ضريبة المبيعات في النموذج الاقتصادي الجديد

أحمد عوض احتل موضوع بناء نموذج اقتصادي جديد في الأردن حيزا كبيرا في النقاشات التي جرت خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقده المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأسبوع الماضي بالتعاون مع غرفة صناعة الأردن. وطرح خلال المناقشات التي امتدت على مدار يومين العديد من الأفكار حول دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في هذا النموذج، الى جانب قضايا أخرى ذات علاقة بخصائص هذه النموذج وإزالة المعوقات التي تحول دون تحريك عجلة الاقتصاد الوطني التي تعاني من التباطؤ الاقتصادي من ما يقارب عشر سنوات. ولتوسيع النقاش حول النموذج الاقتصادي الجديد وملامحه، وإلى جانب القضايا المتعلقة بسيادة القانون والإصلاح السياسي بمختلف أبعاده كمتطلب إجباري لنجاح أي نموذج اقتصادي، فإن السياسات المالية، وعلى وجه الخصوص الضريبية، تشكل مكونا أساسيا من مكونات هذا النموذج الى جانب السياسات التجارية والنقدية الأخرى. لا خلاف في الأردن على أهمية وضرورة بناء نموذج اقتصادي جديد يسهم في إيجاد حلول لمختلف الاختلالات والتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي نواجهها، ويقف على رأسها اتساع رقعة الفقر لدى العاملين وغير العاملين كعنوان أساسي للتفاوت الاجتماعي في الأردن، الى جانب الارتفاع الكبير في معدلات البطالة، وخاصة بين الشباب والنساء. وتشكل السياسات الضريبية، كإحدى أدوات السياسات المالية، مدخلا أساسيا لبناء نموذج اقتصادي جديد يأخذ بعين الاعتبار تحفيز الاقتصاد الأردني من جهة ومعايير العدالة الضريبية والاجتماعية من جهة أخرى، الأمر الذي سيسهم في تخفيف الاختلالات والاحتقانات الاجتماعية وتعبيراتها الاحتجاجية شبه الدائمة في الأردن. وفي هذا السياق، يتوقع من الحكومة الإعلان عن برنامج زمني تدريجي لتخفيض الضرائب غير المباشرة بمكوناتها الأساسية الثلاثة؛ الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية، لإعادة التوازن الى هيكل الإيرادات الضريبة. نتوقع ذلك لأن قانون ضريبة الدخل الجديد أنهى مراحله الدستورية كافة، كما أرادته الحكومة والمؤسسات المالية الدولية، وسيبدأ العمل به مع بداية العام الجديد. ورئيس الحكومة أعلن في أكثر من مناسبة أن النظام الضريبي في الأردن غير عادل، وأكد فيها أن اختلال هيكل الإيرادات الضريبية هو سبب غياب العدالة عنه؛ حيث إن ثلاثة أرباع الإيرادات الضريبية مصادرها الضرائب غير المباشرة والضريبة العامة على المبيعات على وجه الخصوص. الكرة الآن في مرمى الحكومة، للعمل وبشكل متدرج وفي إطار جدول زمني معلن لإعادة هيكلة الإيرادات الضريبية، لدفعها نحو معايير العدالة الضريبية والاجتماعية ولتقترب الى النقطة التي تتساوى فيها الإيرادات الضريبية المباشرة (ضريبة الدخل) مع الإيرادات الضريبية غير المباشرة على الأقل. إن الأولوية، أن يتم العمل على تحفيز الاقتصاد من جانب، ووضع حد للارتفاعات المتتالية لتكاليف المعيشة التي أرهقت قطاعات واسعة من المواطنين، ووصلت الى مستويات تقارب الدول الغنية التي تزيد فيها معدلات الدخول (أجور ورواتب) عليها في الأردن أضعافا عديدة، ومن شأن ذلك أيضا أن يخفف من حدة التفاوت الاجتماعي وبالتالي الاختلالات والاحتقانات الاجتماعية.اضافة اعلان