ضعف الاستثمارات وانتظار الوظيفة يجعلان "البلقاء" الأعلى نسبة في البطالة

مشهد عام لمدينة السلط في محافظة البلقاء -(الغد)
مشهد عام لمدينة السلط في محافظة البلقاء -(الغد)
محمد سمور البلقاء- فيما أظهر تقرير دائرة الإحصاءات العامة الربعي، الذي أصدرته الدائرة قبل أيام، أن محافظة البلقاء، سجلت أعلى معدل للبطالة بين محافظات المملكة الأخرى، وبنسبة بلغت 28.2 %، طالب معنيون بضرورة إيجاد مشاريع استثمارية في المحافظة من شأنها توفير فرص عمل بشكل يقلل تلك النسبة المرتفعة، ويحد من تفاقمها. وطالبوا كذلك جيل الشباب بالقفز عما يعرف بـ"ثقافة العيب" وعدم انتظار الوظائف، لا سيما في القطاع الحكومي، مثلما دعوا إلى الإقبال على المهن وتحديدا من خلال مؤسسة التدريب المهني التي يمكن للشبان والفتيات أن يخوضوا تجارب فيها تؤهلهم لسوق العمل بمهن تناسبهم وتحقق لهم دخلا مرضيا. الشاب سيف العيسى، الذي يعمل في خدمة التوصيل المنزلي بإحدى الشركات، رغم أنه خريج جامعي منذ 3 أعوام بتخصص اللغة العربية، يقول إن حال محافظة البلقاء التي يعيش فيها، لا يختلف كثيرا عن بقية المحافظات، مشيرا إلى أن البطالة تضرب في كل مكان، وفاقمتها جائحة كورونا أكثر. وأضاف، "إلا أن محافظة البلقاء بالفعل تحتاج إلى مشاريع أو استثمارات تستغل طاقات الشباب، وتساعدهم على إيجاد فرص عمل مناسبة"، معتبرا أن الوظائف الحكومية في ظل الأوضاع الحالية باتت صعبة جدا في غالبية القطاعات. الشاب مراد العبادي، يرى من جهته، أن "ثقافة العيب" ما تزال حاضرة عند كثيرين، وهي السبب الأساسي في ارتفاع معدلات البطالة ليس فقط بمحافظة البلقاء، إنما في مختلف أنحاء المملكة، قائلا بهذا الخصوص، "إن طبيعة مجتمعنا بشكل عام تمنع الشباب من الإقبال على فرص العمل بوصفها لا تليق بسمعته أو سمعة عائلته". وأضاف العبادي الذي يعمل "حلاقا"، أن الشاب المضطر فعلا للعمل سيجد الكثير من الفرص، حتى لو كانت هذه الفرص غير مغرية، إلا أن أهميتها تكمن في سد جزء من الاحتياجات والمصاريف من جهة، ومن جهة أخرى، هي أفضل من البقاء بلا عمل أو أي دخل". لكن الشاب يعرب المصري، يختلف إلى حد بعيد مع العبادي، معتبرا أن "ثقافة العيب" تلاشت كثيرا في ظل تراجع الأوضاع المعيشية بسبب جائحة كورنا، فالأمر من وجهة نظر المصري، يتعلق بقلة فرص العمل وقلة الأجور، خصوصا إذا كانت فرص العمل لمن يسكن بمحافظة البلقاء، موجودة في عمان أو غيرها. ووفق المصري، لا بد أن تعمل الحكومة والقطاع الخاص، على التفكير بمشاريع تستهدف محافظة البلقاء، بما يضمن تخفيض نسب البطالة، ويستثمر في طاقات الشباب وعقولهم. من جهته، أشار رئيس غرفة تجارة السلط، سعد بزبز الحياري، إلى أن محافظة البلقاء، شهدت متأخرا إنشاء مدينة صناعية، مقارنة بالعاصمة عمان، والعديد من المحافظات الأخرى، مثل الكرك والمفرق. وأضاف الحياري لـ"الغد"، أن "البلقاء ورغم أنها منفصلة عن العاصمة، إلا أنها متداخلة معها بسبب القرب، وبالتالي يلجأ المستثمرون للعاصمة لأن النشاط التجاري والحركة فيها أكبر، مع توفر الأيدي العاملة بكثرة، وهو أيضا ما يصعب حصول أبناء المحافظة على فرص عمل في العاصمة". كما تطرق إلى أن منطقة الأغوار الجنوبية، تقع ضمن محافظة البلقاء، وهي منطقة تشهد نسب بطالة عالية