صفقة القرن

يديعوت أحرنوت

ناحوم برنياع

اضافة اعلان

16/8/2019

قال نتنياهو هذا الأسبوع في مناسبة في متسودات زئيف (مقر الليكود) ان كل كلمة سيئة قيلت عنه تعززه فقط في جمهور الناخبين. إذا كان محقا، فان الطريقة التي عالج فيها زيارة سياسيتين أميركيتين إلى إسرائيل ينبغي أن تمنحه انتصارا جارفا في صندوق الاقتراع. فقد تذبذب، فشل، خضع وتبطل، وفي النهاية كذب لناخبيه ايضا. في المدى القصير، الضرر واضح؛ في المدى البعيد هو تهديد استراتيجي.
رشيدة طليب، 43 سنة، هي عضو كونغرس من ميشيغن، الهان عمر، 38 سنة، هي عضو كونغرس من مينيسوتا. كلتاهما عضوتان في الكتلة الديمقراطية؛ كلتاهما انتخبتا لأول مرة في 2018، في الانتخابات المرحلية التي منحت للديمقراطيين اغلبية في مجلس النواب. مع الموجة الديمقراطية وصلت الى واشنطن مجموعة من السياسيين المكافحين، ممن رفضوا ان يأخذوا على أنفسهم إمرة حزبهم وتراث. طليب وعمر تضيفان الى المتمردين لونا عرقيا. طليب تبرز جذورها الفلسطينية؛ عمر اصلها الصومالي وايمانها بالاسلام. هما وزميلتهما، الكسندريا اوكسيو كورتيز، هن يلعبن ادوار النجوم في نشرات الاخبار وفي الشبكات الاجتماعية.
ظاهرا، هن يقفن في الصف الاول للصراع ضد اعادة انتخاب ترامب. اما عمليا، فقد عقد حلف بينهن وبينه. هو يستخدمهن وهن يستخدمنه. هن يحملن على موجة الاحتجاج ضده؛ وهو يستخدمهن كي يبعد الناخبين عن خصومه الديمقراطيين وكي يحرف جدول الاعمال. نحن نعرف مثل هذه التحالفات في السياسة عندنا ايضا: آريه درعي بنى يوسف لبيد؛ يوسف لبيد بنى آريه درعي.
ان الموضوع الذي يتقاتل فيه ترامب مع عضوات الكونغرس الثلاثة هو الاجرام. هو يبني على الكراهية للمهاجرين؛ هن يبنين على الكراهية لكراهيته. اسرائيل تدخل الى هذه الرقصة الرائعة من الباب الخلفي. طليب وعمر لم تعرفا الكثير عن النزاع الاسرائيلي – العربي عندما دخلتا الى السياسة، ولكن مع الاهتمام الذي تلقتاه ظهرت الاسئلة عن الشرق الاوسط. وفجأة وجدتا نفسيهما تبديان الرأي في السياسة الخارجية. وسرعان ما تدحرجتا الى العطف، الصريح أو المتردد، على حركة المقاطعة على اسرائيل. سارع ترامب لاتهامهما باللاسامية وعرضهما بانهما الوجه الحقيقي للحزب. هما تجلبان له المصوتين الانجيليين والمال من اغنياء اليهود. هذه هي المناورة.
المشكلة ليست في هاتين المندوبتين، ولا في حركة المقاطعة على اسرائيل، التي انجازاتها صفرية. المشكلة هي ان اسرائيل تفقد الحزب الديمقراطي، الذي كان على مدى السنين سند اسرائيل في الولايات المتحدة. هي تفقد منتخبيه، والاخطر من ذلك تفقد مصوتيه. انها تفقد الطلاب في الجامعات والشباب اليهود، الذين هم في اغلبيتهم الساحقة مؤيدين للديمقراطيين وينفرون من ترامب.
ما يجعل هذه المسيرة خطيرة يرتبط فقط بشكل غير مباشر بتواصل الاحتلال او بخطوات داخلية تعطي سمعة سيئة لاسرائيل، مثل التشريع المناهض للديمقراطية، اقصاء الاصلاحيين والتدين. المشكلة الاساسية هي التماثل المطلق بين اسرائيل وادارة ترامب. التيجان التي يعتمرها نتنياهو، كل هذا بخلاف قطبي مع الطريقة التي واجه فيها اوباما الديمقراطي. من يعارض ترامب يجد صعوبة أكثر فأكثر في تأييد اسرائيل.
الى هذه المسيرة تدخل طليب وعمر. عندما أعلنتا قبل اشهر انهما تعتزمان زيارة اسرائيل والمناطق تبلور في كل المستويات في اسرائيل توافق ما. فرغم تأييدهما بنصف فم للمقاطعة، فان رفض استقبالهما سيلحق ضررا اكبر مما يحقق من نفع. سيجعلهما بطلتا الحزب الديمقراطي، وسيجعل خطابهما المناهض لاسرائيل شرعيا. كان يمكن لنتنياهو ان يرى المنفعة الانتخابية: فهما ستتجولان وتشهران، وهو سيقف في مواجهتهما، يحمي اسرائيل، ينقذ اسرائيل.
ولكن ترامب طلب على نحو مفاجئ اغلاق الباب في وجهيهما. هكذا يريد وهكذا سيكون. ونتنياهو استسلم، ووقع نهائيا على صورته كعبد مطيع لادارة ترامب. اردتم صفقة قرن؟ هذه صفقة قرن دونالد ترامب.