالات)