ضبط الإرهابي المتهم بتنفيذ الهجوم على مكتب مخابرات البقعة

المنطقة المحيطة بمبنى مكتب مخابرات البقعة بعد ساعات قليلة من تعرضه للهجوم الإجرامي أمس -(تصوير: أسامة الرفاعي)
المنطقة المحيطة بمبنى مكتب مخابرات البقعة بعد ساعات قليلة من تعرضه للهجوم الإجرامي أمس -(تصوير: أسامة الرفاعي)

موفق كمال ومحمود الطراونة وزايد الدخيل وحمزة دعنا

عمان - بعد ساعات عصيبة عاشها الأردنيون مع بداية أول أيام شهر رمضان المبارك عقب العمل الإرهابي بالاعتداء على مكتب مخابرات البقعة ومقتل خمسة من أفراده تنفسوا الصعداء عقب إعلان وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني أن دائرة المخابرات العامة ألقت القبض على المشتبه به في الهجوم وهو على قيد الحياة.
بالتفاصيل، وبحسب المعلومات التي استقتها "الغد"، فإن المجرم أردني الجنسية وعمره 22 عاما، واسمه محمد علي المشارفة، وكان موقوفا لدى دائرة المخابرات العامة قبل أسبوع بتهمة التراسل مع تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو صاحب أسبقيات، وله 3 قيود إرهابية، وقد سجن في العام 2012 بتهمة تجنيد ودعوة سكان مخيم البقعة لـ"الجهاد" لصالح جيش الإسلام المتعاطف مع القاعدة.
وتم القبض عليه من قبل رجال الأمن بالتعاون مع شباب من عشيرة العدوان في أحد مساجد منطقة السليحي حيث كان يختبئ بتسوية المسجد، بعدما اشتبهوا به.
وكشف مصدر أمني، في تصريح خاص لـ"الغد"، أن المشتبه به أقدم على إطلاق النار على مجموعة من المصلين ورجال الأمن، مشيرا إلى أن رجل أمن ومواطنا أصيبا خلال العملية بإصابتين متوسطتين وتم نقلهما إلى مستشفى الأمير حسين بن عبدالله.
وأضاف أن المؤشرات تدل على أن الهجوم هو حادث فردي "انتقامي" معزول، من شاب يتردد كثيرا على دائرة المخابرات العامة ويراجعها بشكل مستمر.
ووحدت الحادثة الأليمة الشعب الأردني بجميع أطيافه ومكوناته، معيدة التأكيد على صلابة الوحدة الوطنية والتفاف الأردنيين حول وطنهم.
الهجوم الإجرامي على مكتب مخابرات البقعة أمس، الذي جاء مفاجئا وصادما للرأي العام، دفع لاستنفار أمني كبير، بحثا عن الأيدي الآثمة التي وقفت وراءه وخططت له. 
وارتقت إلى السماء في الحادثة الإجرامية أرواح خمسة شهداء من القوات المسلحة، هم: رقيب أول لؤي محمد فرج الزيود، عريف هاني سليم موسى القعايدة، عريف عمر أحمد الفالح الحياري، جندي أول أحمد عبدالكريم محمد الحراحشة وجندي محمود خلف عبد الرزاق العواملة. وقد شيعت جثامين الشهداء إلى مثواها الأخير في جنازات عسكرية مهيبة عصر أمس.
من جهة أخرى أفادت مصادر مطلعة لـ"الغد" أن كاميرات المراقبة، المثبتة على مبنى مخابرات البقعة، تمكنت من التقاط صور لمركبة المجرم منفذ العملية، إلا أن هذه المعلومة عاد ونفاها وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة د.محمد المومني، حيث قال إن "الكاميرات لم تكشف هوية المركبة المستخدمة في الهجوم".
وعلمت "الغد" من مصادر أمنية، أن تنفيذ العملية تم الساعة (5:50) فجر أمس الاثنين، بالتزامن مع حلول أول يوم من شهر رمضان المبارك، حيث كانت جميع الشوارع المحيطة بالمبنى خالية من الناس والمركبات.
وسيقت العديد من السيناريوهات والتحليلات لطبيعة الهجوم ودوافعه في انتظار أن تكشف التحقيقات الرسمية عن كل التفاصيل، حيث قدرت مصادر مطلعة أن "المسلح هاجم في البداية رجل الأمن على بوابة مكتب المخابرات، وبعد أن قتله فوجئ بحضور أربعة آخرين، من زملائه توقفوا قرب المقسم، وهناك تم إطلاق النار عليهم، ما أدى لاستشهادهم جميعا".
