ضغوط الحياة والمشاعر السلبية.. كيف تولدان الأمراض الجسدية؟

Untitled-1
Untitled-1

ديمة محبوبة

عمان– "حياتنا العصرية مربكة تتعب النفس والفكر كثيرا".. بهذه الكلمات تصف خولة أبو الهيجاء ما تشعر به في خضم تفاصيل لا تنتهي، وتنعكس عليها نفسيا وجسديا. اضافة اعلان
الحياة اليومية، وفق خولة عبارة عن مسؤوليات وأعمال تتطلب الكثير من الوقت، عدا عن التفكير المرهق طوال الوقت، في وقت يسعى به الشخص لإثبات ذاته في محيط قد يحاربه، ما يضاعف من شعور الفرد بالإكتئاب، وتزايد نسبة الأمراض.
وتلفت إلى أنها تبلغ من العمر (38 عاما)، وتصاب بأوجاع بدنية متتالية، وتشعر بالإرهاق دائما، وتحديدا عندما تصحو من النوم، وكأنها تخطت سنوات عديدة في وقت قصير، وهذه الحالة لا تقاس عليها وحدها، فالكثير من فتيات جيلها يشعرن بذلك أيضا، وفق قولها.
ويرى اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة بأن الحياة المتسارعة زادت من نسبة المتاعب النفسية، خصوصا مع استخدام التكنولوجيا بشكل مستمر، وتقيد الفكر والحياة الشخصية بها، وحتى الحياة الأسرية، وكل ما يدور في حياة الفرد، أصبح أمرا مرهقا للجسد والفكر والعقل، ما يؤثر على النفس.
ويؤكد أن طبيعة الحياة السريعة والعصرية تتطلب الكثير من الجهد والوقت، واستنفدت الطاقات بالكثير من الجهد الفكري، ما شكل عبئا على الصحة النفسية.
ويلفت مطارنة إلى أن الحياة المتسارعة بمتطلباتها المتزايدة جميعها تؤثر على النفس بشكل سلبي، ما يجعل ضررها على سير الحياة صعبا ومؤثرا على الصحة العامة للجسد.
ويعرف مطارنة بأن الضغط النفسي عادة ما يكون من مشاعر سلبية، ناتجة عن عدم التوازن بين النفس والجسد، أو بين المهمات المطلوبة والقدرة على أدائها، أو الوقت الكافي لأدائها أو عدم القدرة على التكيف مع الأحداث الحياتية، وينتج هذا تفاعلا جسديا نفسيا يظهر بشكل أعراض مزعجة أو مشكلات نفسية أو جسمية.
ويستذكر عون محمود حياته في المرحلة الجامعية، إذ كانت أكبر همومه علاماته نهاية الفصل، وكيفية تيسير حياته الاجتماعية بالطريقة المثلى لشاب مثله في الجامعة.
أما اليوم، فيرى أن متاعبه النفسية جراء ضغوط الحياة التي يعيشها، تؤثر عليه سلبا، فالعمل والضغط النفسي الذي يتعرض له، وانعدام الأمان الوظيفي، والاختلاط بأشخاص سلبيين، كذلك شؤون أسرته واحتياجات أبويه، ومشاكل اشقائه والظروف المالية الصعبة، ومدارس الأولاد، وأحلامه التي لم تتحقق، كلها باتت تشكل عبئا مضاعفا عليه يمنعه من الاستمتاع بأوقاته.
ويكمل، "الحياة سريعة، حتى متطلباتها، فما أن يأتي الليل علي حتى أشعر بأن قواي منهكة تماما"، ولا أحتمل شيئا جديدا.
ويصف مطارنة أن الضغوط النفسية من الممكن أن تكون إيجابية، وهي عادة ما تكون قبل النجاح الدراسي أو العملي أو حتى في العلاقات الأسرية والاجتماعية، وهناك الضغوط النفسية السلبية، وهي الأكثر تأثيرا على الصحة، إما لحدوثها بعد صدمة أو ضغط حياتي أو مصائب أو نتيجة لعدم التحكم بها.
ويلفت، إلى أن هناك ضغوطا سلبية هي من بناة أفكار الفرد ذاته، فالشخص الذي يعيش في كآبة أو قلق معين هو الذي يبادر لذهنه الأمور السيئة.
ويؤكد اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع أن الفرد عليه أن يستوعب أن الحياة متذبذة يوم جميل، ويوم سيئ، ويوم لا معنى له، لكن عليه أن يكون القائد قدر الإمكان لتلك الأيام جميعها، ويحاول تحقيق التوازن بها، ليحقق التوازن النفسي، ويعيش بشكل أفضل، ويبني مستقبلا أفضل له ولعائلته ولمجتمعه.
ويؤكد أن بعض القلق والمشاعر السلبية عادة يكون حافزا وشرارة أمل لحاضر ومستقبل أجمل.
ويشير إلى أن الكثير من الدراسات الطبية تظهر أن المشكلات السلبية والتفكير السلبي يمكن أن تؤثر على صحة الجسد وترهقه حقيقية، ولذلك على الفرد أن يتحكم بذاته ويقوم بتسوية الأمور قدر المستطاع ليحقق الصفاء والتوازن.
حالة أبو أيمن وما وصل له بعد تعرضه لأزمة قلبية حادة شفي منها بصعوبة، بعد أن كان "يعطي الأمور أكثر من حجمها" على حد تعبيره، مؤكدا، أن الأهم هي صحة الفرد، ولا شيء قبلها.
وبحكم تجربة أبو أيمن يشير إلى ضرورة أن يعلم الفرد بأن الضغوط موجودة وبكثرة، ولا يمكن التحكم بالكثير منها، لكن من الممكن التحكم بالنفس وإدارة انفعالاتها وتحسين نوعية الأفكار لمواجهة الضغوط بدون متاعب تذكر، وهذه النصيحة على حد تعبيره يوميا يذكر نفسه بها، ويتحدث بها أمام الآخرين.
ويؤكد اختصاصي الطب العام د. مخلص مزاهرة بأن الضغوطات النفسية والتفكير السلبي نقطة جذب للكثير من الأمراض وأهما الضغط والسكري، وهما يؤثران بشكل كبير على حياة الفرد وسلوكياته اليومية، ولهما مضاعفات أخرى كحدوث التجلطات.
والتفكير السلبي يجعل الجسد مرهقا لا طاقة فيه، وفق مزاهرة، مما يقلل من المناعة ويجعل الجسد معرضا لأي مرض بسيط إلا أنه يفتك بصاحبه من شدة التعاسة والصورة السلبية.
وينصح مزاهرة بأن الكثير من التصرفات يمكن أن تبدد الرؤية السوداء، منها تغيير نمط الفكر وذلك يأتي مع التدريب. بالإضافة إلى استخدام بعض المهارات السلوكية، التي يمكن من خلالها السيطرة على ما يواجه من ضغوط كممارسة الاسترخاء والتأمل فذلك مفيد في كل أنواع الضغوط.
إلى ذلك، ممارسة الرياضة فهي تعود بالنفع وطرد الطاقة السلبية من حياة الفرد، وجعله أكثر صحة ونشاطا ومناعة. وفق مزاهرة.
وينصح بالاهتمام بالجانب الاجتماعي، لما له من أثر في الاحتواء والدعم، من خلال مجالسة الأشخاص الإيجابيين الذين يمدون الفرد بالطاقة الإيجابية للمواصلة، وكذلك بالتواصل مع الأصدقاء.