فيها، وترفع النسب بالمحافظة ككل. الحياري، يطالب الحكومة بالعمل على توجيه المستثمرين لإقامة مشاريع بالمحافظة واستغلال التسهيلات والميزات الموجودة فيها، مشيرا إلى أن هذا الدور لا يقتصر على الحكومة فحسب، إنما يمتد لجميع الجهات الوطنية المعنية. كما دعا الشباب إلى عدم انتظار الوظائف الحكومية، كون "مؤسسات القطاع العام مشبعة"، واللجوء إلى الانخراط في القطاع الخاص، أو إنشاء مشاريع صغيرة من شأنها أن تدر عليهم دخلا مناسبا. الخبير الاقتصادي، الدكتور وجدي مخامرة، عزا سبب تصدر "البلقاء" في نسب البطالة، إلى عوامل تراكمية في ظل تراجع النشاطات الاقتصادية وتراجع حجم الاستثمار على المستوى الكلي ومستوى المحافظات. وأكد مخامرة لـ"الغد"، أن التشريعات المتعلقة بالاستثمار وكذلك الحوافز تعد غير جاذبة ولا يمكن لها أن تستقطب المستثمرين إلى المحافظات "كونها غير محمسة". ولم يغفل مخامرة عن دور جائحة كورونا، لافتا بهذا الخصوص، إلى وجود العديد من أبناء البلقاء، كانوا يعتمدون على امتلاكهم مشاريع صغيرة ومتوسطة الأجل، لكنهم خسروها في ظل الجائحة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة في المحافظة، مشيرا كذلك، إلى وجود من ينتظر الوظيفة الحكومية من خلال ديوان الخدمة المدنية أو انتظار فرصة للالتحاق بالأجهزة الأمنية، ولا يفكر أو يسعى لغير ذلك. وأضاف، أن دور البلديات يجب أن يكون أكثر فاعلية وتمكين بما يؤدي إلى جلب استثمارات تتماشى وطبيعة المحافظة، مؤكدا بهذا الخصوص، أنه لا توجد دراسات جدوى اقتصادية لأي مشاريع يمكن أن تستقطبها المحافظة للقطاع الخاص أو أي مستثمر أجنبي يمكن أن يدخل في البلقاء. وبالعودة إلى تقرير "الإحصاءات العامة"، فقد أظهر أن معدل البطالة في الأردن بلغ خلال الربع الثاني من العام الحالي 24.8 %، بانخفاض مقداره 0.2 نقطة مئوية عن الربع الأول من العام نفسه، وبارتفاع مقداره 1.9 نقطة مئوية عن الربع الثاني من العام 2020. وبحسب التقرير، بلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الثاني من العام 2021 (22.7 %)، مقابل (33.1 %) للإناث، حيث ارتفع معدل البطالة للذكور بمقدار 1.2 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 4.5 نقطة مئوية، مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي، وبمقارنة معدل البطالة للربع الثاني مع الربع الأول للعام 2021، يتضح أنّ معدل البطالة قد انخفض للذكور بمقدار 1.5 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 4.6 نقطة مئوية. وبين التقرير، أن معدل البطالة كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي)، حيث بلغ 31.1 % مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى، فيما أشار إلى أن 56.7 % من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 43.3 % من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي. كما أظهر التقرير، أنه تباينت نسبة المتعطلين حسب المستوى التعليمي والجنس، حيث بلغت نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس فأعلى 31.2 % مقابل 83.4 % للإناث، وبلغ معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية 15-24 سنة 48.5 % للمجموع (43.6 % للذكور مقابل 71.6 % للإناث).اضافة اعلان