فيما لم تستبعد سيناريوهات أخرى احتمال أن يكون الهجوم الإجرامي قاده شخص متطرف (ذئب منفرد)، غير مرتبط بتنظيم أو جهة، بينما قد يكون شخصا متربطا بعملية ضرب خلية إربد الإرهابية التي جرت قبل أشهر.
وأسعف المصابون إلى مستشفى المدينة الطبية، لكنهم ما لبثوا أن فارقوا الحياة جميعا، ومنهم من وصل متوفى.
وكانت قوات الأمن فرضت طوقا أمنيا على المنطقة التي جرى فيها الحادث الإرهابي، وبدأت التحقيقات فيها للوصول إلى المنفذين ومعرفة ملابسات الحادثة.
وبينت مصادر أمنية أن تنفيذ الهجوم على مبنى المخابرات وقتل الشهداء الخمسة تم "باستخدام سلاح أتوماتيكي (رشاش كورد)، وفق ما أفاد المختبر الجنائي الذي حضر إلى مسرح الجريمة". 
وكان المختبر الجنائي جمع عشرات الظروف الفارغة من مسرح الحادث، وتبين أنها تعود لسلاح أوتوماتيكي.
وحضر مدير الأمن العام اللواء عاطف السعودي إلى موقع الحادث، وباشر فريق تحقيق من دائرة المخابرات العامة التحقيق في ملابسات الحادث.
وتعد هذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها مبنى مخابرات البقعة لهجوم مسلح، حيث كانت المرة الأولى العام 1996، عندما مرت مركبة مسرعة وبداخلها أحد الاشخاص، أطلق عيارات نارية من سلاح أتوماتيكي تجاه المبنى، ما أدى لإصابة أحد مرتباته.
وحسب خبراء أمنيين، فإن اختيار توقيت العملية، كان القصد منه ضمان نجاحها، كما يبدو، بالاستفادة من عدم تواجد مواطنين أو مركبات، لتكون المركبة التي استخدمت قادرة على الفرار بسهولة.
وأضافوا أن "اختيار التوقيت في أول يوم رمضان ربما كان عاملا من عوامل قوة تنفيذ العملية".
وتعتبر منطقتا عين الباشا والبقعة، اللتان تقعان ضمن اختصاص مخابرات البقعة، من المناطق التي يتواجد فيها أعضاء من التيار التكفيري، إلى جانب مناطق ومدن عديدة اخرى. ومن المرجح ان تكون المنطقتان شهدتا حملة اعتقالات في أوساط السلفية التكفيرية.
ولم يستبعد خبراء أن تكون عملية الاعتداء مرتبطة بخلية إربد الإرهابية، التي استأصلتها قوات الأمن قبل ساعات من تنفيذ مخططها الإرهابي، الذي كان موجها إلى أهداف مدنية، مطلع آذار (مارس) الماضي.
وقال شاهد عيان إنه "رأى مركبة تلوذ بالفرار من أمام مبنى مخابرات البقعة، بعد أن سمع صوت صليات إطلاق عيارات نارية".
وأكد الشاهد، الذي كان برفقة مريض نزيل في مستشفى الأمير الحسين المقابل لمبنى المخابرات، أنه "سمع إطلاق عيارات نارية، وعندما نظر من إحدى نوافذ المستشفى، شاهد مركبة تلوذ بالفرار من أمام مبنى المخابرات".
وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني أعلن مبكرا أمس خبر تعرض مكتب مخابرات البقعة للهجوم إلارهابي الدنيء.
وقال المومني إن الإرهابيين "استهدفوا المقر الأمني صبيحة أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك، في دليل واضح على السلوك الإجرامي لهذه العناصر، وخروجها عن ديننا الحنيف، وأراقوا دماء زكية نذر أصحابها أنفسهم لحماية الوطن والمواطن والمنجزات".
وقال إن الأجهزة الأمنية تلاحق الجناة وتتولى التحقيق في ملابسات وظروف الهجوم الإرهابي.
وأضاف أن "الأردنيين يقفون صفا واحدا في مواجهة محاولات النيل من أمنهم واستقرارهم، وإن هذه الأفعال الإجرامية لن تزيدهم إلا تماسكا وصلابة في مواجهة كل قوى الشر والظلام، كما عبروا عن ذلك في أكثر من مناسبة وظروف سابقة".
وبين أن الأردنيين "يحتسبون شهداءهم في عليين ويسجلونهم في قائمة الشرف الطويلة، التي تضم من بذلوا دماءهم في الدفاع عن وطنهم ورسالته وأمنه واستقراره ومنجزاته".

اضافة اعلان

[email protected]