ضباب الديون يحجب شمس دبي

 أردنيا، لم تتضح تأثيرات ما يجري في دبي على الوضع المحلي، ولكن الحدث يمثل درسا بحد ذاته، وتستحق دبي وحكامها كل الدعوات الصادقة بالخروج من عثرتها، هذا إن كان للدعوات أثر في عالم اليوم، والأمل كل الأمل أن تبادر الحكومة فعليا إلى متابعة استثمارات دبي في الأردن وتحرص أن تتم أية تصفية لها بالتنسيق معها ومع المؤسسات الأردنية المعنية كهيئة الأوراق المالية خاصة في القطاعات الإستراتيجية كالكهرباء، وأن تضع في حساباتها معالجة انكشاف الموازنة العامة وتضخم مديونيتنا وأن تبادر لسياسة تنشيط اقتصادي يستعد لاستقبال بعض مغتربينا في دبي وأن يبادر البنك المركزي بشفافية لإعلان مدى انكشاف الجهاز المصرفي الأردني على شركات دبي المتعثرة وبنوكها إن وجد.

اضافة اعلان

وتتابع الأسواق العالمية والإقليمية طلب شركة "دبي العالمية" القابضة تأجيل سداد القروض المستحقة عليها حـتى شهر أيار (مايو) 2010، ونسمع ترددات النبأ تصدر من لندن وباريس وواشنطن وطوكيو وسيئول والقاهرة وأبو ظبي، ومن البنك العالمي HSBC حول قدرة دبي على الوفاء بالتزاماتها واستعداده لدعمها، وتتوالى التصريحات التي تزيد الغموض غموضا مثل عدم ضمان حكومة دبي لقروض الشركة المتعثرة والطلب من المقرضين ألا يخلطوا بين حكومة دبي وبين شركة دبي العالمية القابضة القائمة على أسس تجارية محضة، وأن يتحملوا بناء على ذلك مسؤولية قراراتهم بإقراض الشركة المذكورة.

وباتت التقارير تصدر بالوصف والتحليل لتاريخ دبي، المدينة الدولة، ومشاريعها العملاقة وعلاقاتها بدولة أبو ظبي وإمكانية وقوفها لدعم دبي ومدى صلابة هذا الموقف الداعم.

كذلك، بانت حقيقة رغبة جمهور الدائنين والمستثمرين والمحللين الاقتصاديين بتصديق أن مشكلة دبي اصبحت تحت السيطرة، وأن حكومتها قد استطاعت حل المشكلة حيث أخضع أولئك تفكيرهم لأمانيهم، ما أبعدهم عن فهم الحقيقة.

في ظل وضع يتسم بالغموض ودرجة عالية من الضبابية في كل المجالات الاقتصادية والمالية والسياسية، بين متشائم  يرى أن الوضع اسوأ مما يبدو حتى الآن، وأن ما ظهر لا يمثل إلا جزءا بسيطا من حجم المشكلة التي تمتد جذورها عميقا في بنيان مدينة لم تجد غضاضة في منافسة عواصم مجاورة أغنى منها، وبين متفائل، يرى أن المدينة الدولة الجامحة نجحت كنموذج للحداثة والتطوير وسط بيئة محافظة ما سيمكنها من الخروج من منعطف تعثرت عنده متأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية كما تأثرت أيسلندا وأيرلندا وإسبانيا وبريطانيا واليونان وغيرها من دول العالم.

دبي حتى سنة خلت كانت قصة نجاح وحديثا على كل لسان، كما هي الآن تتصدر العناوين باختلاف أنها لم تعد قصة نجاح، بل كما بدأت التقارير ترد مشيرة إلى نقص الشفافية والطموح الجامح الممول بمديونية عالية.

محليا، الحكومة مطالبة بأن تتعظ مما يجري، فنحن نعيش في عالم قاس لا يرحم المخطئ، خاصة عندما يمد الدائنون لنا حبال قروضهم لنشنق بها أنفسنا بدءا من تجربة مصر في عهد الخديوي إسماعيل ومرورا بأزمتنا في عام 1989 والعبرة لمن اعتبر.

[email protected]