ضمان

ليس من المعقول أن تبقى مؤسسة مهمة مثل الضمان الاجتماعي بلا مديرعام لشهورعديدة، الا اذا كان دور المدير العام هامشيا وغيرمؤثر، وبالتالي فلا حاجة لوجوده مع راتبه الضخم، وعضويته في مجالس ادارة عديدة يمثلها بحكم موقعه. سنسمع من الحكومة ان السبب هو الشفافية ومراجعة الطلبات المقدمة، لكن هذه الشهور تكفي لاختيار قائد لحلف شمال الاطلسي او امين عام للأمم المتحدة وليس مديرا للضمان.

اضافة اعلان

مؤسسة الضمان تتحدث دائما عن الدراسات الاكتوارية الخاصة بمستقبل المؤسسة، لكن ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن "الضمان" تمثّل المظلة الرئيسية الآن لموظفي الدولة والقطاع الخاص، اي مستقبل كل العائلات الاردنية، وعلى المؤسسة ان تقنع متقاعديها انها ضمان لهم بعد التقاعد من الحاجة والشيخوخة وارتفاع الاسعار، اي قادرة على تأمين متطلبات الحياة الكريمة والاساسية.

الحد الأدنى للأجور اصبح (115) دينارا بانتظار الخطوة الاخيرة بقرار من مجلس الوزراء، وهذا يعني انه لا يجوز ان تكون هنالك رواتب في القطاعين العام والخاص اقل من هذا الرقم، ومن ذلك تقاعد المواطن سواء كان من الحكومة او الضمان الاجتماعي، فليس معقولا ان متقاعدا من الضمان يتقاضى راتبا اقل من (100) دينار ونتوقع ان يكفيه لأجرة بيت وفواتير وخبز وشاي.

مؤسسة الضمان مسؤولة باتجاهين؛ الاول ان تحسن ادارة واستثمار المليارات التي لديها من اشتراكات الناس بأقصى قدر من الارباح، وهذه المليارات تزداد كل يوم عبرالاشتراكات الشهرية. والاتجاه الثاني تقديم خدمة حقيقية لمتقاعديها بحيث يكون الراتب التقاعدي كافيا لتأمين الحياة بعد التقاعد، وبخاصة ان من يحصل على تقاعد الضمان يكون قد تجاوز عمره (60) عاما، اي لا فرصة امامه للعمل او زيادة دخله، وادنى مواصفات تقاعد الضمان ان يحقق الامان للمتقاعد واسرته من الشيخوخة والتزاماتها المالية.

على مؤسسة الضمان أن تمارس قراءة التطورات التي طرأت على مستويات المعيشة، والقيام بموازنة عادلة بين الحرص على معادلة خاصة بالدراسات الاكتوارية وبين حاجات المتقاعدين وضرورة تعديل رواتبهم بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي العام.

اذا كانت رواتب الضمان قائمة على دراسة وابحاث، فإن ذلك يقتضي صياغة هذه الرواتب، وبخاصة للطبقات الفقيرة، وفق اسس مناسبة، فمن المفهوم ان تقوم "الضمان" بزيادة الرواتب لتصل في حدها الادنى مثلا الى (150) دينارا، وتعلن للناس ان هذا الرقم سيبقى ثابتا لخمس او ست سنوات مثلا، بما يتناسب مع حق الناس في رواتب معقولة، ويساهم في حل مشكلات الناس ويقلل من معاناتهم.

ما نتحدث عنه ليس طلب قرارٍ بزيادة خمسة او عشرة دنانيرعلى رواتب المتقاعدين، لكن ما دمنا نتحدث عن الامان الاجتماعي ومحاربة الفقر وتوفير متطلبات الحياة للناس، فإن عدم توفير رواتب معقولة لفئات من المتقاعدين يعني خدمة للفقر وتعميقا لحاجة اجتماعية سلبية.

مطلوب من "الضمان" ان تمارس مسؤولياتها تجاه متقاعديها عبر اعادة النظر بهيكل الرواتب ومعادلاتها، وبخاصة لطبقة صغار المتقاعدين، وهم الأكثرية، حتى لا تتحول المؤسسة الى عبء على مشتركيها بدل ان تكون ضمانا لمستقبلهم.

[email protected]