صفعة القرن

يعود ساكن البيت الأبيض من جديد لسياسة الانحياز للكيان الصهيوني، ويغازل قادة الكيان بوعود وقرارات اعتباطية لا تستقيم مع قرارات الشرعية الدولية ولا مع التوافق الدولي وحل الدولتين، وها هو اليوم يستبق محاكمته والانتخابات الصهيونية، لتقديم أُعطيات جديدة للكيان الصهيوني من خلال عزمه إعلان الشكل السياسي لما يعرف بصفقة القرن. فواشنطن التي تستعد لإعلان ملامح صفقتها تستدعي قادة الكيان للحضور عندها، ولا تكترث لوجود أي طرف آخر، وهي بذلك تعلن انحيازا بالمطلق للكيان الصهيوني المطلع بالكامل على أدق تفاصيل الصفقة، فيما أصحاب العلاقة الفلسطينيون والأردنيون والعرب، يعلنون على الملأ عدم اطلاعهم على بنود الصفقة وما تحتويه من تفاصيل. انحياز قادة البيت الأبيض من خلال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه بات اكثر من واضح، والصمت العربي حيال الموقف الأميركي متواصل، وهو موقف يضع علامات سؤال حول دوافع هذا الصمت العربي المريب، وليس هذا فحسب بل إننا بتنا نشهد هرولة عربية أكبر تجاه واشنطن، وانفتاحا أوسع على الكيان الصهيوني ما يشي بشبه تأييد عربي غير معلن لما تردده واشنطن عن صفقة القرن. التسريبات حول الصفقة نشرت من خلال إعلام صهيوني وعالمي وكل ما ينشر حتى اللحظة يؤشر لبنود لا تتفق مع الشرعية الدولية وحل الدولتين، وتعطي الكيان الصهيوني حقَّ الحصول على حقٍ ليس له والتمرد على الشرعية الدولية وقراراتها، وهو أيضا يؤشر أن الولايات المتحدة مُذ سكن ترامب في بيتها الأبيض لم تعد تكترث بالقرارات الدولية ولا لمجلس الأمن وليس أدلّ على ذلك من ممارسة اغتيالات واحتلال دول، وانسحاب من اتفاقيات دولية وضم القدس والجولان والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، وكلها إجراءات لا شرعية لها، كما أن واشنطن جاهدت وما زالت لشيطنة المقاومة سواء الفلسطينية أو اللبنانية، وهي أيضا عملت على قطع كل إمداد لتلك المقاومة من خلال تأليب أنظمة ودوّل عليها، ومحاولة تقطيع دول وخلق فتن فيها، وإثارة نعرات طائفية وجهوية لدى شعوب المنطقة تمهيدا للوصول لما نراه اليوم من تحضيرات لصفقة القرن. بات جليا أن واشنطن تنظر للموضوع الفلسطيني وفق زاوية الرؤية الصهيونية، ولا ترى أي تفاصيل تتعلق بالقضية الفلسطينية، وما فيها من تشابكات مختلفة، وتجهل أن غرس كيان وليد على أرض ليست له وتهجير شعب من أرضه لا يمكن أن يؤسس لعملية سلام بين أبناء المنطقة، فهناك شعب يرفض الاستسلام وأصحاب أرض لا يمكن اقتلاعهم من أرضهم بهذه السهولة التي تعتقدها واشنطن. ولذا فإن على الإدارة الأميركية بكل مكوناتها (مجلس شيوخ ونواب) أن يعوا أن ما ينوي الرئيس ترامب ومستشاروه الإعلان عنه، يتناقض مع كل ما كان الرؤساء الأميركان يعلنونه عبر سنين ويضع المصداقية الأميركية على المحك، ويجعلها عرضة لنقد العالم الذي ما زال يصرح بتمسكه بحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، وهو في نهاية المطاف لن يأتي بسلام في المنطقة وإنما سيزيدها تعقيدا واشتعالا. لا شك أن الأردن والسلطة الفلسطينية الأكثر تأثرا بصفقة القرن، وهما يواجهان ضغطا واسعا نتيجة ما يتسرب من بنود غير منطقية تتعلق بالصفقة، وليس هذا فحسب؛ بل إن ما يتسرب ينهي الوجود الهش أصلا للسلطة الفلسطينية، ويؤزم الموقف الأردني أكثر، وهذا يتطلب أن يواصل الأردن وفلسطين معا رفضهما للصفقة، وهو الأمر الذي يتوجب مواصلته شعبيا ورسميا، وعدم الدخول في مفاوضات تحت الطاولة، فالتسريبات غير مطمئنة، وهي بحاجة لموقف حاسم وواضح من قبل السلطة الفلسطينية في المقام الأول، وأيضاً ثبات موقف الأردن بكل مكوناته، فما نسمعه يؤثر على الأردن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولهذا فإن الأمر بحاجة لخطوات على أرض الواقع، فما نسمعه صفعة لكل جهود السلام، والشرعية الدولية وتأسيس لتمدد صهيوني تجاه المنطقة.اضافة اعلان