طاولة المفاوضات الفارغة

هآرتس

 أسرة التحرير

أزالت الولايات المتحدة مسألة القدس عن طاولة المفاوضات، صرح الرئيس دونالد ترامب على الملأ في اثناء اجتماع المنتدى الاقتصادي في دافوس. صحيح أن هذا ليس تصريحا جريئا، ولكن عندما يكرره الرئيس الأميركي المرة تلو الاخرى، فمثله كمثل الساحر الذي لم تنجح حيلته في المرة الاولى يجربها مرة اخرى. ان المشكلة المركزية في هذا التصريح العليل هي انه لا توجد على الاطلاق مفاوضات يمكن أن تحمل عليها أو تسقط منها المواضيع الجوهرية. كما أنه لا توجد خطة او مبادرة أميركية تعرض الاسس التي يمكن على اساسها بدء مفاوضات سياسة، مع أو بدون القدس، وبالأساس – لا يمكن أن تجرى مفاوضات دون أن تكون مكانة القدس جزءا لا يتجزأ منها.اضافة اعلان
اذا كانت إزالة المواضيع موضع الخلاف عن طاولة المفاوضات هي التكتيك الجديد لمن وصف نفسه كالخبير الاكبر لعقد الصفقات، يمكن على ما يبدو أن نتوقع للمواضيع الاخرى أيضا، مثل مسألة اللاجئين، مكانة المستوطنات وترسيم الحدود، ستجد نفسها في ذات سلة المهملات التي اقامتها الادارة. اذا كان هذا هو وجه "صفقة القرن" التي يحلم بها ترامب، فيمكن أن نقول ان الولايات المتحدة قررت التخلي عن كل دور في المسيرة السياسية.
ان بهجة بنيامين نتنياهو من موقف ترامب مفهومة، ولكنها كاذبة. إذ على أي موقف أميركي يمكن لنتنياهو أن يعتمد؟ على ذاك الذي يزيل مشكلة القدس عن البحث، أم على ذاك الذي بموجبه الاعتراف بالقدس لا يحدد الحدود النهائية للمدينة. كلاهما قالهما ذات الرئيس، والواحد يتعارض مع الآخر. ومع أن نتنياهو صرح بان لا بديل عن الولايات المتحدة كوسيط في المفاوضات مع الفلسطينيين، "بصفتها الجهة الموجهة الاكثر نزاهة" ولكن هو أيضا لا بد انه يعترف بان اخفاء المسائل الجوهرية ليس فقط لا يمكنه أن يحدث مفاوضات بل من المتوقع له أن يصعد خطر المواجهة مع الفلسطينيين.
إن تثبيت الحقائق السياسية بشكل احادي الجانب، تهديد السلطة الفلسطينية بقطع المساعدات المالية والتقليص الكبير في تمويل وكالة غوث اللاجئين للأمم المتحدة، هي أداة العمل التي بواسطتها يصنع ترامب تابوت المسيرة السياسية. هذه هي أدوات خادعة مثل عصا الساحر، تخلق الوهم بأن ترامب يعمل في صالح إسرائيل، يحرص على أمنها ويؤهل من خلالها التربة لمسيرة سلمية. العكس هو الصحيح. ترامب، بسلوكه عديم التفسير والغاية، سيؤدي إلى أن تضطر إسرائيل لأن تتحمل وحدها النتائج الهدامة لسياسته. حكومة ملزمة بأن تفهم الخطر الذي يضعه الرئيس الأميركي على بابها، وأن يصيغ على الفور خطة سياسية جديرة ومقبولة.