ضربة الدخل.. لا ضريبة الدخل!

كعادة الحكومة مع كل مشروع قانون جديد لضريبة الدخل تطرحه "تزرع البحر مقاثي" وتكرس جهدها لإيهامنا، نحن جمهور المتلقين، أن مشروع قانونها الجديد للضريبة سينقل الاقتصاد من مرحلة لأخرى، وسيحل بشكل سحري كل مشاكلنا الاقتصادية والمالية، وسيعمل على تسديد المديونية بأسرع وقت ممكن.اضافة اعلان
وكالعادة، فإن الحكومة للتدليل على ما تقوله، تحرص على أن تقدم لنا أيضا سلسلة أرقام صماء، لا معنى لها إن لم تقترن بإثباتات حقيقية وواقعية، وأن تنعكس قولا وفعلا على أرض الواقع، ستقول الحكومة، وهو ما قالته حقا، إن قانونها هو المنقذ للاقتصاد من الانهيار.
طبعا وزير ماليتنا لا يملك إلا تزيين القانون من دون النظر لأوجاع الناس، فهو يرى أن مشروع قانون ضريبة الدخل من أولويات الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها الحكومة للوصول إلى مرحلة الاعتماد على الذات، ويراعي العدالة الاجتماعية!، وإن ما يقرب من 90 % من الشعب لن يتأثر بمشروع القانون! طبعا لم يخبرنا الوزير كيف ذلك وكيف توصل لتلك الحقائق الورقية!.
بطبيعة الحال، تنسى الحكومة في خضم ما تقوله أن الأرقام تقول خلاف ما تقدمه، وتنسى أن هناك من بين من يطالعون قانونها الجديد من يجيد قراءة الأرقام، ويرى ما بين السطور، وأن الطبقة الوسطى ذابت في ظل سلسلة الرفع التي نشاهدها، والغلاء الذي يعم البلاد وأوجع العباد قد أدى لاندثار تلك الطبقة، وأن الطبقة الفقيرة والمعدومة سيزداد الضغط عليها أكثر مما هو عليه اليوم، وأن الدراسات التي تضع العاصمة عمان كأغلى بلد عربي ستوجع الناس أكثر من أوجاعهم الحالية.
فقد ظهرت مقارنة حديثة للأسعار نشرها التلفزيون الألماني الرسمي نقلا عن صحيفة الإيكونوميست البريطانية، أن العاصمة عمان أغلى بلد عربي، وحلت عمّان في المركز الأول عربيا و28 عالميا وفقا للمقارنة؛ أي أنها تقع ضمن أغلى 30 مدينة عالمية، فيما حلت أبو ظبي في المركز الثاني عربيا و62 عالميا، ودبي في المركز الثالث عربيا و66 عالميا، والمنامة في المركز الرابع عربيا و93 عالميا.
رغم تلك الدراسات الصادمة، تصر الحكومة على تقديم مشروع قانون للضريبة مؤلم يزيد من أوجاع الناس ويضرب المزيد من قدرتهم الشرائية، ويؤثر على مداخيلهم وأوضاعهم الاجتماعية، ويعمق الفجوة بين الناس، ما يخلف مشاكل اجتماعية لا حصر لها ويعمق منسوب الفقر في كل مناطق المملكة وليس في منطقة بعينها.
قانون الضريبة الجديد أو ضربة الدخل، ستحمل المواطن المزيد؛ حيث إنه سيدفع ضرائب ورسوما كثيرة من دون مقابل؛ فقد تمّ رفع الكهرباء في السنوات الأخيرة بنسبة وصلت إلى 25 % من دون مبرر منطقي لربطها بأسعار النفط، وتم رفع الدعم عن الخبز ورفع أسعار السلع الأساسية بنسبة وصلت إلى 10 % في حدّها الأدنى، وهو ما جاء بارتدادات عكسية على الاقتصاد بشكل عام.
طبعا قانون ضربة الدخل جاء في ظل انخفاض القيمة الشرائية للفرد وارتفاع التضخم والأسعار؛ حيث سيؤثر ذلك على قدرة المواطن على الإنفاق، وهو أحد المحركات للنمو الاقتصادي، ويضيف مزيدا من الضغوط على تحسين وتطوير العملية الاقتصادية.
الحكومة للأسف تذهب باتجاه رفع الأسعار من دون أن تقدم أي خدمات مميزة للمواطن؛ حيث إن خدمات النقل متدنية، وكذلك الصحة والتعليم وغيرهما من خدمات اجتماعية يتوجب على الحكومة أن تقدمها للمواطن.
الحقيقة الواضحة أن الحكومة لم تراعِ ظروف المواطنين في قانونها العتيد وألقت حملها كله على النواب، وهناك في "بيت العبدلي" ستمارس الحكومة هوايتها في الضغط على المشرعين لتمرير ما تريده، وستعمل بكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة لإنجاز مشروع القانون كما تريده بنسبة تقترب من 80 % بحدها الأدنى.